تُخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلي لبناء 100 وحدة استيطانية جديدة و275 غرفة فندقية عند مدخل بلدة جبل المكبر جنوب شرقي القدس المحتلة، بغية توسيع مستوطنة "نوف صهيون"، كي تصبح أكبر مستوطنة داخل الأحياء المقدسية.
ويواصل الاحتلال استهدافه بشكل كبير وممنهج للبلدة المقدسية، عبر إقامة المشاريع الاستيطانية والفنادق والمراكز التجارية، وهدم منازل المقدسيين، بهدف تهويدها، وفصلها عن محيطها، وإحاطتها بالمستوطنين والمستوطنات.
وتناقش لجنة "التخطيط المحلية" الإسرائيلية في القدس الأسبوع الجاري الخطة، والتي من شأنها أن تساهم ليس فقط بتوسيع المستوطنة المذكورة وحجمها بشكل كبير، وإنما ستربطها أيضًا بالمستوطنة المجاورة شرق تلبيوت "أرمون هنتسيف".
وبحسب جمعية "عير عميم" اليسارية الإسرائيلية، فإنه وفي حالة الموافقة على الخطة، فإنها ستحول "نوف صهيون" من جيب معزول للمستوطنين إلى امتداد مبني متجاور لمستوطنة "شرق تلبيوت"، مما سيقطع عمق جبل المكبر.
ولفتت إلى أنه تم تضمين قطعة الأرض المخصصة للتوسع الاستيطاني في مصادرة الأراضي الكبيرة التي نفذتها "إسرائيل" في القدس قبل عقود.
وأضافت أن "سلطة الأراضي" الإسرائيلية قامت منذ تسعينيات القرن الماضي، بتأجير قطعة الأرض لشركة (استثمارات كيلاس) الأجنبية، والتي يملكها إسرائيليون، وكانت وراء الترويج لمستوطنة "نوف صهيون"، حيث قدمت الشركة نفسها الخطة الحالية للتوسع الاستيطاني، المعروفة باسم "نوف زهاف".
وحاليًا، يشغل مركز شرطة "عوز" الإسرائيلي جزءًا من قطعة الأرض المخصصة لهذا التوسيع، وتؤجر شركة "كيلاس" الأرض لشرطة الاحتلال منذ سنوات عديدة، ما مكن هذا الترتيب الشركة من الاستمرار في وضع اليد على الأرض لمدة 30 عامًا، رغم عدم الشروع في البناء الخاص بها.
والخطة الأولية لتوسيع المستوطنة هي في مراحلها الأولى من عملية الموافقة، في حين أن خطة نقل مركز شرطة "عوز" إلى قطعة أرض قريبة في مرحلة متقدمة، وتمت مناقشة الاعتراضات المقدمة ضد الخطة في يناير/ كانون الثاني 2022، ومن المتوقع اتخاذ قرار في المستقبل القريب.
وأشار المعترضون من جمعية "عير عميم" وأهالي جبل المكبر، إلى إساءة استخدام قطعة الأرض، مع الأخذ بالاعتبار النقص الحاد في المباني العامة، وخاصة المدارس وغياب تقييم مناسب لاحتياجات المجتمع، وبدلًا من تخصيص المساحة المفتوحة لتلبية الاحتياجات العامة للبلدة، تنوي سلطات الاحتلال استغلالها في إنشاء قاعدة عسكرية ضخمة على أطراف البلدة.
عزل وتهويد
المختص في شؤون الاستيطان بسام بحر يقول لوكالة "صفا" إن الاحتلال يسعى من خلال تكثيف مخططاته الاستيطانية، إلى تنفيذ مشروعه لتهويد القدس وفصل شمالها عن جنوبها.
ويوضح أن خطة الاحتلال لبناء 100 وحدة استيطانية في جبل المكبر تهدف في حال تنفيذها، إلى خلق منطقة عازلة في البلدة عن طريق توسيع البؤرة الاستيطانية وربطها مع منطقة "تلبيوت"، وفصل جبل المكبر عن محيطها، والمدينة المقدسة عن المنطقة الجنوبية.
ويؤكد أن سلطات الاحتلال تريد إقامة حزام استيطاني حول القدس بشكل عام، والمسجد الأقصى المبارك خاصةً، ضمن الخطة الاستيطانية التي تسعى لتنفيذها في كافة أحياء وبلدات القدس.
ويشير إلى أن هناك يوميًا قرارات إسرائيلية لبناء وحدات استيطانية في المدينة المحتلة، كما حدث مؤخرًا، من الإعلان عن مخططات استيطانية تستهدف محاصرة حي الشيخ جراح وربطه مع منطقة الجامعة العبرية وحي وادي الجوز، لفصله عن المسجد الأقصى.
وفي حال تمت الموافقة على الخطة الجديدة، ونقل مركز الشرطة، فإن من شأن ذلك أن يُمهد الطريق لتوسيع مستوطنة "نوف صهيون"، وخلق حزام استيطاني يصل إلى المدخل بين جبل المكبر ومستوطنة "شرق تلبيوت".
ويضيف بحر أن الخطة تستهدف جلب أكبر عدد ممكن من المستوطنين للمدينة المقدسة، محذرًا في الوقت نفسه، من تصاعد وتيرة الاستيطان، خاصة في ظل صعود اليمين المتطرف في "إسرائيل".
ومستوطنة "نوف صهيون" تضم حاليًا 95 وحدة استيطانية، وحوالي 200 وحدة أخرى قيد الإنشاء، وستضيف الخطة الجديدة ما لا يقل عن 100 وحدة أخرى، لذلك ستمتد على مساحة كبيرة من جبل المكبر، وستصبح أكبر مستوطنة في قلب البلدة بسعة 400 وحدة، متجاوزة مستوطنة "معاليه زيتيم" في حي رأس العامود.
وقفة جادة
ووفقًا للمختص في شؤون الاستيطان، فإن الخطورة تكمن في حال تنفيذ هذه المشاريع، في تهويد بعض المناطق، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، وفصل مناطق عن بعضها البعض، وأيضًا خلق وجود استيطاني في كافة أحياء المدينة، تمهيدًا لحسم الموضوع الديمغرافي.
ويؤكد أن هذه المخططات الاستيطانية والتهويدية تتطلب من الجميع وقفة جادة لأجل مواجهتها ووقفها، لأننا سنواجه في الفترة المقبلة، مزيدًا من القرارات الاحتلالية.
بدورها، قالت جمعية "عير عميم": "بعيدًا عن تداعيات المخطط الجيوسياسية، فإن هذا مثال آخر على التمييز الشديد في التخطيط الحضري والإسكان في القدس، رغم أنه تم تحديد الخطة لمدخل جبل المكبر، إلا أنها ليست مخصصة لاحتياجات المجتمع التنموية، بل لتوسيع مستوطنة يهودية وسط حي فلسطيني".
وأضافت أن" توسيع المستوطنة باتجاه المدخل الرئيس لجبل المكبر سينتهك حرية السكان في التنقل، ويزيد من تعطيل نسيج الحياة في الحي".