أثارت عملية اغتيال أحد نشطاء مجموعات "عرين الأسود" بوضع عبوة ناسفة في طريقه بنابلس غضبًا واسعًا، خاصة أن جميع أصابع الاتهام تتجه نحو الاحتلال وعملائه.
واستشهد فجر اليوم الأحد، تامر الكيلاني أحد نشطاء المجموعة المقاومة بانفجار عبوة ناسفة وضعت على دراجة نارية، فيما اتهمت مجموعته الاحتلال بالوقوف وراء الاغتيال.
وعلى الرغم من عدم صدور موقف إسرائيلي رسمي حول أن ما جرى هو عملية اغتيال، إلا أن طريقة القتل سبق وإن استخدمها جهاز "الشاباك" وجنود الاحتلال.
ووفقا للمحللين العسكريين الإسرائيليين؛ فإن العودة إلى الاغتيالات من الأرض والجو والاستعانة بطائرات مسيّرة هجومية تعكسان مخاوف المستوى السياسي والعسكري في الكيان من تنفيذ اجتياح بري أو عملية موسعة، ولتفادي اندلاع انتفاضة ثالثة ودخول قطاع غزة على خط المواجهة بالإضافة لتفكك السلطة الفلسطينية.
فشل بالمواجهة
غير أن استئناف هذا النوع من عمليات الاغتيال والتصفية يعده مختصون بالشأن الإسرائيلي تعبيرًا عن فشل في مواجهة حالة المقاومة المتصاعدة في الضفة، سيما نابلس وجنين وعدم نجاعة الحملة العسكرية التي أُطلق عليها "كاسر الأمواج"، والتي اعتقل خلالها المئات من الفلسطينيين واستشهد خلالها العشرات.
فالكاتب والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي محمد دراغمة، ذكر في حديث لـ"صفا" أن هذا الأسلوب ليس بجديد ولم يتوقف الاحتلال وأجهزته عن استخدامه.
وأوضح أن الاحتلال بدأ سلسلة الاغتيالات على الأرض منذ مطلع العام الجاري باغتيال 3 شبان من نابلس عن طريق الاقتحامات المفاجئة بطريقة تصفية المقاومين بطريقة "قِدر الضغط" وهدم المنازل فوق رؤوسهم وقصفهم بالصواريخ.
واعتبر أن هذا النوع من الاغتيال مكمل لعملية حصار نابلس واستنزاف المقاومة، بالإضافة إلى أن هذه العملية رسالة بأن الاحتلال لن يتردد باستخدام كل الأدوات والطرق بما فيها الاغتيال والتصفية بشتى الطرق من أجل تجنب الدخول بعملية عسكرية.
وأضاف: "لا يوجد موقف رسمي باستخدام الاحتلال لهذا الأسلوب، ولكن كل المؤشرات تدلل على أن هذا الفعل من تنفيذ أجهزتها".
وبيّن أن اللجوء لمثل هذا النوع من التصفية والاغتيال رسائل في أكثر من اتجاه أحدها باتجاه المقاومة الفلسطينية والأخرى للداخل الإسرائيلي وللناخب الإسرائيلي بأن المستوى السياسي والعسكري داخل الكيان يعمل بكل الطرق لوقف سلسة العمليات الفدائية التي باتت تنتشر وتتوسع في مدن وقرى الضفة المحتلة على الحواجز وفي مداخل وطرق المستوطنات.
خشية إسرائيلية
وبحسب المختص دراغمة، فإن الاحتلال لا يخشى اقتحام المدن الفلسطينية، فعمليا هذا يحدث يوميا حتى داخل الأحياء الأكثر خطورة في نابلس وجنين، لكنه أشار إلى أن جيش الاحتلال يخشى الدخول بعمليات موسعة تخوفًا من توسع دائرة المقاومة بالضفة.
ووفق حديثه، فإن المقاومة حاليًا مقتصرة على النخبة ولم تصل لحالة المقاومة المسلحة الشعبية، لكنه أكد أنه وفي حالة الدخول بعملية عسكرية كبيرة ضد نابلس أو جنين، فإن ذلك سيفجر حالة مقاومة مسلحة في كل الضفة.
وقال إن هناك تخوفٌ إسرائيلي من أن عملية عسكرية موسعة على غرار عملية اجتياح الضفة في عام 2002 ستدفع المقاومة في قطاع غزة للتدخل، وبالتالي الدخول بعملية تصعيد لا ترغب بها "إسرائيل " على الأقل في الوقت الحالي.
وحول إمكانية استخدام الاحتلال لأساليب أخرى، لفت إلى أن جيش الاحتلال لن يتوان في استخدامه كل الأساليب لتحقيق أهدافه لوقف المقاومة.
أما الكاتب والمحلل المختص بالشأن الأمني إبراهيم حبيب، فقال لـ"صفا"، إن تصفية الناشط في نابلس بهذه الطريقة، جاءت نتيجة تعثر الوصول لهؤلاء المطاردين بطريقة الاقتحامات والاعتقالات.
وبيّن أن الاحتلال يعتبر أن جميع الأساليب متاحة لتحقيق أهدافه وليس أمامه أي رادع أخلاقي أو سياسي.
وأشار إلى أن أهم الأسباب التي ربما دفعت الاحتلال لاستخدام عناصر من العملاء أو القوات الخاصة لزرع الشك والفتنة داخل البؤر المقاوِمة واشغالها بالمحاسبة الداخلية بأن بينهم عملاء.
ولفت إلى أن هناك تقريرًا لجهاز "الشاباك" منذ ثلاثة أيام قُدم لهيئة أركان جيش الاحتلال و"للكابينيت" بأن هناك إمكانية لانفجار الوضع الأمني في غزة.
وأوضح أن التقرير يشير إلى أن "هناك 4 كتائب عسكرية إسرائيلية الآن في الضفة بما يعادل جُل الجيش.. فماذا عن الجبهة الشمالية؟ وماذا عن الجبهة مع غزة في حال تفجر الوضع؟ وماذا عن الحدود؟!".
وأكد أن التخوف من توسع رقعة المقاومة ودائرة اللهب بالضفة ما سيكلف الكيان كثيرًا، متوقعًا مزيدًا من هذه العمليات، وربما بطرق مختلفة ولن يقف عند هذه العملية.