بوتيرة يومية، تشهد الضفة الغربية منذ مطلع عام 2022 عمليات قتل متعمدة يرتكبها جيش الاحتلال بحق فلسطينيين، إثر أوامر إطلاق نار جديدة تلقّاها الجنود، وذلك دون أن يشكل الفلسطينيون أي خطورة على الجيش.
ووصل عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلتين منذ مطلع العام الجاري إلى 156، بحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة.
ومنذ فجر أمس الثلاثاء استشهد 6 فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في مناطق متفرقة بالضفة.
وأظهرت مقاطع فيديو إطلاق جنود الاحتلال النار على أحد الشبان من ملقي الحجارة، وقتله بشكل متعمد رغم هروبه من ساحة المواجهات وعدم تشكيله أي خطر على حياة الجنود.
إفلات من العقوبة
وفي هذا الصدد، يرى مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية " شمس"، عمر رحال أن التساهل في قتل الفلسطينيين مرتبط بدخولهم في البازار الانتخابي الإسرائيلي واستخدام الدم الفلسطيني كورقة انتخابات.
ويقول رحال لوكالة "صفا": "هذا العام تغيرت قواعد إطلاق النار بالنسبة لجيش الاحتلال؛ وبالتالي أُصدرت أوامر جديدة بإطلاق النار حتى على الأشخاص المُدبِرين؛ بمعنى منح الجنود الحق بقتل الفلسطينيين حتى عندما يستدير بظهره ويهرب بعد إلقائه حجرًا".
ويوضح أن "هذا الأمر يدلل على التساهل في القتل حتى لو لم يشكلوا أي تهديد على حياة الجنود".
ويضيف: "هناك إفلات من العقوبة؛ فالجندي عندما يطلق النار ويقتُل بدم بارد؛ لا يوجد من يعاقبه قانونيًا، الأمر الذي يؤدي إلى إيقاع مزيد من الضحايا بين الفلسطينيين".
ويشير إلى بعد عنصري واستعلائي في هذا الجانب؛ "لأن العقيدة العسكرية الإسرائيلية تقوم على الدمار والخراب كما هو معهود عن اليهود تاريخيًا".
المطلوب فلسطينيًا
وحول ما هو مطلوب من الفلسطينيين بمستوياتهم كافة، يقول رحال إن المستوى الرسمي مطلوب منه أكثر باعتبار أنه يستطيع الذهاب إلى المحافل الدولية خاصة المحكمة الجنائية أو محكمة العدل الدولية.
ويشير إلى أهمية دور الفصائل والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني على المستوى الدولي سواء كان ذلك بالتواصل مع المنظمات الدولية أو مع المقررين الخاصين للأمم المتحدة، إضافة للعمل على مستوى سفاراتنا وقنصلياتنا ودبلوماسيينا.
ويتابع رحال، "يجب أن نفعل الدبلوماسية الشعبية والعامة وأن نفعل التواصل مع البرلمانيين والحزبيين للضغط على حكوماتهم لتوفير الحماية للفلسطينيين والضغط على الاحتلال للالتزام بالقانون الدولي".
تعليمات خطيرة
من جهته، يقول مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عمار دويك إن تعليمات إطلاق النار لدى جيش الاحتلال، خطيرة جدًا ولا تتفق مع المعايير الدولية في موضوع استخدام القوة المميتة.
ويضيف في حديث لوكالة "صفا"، "يتم إدخال تعديلات جديدة على هذه التعليمات باستمرار باتجاه تسهيل إطلاق النار على الفلسطينيين والهدف من ذلك هو إعطاء الحماية القانونية لجنود الاحتلال والتغطية على جرائمهم في الميدان بحق الفلسطينيين".
ويلفت دويك إلى أن أخر تعديل طرأ على تعليمات إطلاق النار كان في ديسمبر 2021، ومنذ ذلك الوقت شهدنا تصاعدا في عمليات القتل والإعدامات الميدانية.
ويوضح أن "جوهر التعليمات الجديدة أن الجندي يستطيع إطلاق النار واستخدام القوة المميتة لدى شعوره بأبسط اشتباه".
ويؤكد دويك أن هذه الإعدامات تتم دون أي محاسبة أو مساءلة لجنود الاحتلال لأن التعليمات تحميهم.
ويتابع،" نحن كمؤسسات حقوقية نتابع هذا الأمر بشكل مستمر، ووزارة الخارجية الفلسطينية قدمت ملفا لمحكمة الجنايات الدولية حول موضوع الإعدامات الميدانية يوضح أن ما يجري هو سياسة قتل خارج إطار القانون بحجج واهية وليس حوادث معزولة".
ويشدد دويك على أن معظم الفلسطينيين الذين أعدموا لم يكونوا يشكلوا أي خطر على حياة الجنود لدى قتلهم.
ويبين أن "المسار السياسي والقانوني نسلكه بشكل جيد وهناك رصد ومتابعة وكتابة تقارير من جانبنا كمؤسسات حقوقية بشكل مستمر".
مشكلة جوهرية
ويرى دويك أن المشكلة الجوهرية التي تواجهنا كفلسطينيين تتمثل في ضعف إنفاذ القانون الدولي، موضحًا أن إنفاذه متعلق بإرادة الدول وهي معلقة بقرار سياسي وبالتالي هناك تسييس في هذا الجانب.
ويشير إلى أن هناك توجه دولي في الوقت الحالي بعدم محاسبة إسرائيل على جرائمها.
وحول موضوع اللجوء للمحكمة الجنائية بشأن جرائم الاحتلال، يقول دويك:" لا نجد تقصير في موضوع استخدام الجنائية الدولية، بل على العكس نجد أحيانا أن الخطاب السياسي يبالغ في اللجوء إليها".
ويضيف أن "هناك لجنة وطنية لمتابعة موضوع انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية، إضافة لإعداد ملفات نستعين بها بخبراء دوليين للذهاب لها للمحكمة".
ويؤكد دويك أنه تم تسلم عدد كبير من الملفات والإحالات من وزارة الخارجية الفلسطينية للمحكمة الجنائية حول جرائم ارتكبها الاحتلال، مؤكدا أن المشكلة تعود لعدم إنفاذ القانون.