لا يكاد سوقٌ شعبي أو محلٌ تجاري على مستوى قطاع غزة، يخفى عنه صوت وشكل بائع البسكويت عبد السلام هنية؛ الذي يعمل في تلك المهنة منذ أكثر من عقد.
"هنية" الذي يقطن مخيم البريج وسط القطاع ويعيل 13فردًا، يرتدي مع كل صباح جلابيته المعهودة ويحمل على كتفه الأيسر مكبر صوت، والأيمن كرتونة بسكويت لا يتخطى ثمنها 25 شيكلاً، وعلى خاصرته حقيبة المال.
ويقصد بائع البسكويت "هنية" يوميًا مدينة أو بلدة مختلفة في القطاع، فلا يكاد محل أو سوق أو شارع إلا وله موطئ قدم فيه، حتى بات مشهورًا لدى معظم أصحاب المحال والبسطات.
ويتميز "هنية" عن غيره من الباعة، بلسانه الحلو، الذي ينطق بعبارات تجذب الزبائن، كما يستخدم كلمات يصدح بها عبر مكبر الصوت الذي يحمله، تعطي إشارة لكل من يسمعه بوصوله للمنطقة؛ منها: "صاح البلبل لأمه وصل بياع البسكوت، من الكرز حتى التوت وصل بياع البسكوت".
تلك الكلمات ليست كفيلة وحدها بشد انتباه الزبائن لـ "هنية"، بل لكل زبون كلماتٍ خاصة تخرج من فمه ارتجاليًا، فعندما يأتيه الزبون للشراء يناديه: "من غزتنا للجليل أبو (فلان) يا أصيل حسب كُنية الشخص"؛ وعند الانتهاء من الشراء والانصراف لمكانٍ آخر، يمدح من اشترى منه قائلاً: "من الطنه للرنه أبو (فلان) اشترى منا".
وينسج بكلماته ذات الوزن والقافية بناءً على كُنية كل شخص ومهنته، راسمًا البسمة على شفاه كل من يسمعه ويراه؛ فيلتقطون له مقاطع فيديو لنشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ وهذا ما زاد من شهرته وسمعته بين جمهور الباعة والمتسوقين في معظم أسواق القطاع.
كذلك عند ذهابه لبائع البهارات، ينادي: "من المية للفلتر أبو (فلان) بياع زعتر، لا تفكر ولا تحتار أبو (فلان) للبهار، اسمع مني يا عنيه أبو (..) للمرامية، اسمع مني يا أبو زهوة أبو (..) بياع قهوة، لازم يسمع الأحباب أبو (..) أحلى شباب..؛ هكذا عند كل بائع".
ويقول "هنية"، لمراسل "صفا"، أثناء لقائه في سوق خان يونس جنوبي القطاع: "أعمل في مهنة بيع البسكويت منذ 12عامًا تقريبًا، وسر نجاحي ومحبتي وشهرتي بين الناس لساني الحلو الذي أكرمني الله به، فأستطيع جذب أي زبون مجرد معرفة اسمه ومهنته".
ويضيف "أتجول في معظم أسواق ومحال وشوارع القطاع، كل يوم أقصد منطقة مختلفة، وأمدح الزبون والناس المارة لأجل جذبهم للشراء؛ وعند بيع كرتونه أتوجه لأقرب محل لشراء أخرى".
ويتابع "العمل في بيع البسكويت ليس عيبًا.. هذه مهنتي التي أكسب منها قوت يومي بالحلال، ومحبة الناس الذين باتوا يعرفوني صوتًا واسمًا وشكلاً ولقبًا، وكثير منهم يشترون مني لتشجيعي على الاستمرار، ويجبرون بخاطري".