تُجمع شخصيات مقدسية على أن تراجع أستراليا عن اعترافها بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح، تؤكد فشل كل المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لتغيير الواقع القانوني للمدينة المحتلة، وانجرار بعض الدول نحو نقل سفاراتها إليها.
واليوم الثلاثاء، أعلنت أستراليا إلغاء اعترافها بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، متراجعة بذلك عن القرار الذي اتخذته الحكومة السابقة.
وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية "بيني وونغ" في إفادة صحفية: إن "أستراليا ملتزمة بحل الدولتين الذي تتعايش إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية بموجبه في سلام وأمن ضمن حدود معترف بها دوليًا".
وآثار هذا القرار غضب "إسرائيل"، إذ انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد بشدة القرار، قائلًا: "القدس العاصمة الأبدية الموحدة لإسرائيل ولن يغير ذلك أحد في العالم، وأعتقد أن القرار الأسترالي اتخذ على عجل ويتوجب التراجع عنه والذي صدر بناءً على معطيات مغلوطة في الاعلام"، على حد تعبيره.
خطوة صحيحة
ويشكل قرا ر أستراليا بشأن القدس خطوة بالاتجاه الصحيح، تحمل دلالات واضحة، تُثبت أن القضية الفلسطينية قضية حقوقية ثابتة وراسخة لا تخسر مع مرور الزمن، وأن فلسطين بعاصمتها المحتلة كلها للشعب الفلسطيني. كما يرى المختص في شؤون القدس جمال عمرو
ويشيد عمرو في حديث لوكالة "صفا"، بالقرار الأسترالي، مطالبًا كل الدول بأن تلتزم التزامًا قطعيًا بأن القدس مدينة فلسطينية محتلة، وأن سكانها المبعدين عنها هم على قيد الحياة وسيعيدون إليها، رغم الاحتلال.
ويقول: إن" الغربيين يتصرفون وفق مصالحهم وأهوائهم، فأحيانًا يعترفون بالكيان الإسرائيلي وبالقدس عاصمة له، وعلى هذا الأساس يتصرفون، لكن عند مصالحهم وحاجتهم للطاقة والغاز، واي مصالح أخرى في الدول العربية، فإنهم يُراجعون أنفسهم".
ويؤكد أن قضية الشعب الفلسطيني قضية حقوقية راسخة ومحقة، و"من يريد أن يحترم الشرائع السماوية والأرضية عليه الاعتراف بالحقيقة، وبأن الفلسطينيين هُجروا بقوة السلاح عن وطنهم، ومن حقهم العودة إليه، وفي المقابل هناك نظام أرباتهايد إسرائيلي عنصري".
وينتقد المختص في شؤون القدس، الصمت العربي والإسلامي تجاه جرائم الاحتلال في القدس، و"الذي أدى إلى تجرؤ الدول علينا، وإعلاناتها الظالمة ضد مصالح الشعب الفلسطيني بشكل سافر، ومن ضمنها بريطانيا التي تعتزم نقل سفارتها للقدس".
فشل تغيير الواقع
وأما المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي فيقول لوكالة "صفا" إن القرار الأسترالي يحمل دلالة سياسة هامة تتجسد في فشل المشروع الذي بدأه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، وأيضًا محاولة تغييب القانون الدولي، وتغيير الواقع القانوني للقدس.
ويوضح أن القرار يحمل موقفًا واضحًا يخص القضايا القانونية، ويُؤكد فشل القرار الأمريكي حول انجرار بعض الدول الغربية لنقل سفاراتها إلى المدينة المحتلة، رغم أن موقف أستراليا الاستراتيجي في دعم الاحتلال لا يتوقف.
و"رغم قرارها إلا أن أستراليا تُعتبر من أوائل الدول الداعمة لهذا الاحتلال، والمناصرة له في الأمم المتحدة على حساب الشعب الفلسطيني، وهي ليست صديقة للفلسطينيين ولا المقدسيين". وفق الهدمي
ويضيف أن "القرار الأمريكي فشل في تغيير واقع القدس القانوني، رغم أن الاحتلال يتعامل مع المقدسيين كأن القدس عاصمته، وأنه صاحب السيادة عليها، مع أن الموقف الدولي بشأنها لم يتغير وأنها ما تزال تقبع تحت الاحتلال".
ويطالب الهدمي بتفعيل القرارات الدولية المتعلقة باقتحامات الاحتلال ومستوطنيه للأقصى، وتهجير المقدسيين والاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم، وكذلك ما يتعلق بالاستيطان والتهويد.
مؤشر واضح
ويرى الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات أن القرار يأتي في ظل ما يجري بالأراضي الفلسطينية المحتلة من عملية تصعيد للمقاومة في الضفة الغربية والقدس، وكل هذه التطورات أصبحت مربكة للدول والمجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين.
ويقول: "عندما ثبت لهذه الدول أن الشعب الفلسطيني فقد الثقة بمشروع المفاوضات العبثية والدوران في حلقة مفرغة، وبدأ يأخذ قرارات جديدة على الأرض باتجاه مقاومة الاحتلال، بعيدًا عن القيادة الفلسطينية، لذلك هم يريدون منع تطور الأوضاع في الضفة والقدس، ومواجهة المخططات الإسرائيلية".
ويضيف أن" هذه الدول تريد إثبات أنها ما زالت متمسكة بخيار حل الدولتين، وأنه يجب العودة للمفاوضات، لكن نحن نعرف وعلى مدار سنوات الاحتلال لم تنجح الشرعية الدولية وقراراتها في منع إقامة أي مستوطنة أو هدم بيت فلسطيني".
وهذا القرار-وفقًا لعبيدات- يحمل مؤشرًا على أنه "عندما يكون هناك مقاومة فلسطينية للاحتلال والتصدي لمخططاته ومشاريعه، فإن ذلك يُجبر العالم على إعادة النظر في مواقفهم وقراراتهم تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، بما فيها القدس".
ويشير إلى أن مواقف بعض الدول الأوروبية أحيانًا تكون متقدمة على بعض الدول العربية، والتي ذهب نظامها الرسمي ليس فقط نحو التطبيع مع الاحتلال، وإنما استحداث اتفاقيات أمنية وعسكرية استراتيجية معها، وهذا له دلالاته.