تعتزم بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة تنفيذ مخطط جديد في مخيم شعفاط شمال شرقي القدس المحتلة، تحت غطاء "مشروع تطوير البنية التحتية"، لكن في باطنه يحمل بعدًا أمنيًا لفرض مزيد من المراقبة والسيطرة على المقدسيين داخل المخيم.
ووفقًا للخطة التي سيبدأ تنفيذها خلال الأشهر المقبلة، فإن بلدية الاحتلال ستعمل على "تحديث" البنية التحتية للطرق والمياه والكهرباء والصرف الصحي، والتطوير البيئي، إلى جانب إنشاء محطة حافلات عند مدخل المخيم، كما ذكر موقع "واي نت" العبري.
ويأتي هذا القرار بعد نحو شهر من تنفيذ الشهيد عدي التميمي عملية إطلاق نار على حاجز مخيم شعفاط، ما أدى لمقتل مجندة إسرائيلية، وإصابة اثنين آخرين، أحدهما بجراح حرجة.
ومؤخرًا، وافقت لجنة المالية في بلدية الاحتلال، على ميزانية بنحو 24 مليون شيكل لتخطيط وتطوير وبناء طريق رئيس في بلدة عناتا يصل إلى مخيم شعفاط، كجزء من الخطة الخمسية لتطوير البنية التحتية للمواصلات في شرقي القدس.
وشعفاط المخيم الوحيد للاجئين الفلسطينيين الموجود داخل حدود بلدية الاحتلال في القدس، ويحمل الأهالي بطاقات الهوية المقدسية، ما جعله مقصدًا للكثير من العائلات المقدسية الساعية للحفاظ على هويتها.
ومنذ سنوات طويلة، ومخيم شعفاط يعاني تهميشًا كبيرًا من بلدية الاحتلال، وغياب للخدمات الأساسية، المتعلقة بالكهرباء والمياه، والخدمات الصحية والتعليمية، حتى البنية التحتية للشوارع والطرق الرئيسة غير مؤهلة وتعاني تدميرًا كاملًا.
سيطرة أمنية
عضو هيئة العمل الوطني والأهلي بالقدس راسم عبيدات يرى أن المخطط الإسرائيلي يحمل بعدًا أمنيًا، خاصة بعد فشل الاحتلال في ملاحقة الشهيد عدي التميمي، وأيضًا توفير الحاضنة الشعبية والجماهيرية له.
ويوضح عبيدات، في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يريد فرض السيطرة الأمنية على مخيم شعفاط، وتسهيل عملية الملاحقة والمطاردة لأي عمل مقاوم، وليس التخفيف على المقدسيين، وتحسين ظروف حياتهم المعيشية والاقتصادية.
ويضيف أن المخطط يهدف أيضًا، لتمكين جنود الاحتلال من اقتحام المخيم والقرى المقدسية المجاورة له بشكل أسرع والتحرك داخله بكل سهولة، دون أي قيود.
ويشير إلى أن ما يجري من تغيير على حاجز شعفاط واستبدال لجنود الاحتلال يندرج في إطار تكريس ما يسمونه بـ"القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وغير قابلة للقسمة"، وأنه يجب إخراج المدينة المحتلة من أي تسوية سياسية مستقبلية.
ووفقًا لعبيدات، فإن الأخطر في تنفيذ المخطط، استهداف الاحتلال لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والمخيمات الفلسطينية في مدينة القدس، وتصفية عمل المنظمة الأممية، ومؤسساتها الخدماتية والصحية والتعليمية، والسيطرة على خدماتها وإنهاء دورها تجاه اللاجئين الفلسطينيين وتصفية قضيتهم.
ويشكل المخطط الجديد خطرًا كبيرًا على أهالي المخيم، الذي يعاني نقصًا حادًا في الخدمات الأساسية، ما ينذر بتشديد بلدية الاحتلال على الأهالي عبر دفع مزيد من الضرائب، بما فيها ضريبة "الأرنونا" والمياه والكهرباء، والتضييق عليهم في الجوانب الخدماتية.
ويؤكد الكاتب المقدسي أن الاحتلال يسعى من خلال هذه الإجراءات، لدفع أهالي شعفاط للهجرة، بما يُمهد لتصفية المخيم، الشاهد على النكبة الفلسطينية، وعلى جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني من طرد وتهجير، وصولًا لتصفية كافة المخيمات الفلسطينية بالقدس.
مراقبة المقدسيين
أما المختص في شؤون القدس جمال عمرو فيقول لوكالة "صفا" إن المخطط الإسرائيلي يستهدف تدمير مخيم شعفاط وليس تطوير بنيته التحتية، كونه يشكل حاضنة للمقاومة، ومبانيه متراصة لا يستطيع الاحتلال اقتحامها ولا اختراقها.
ويوضح أن الاحتلال يسعى إلى شق طرقات وبنى تحتية فوق الأرض وتحتها، ونصب مجسات إلكترونية وكاميرات مراقبة وأجهزة تنصت جديدة، من أجل تسهيل اقتحام المخيم ومراقبة كل منزل داخله، وأي تحرك للمقدسيين، وفرض السيطرة الأمنية على المخيم، خاصة بعد العملية التي نفذها الشهيد التميمي، وإخفاق المنظومة الأمنية الإسرائيلية بالوصول إليه.
وكان الشهيد التميمي نجح بالانسحاب بعد تنفذه عملية إطلاق النار على حاجز شعفاط من مسافة صفر، واستطاع الاختفاء عن أنظار الاحتلال لمدة 11 يومًا حتى استشهد بعد تنفيذه عملية ثانية قرب مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس.
ويضيف عمرو أن" الاحتلال يريد توجيه ضربة أمنية استباقية للمخيم، قبل أن يُصبح بؤرة شديدة للمقاومة قادرة على التخفي والتحرك ضمن أزقته، بحيث لا يتمكن من الوصول إلى منفذي العمليات، وأيضًا يريد بث الرعب بين أوساط الأهالي ومعرفة تحركاتهم".
ويؤكد أن "الاحتلال لديه مشروع أمني عسكري متكامل يسعى لتنفيذه داخل مخيم شعفاط، ليس له علاقة بتحسين أوضاع المقدسيين الاقتصادية والخدماتية".