رام الله - خاص صفا
على رأس شهيدها وقفت تبكي بحرقة، وتنطق بلسان قلبها الذي أحس بما سيحدث لنجلها قصي محمود التميمي، الذي قضى شهيدًا أمس بمواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية النبي صالح شمال غربي رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
والشهيد التميمي (20 عامًا) استشهد بمحيط البرج العسكري شرقي القرية، خلال تظاهرة غاضبة بعد استشهاد خمسة مقاومين في نابلس.
والدة الشهيد التي توقعت رحيله في أي لحظة، بسبب حديثه عن الشهداء واهتمامه بهم وبصورهم تقول: "راح يحلق شعره قبل بيوم من استشهاده وقال للحلاق بدي أحلق حلقة شهيد".
وكان التميمي مولعًا بوضع صور الشهداء على مواقع التواصل الاجتماعي، ودائم الحديث عما يجري من أحداث، وهو ما جعل والدته تضيف "قلبي كان حاسس. كنت خايفة عليه".
وتعاني قرية النبي صالح من الزحف الاستيطاني على أراضيها، إذ تجثم مستوطنة "حلميش" على صدرها والقرى المجاورة، فيما يشن المستوطنون هجمات شبه يومية على الأهالي والمزارعين في المنطقتين الشرقية والجنوبية، ويسيطرون على ينابيع الماء فيها.
كما يواصل الاحتلال إغلاق بوابة القرية منذ 20 عامًا، ويتحكم بحركة الأهالي من خلال موقع عسكري وبوابة حديدية أخرى على مدخلها الرئيس.
وتقول التميمي: "أول أمس قال لي قصي: على جثتي ببنوا المستوطنة"، في إشارة إلى استعداده للموت في سبيل منع المستوطنين من إقامة وحدات استيطانية جديدة في "حلميش"، تكون قريبة من منازل المواطنين.
وتشير إلى أن ابنها ومنذ سماعة عن سقوط شهداء في نابلس، انطلق ورفاقه بعد منتصف الليل وأشعلوا الإطارات المطاطية؛ فأطلقت عليهم قوات الاحتلال الرصاص الحي، ما أدى لإصابة قصي في صدره".
ولم تنجح العائلة في إقناع قصي بالالتحاق بمعهد دراسي لإكمال دراسته، إذ كان يقول لوالدته: "لبعدين، بدنا نشوف شو بصير في الدنيا".
وكان قصي، الشاب النشيط، معروفًا في قريته بالجرأة والشجاعة في مواجهة قوات الاحتلال، ويكون في مقدمة التظاهرات والمواجهات.
تعمّد القتل
ويقول بلال التميمي أحد أقارب الشهيد والناشط الحقوقي، إن قصي ورفاقه لم يشكلوا أي خطر على جنود الاحتلال الذين كانوا يتحصنون في البرج العسكري، وعلى مسافة بعيدة منهم.
ويوضح التميمي لوكالة "صفا"، أن الجنود أطلقوا وابلًا كثيفًا من الرصاص الحي على الشبان، ما أدى لإصابة قصي بثلاث رصاصات استقرت في صدره، ونقل إلى مستشفى سلفيت وفارق الحياة، دون القدرة على إسعافه، نظرا لخطورة إصابته".
وبات الأهالي يعيشون حياة مريرة في الأعوام الأخيرة، نظرًا لإجراءات الاحتلال بحق القرية من تقييد الحركة وصعوبة التنقل واعتداءات المستوطنين وتخريب للأراضي وسرقة المياه، وفق التميمي.
ويؤكد أن القرية تتعرض لاعتداءات شبه يومية، إذ لا يكاد يمر يوم بدون إغلاق البوابة الحديدية أو وضع حاجز على المدخل الرئيس، في ظل توسعة المستوطنين لـ"حلميش" على حساب أراضي القرية، ومنعهم من الزراعة واستغلال مصادر المياه.
ويبين الناشط أن "أدنى مقومات حقوق الإنسان لأهالي القرية باتت شبه معدومة، نظرًا لأن ظروف حياة الجميع مرتبطة إما بإعاقة من جيش الاحتلال، الذي يتواجد في القرية وعلى أطرافها، أو تخريب واعتداءات من المستوطنين.
ويقول إن جيش الاحتلال يسوق الذرائع لإطلاق الرصاص الحي على أهالي القرية بغرض القتل وليس "الدفاع" كما يدعي.
وتشهد القرية بشكل مستمر فعاليات احتجاجية سلمية للمطالبة بوقف سرقة الأراضي والتصدي لاعتداءات المستوطنين، فيما ينبري جيش الاحتلال لقمعها ومساندة عصابات الغزاة.
أ ج/ع ع