يوافق يوم الاثنين، الذكرى الـ21 لعملية الاغتيال البطولية التي نفذتها كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بحق وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي بسلاحٍ كاتمٍ للصوت داخل أحد فنادق مدينة القدس المحتلة.
وجاءت العملية النوعية، التي وقعت في عام 2001، ردًا على اغتيال الأمين العام للجبهة آنذاك أبو علي مصطفى.
وبعد عملية الاغتيال اعتقلت قوات الاحتلال منفذيها والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، بالتنسيق بين السلطة الفلسطينية وأجهزة المخابرات الإسرائيلية.
ونفذت الجبهة عملية قتل "زئيفي" بعد 40 يومًا من اغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى بقصف طائرات الاحتلال مكتبه برام الله في تاريخ 27-8-2001.
وأصدرت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى بيانًا رسميًا تبنت فيه العملية، قائلة: إن" مجموعة الشهيد وديع حداد الخاصة التابعة لكتائب الشهيد أبو على مصطفى أقدمت على اغتيال رمز من رموز الحقد الصهيوني الإرهابي المجرم رحبعام زئيفي صاحب فكرة الترانسفير العنصرية".
تفاصيل العملية
في 16/10/2001، دخل منفذو العملية، وهم مجدي الريماوي وحمدي قرعان وباسل الأسمر، إلى فندق "ريجنسي" الذي كان يقيم فيه "زئيفي"، بجوازات مزورة حاملين مسدسات كاتمة للصوت، وحجزوا غرفة بداخله، وبدأوا التجهيز للعملية من داخل الفندق.
وفي صباح اليوم التالي، خرج المقاومون الثلاثة من غرفتهم وتمركز أحدهم أمام مدخل الفندق، والثاني على مدخل الطابق الثامن، فيما اتجه الثالث حمدي القرعان إلى درج الطوارئ وصعد إلى الطابق الثامن الذي توجد فيه الغرفة رقم 816 التي يقيم بها زئيفي.
وكان زئيفي خرج لتناول طعام الفطور في قاعة الطعام، فانتظره القرعان، وبعد ربع ساعة عاد زئيفي متجهًا إلى غرفته، فقام القرعان بمناداته بـ"هيه"، فالتفت زئيفي، ومن ثم أطلق القرعان النار عليه فاستقرت 3 رصاصات في رأسه، مما أدى لإصابته إصابة بالغة الخطورة.
وفور تنفيذ العملية، انسحب المقاومون الثلاثة من الفندق، وتم نقل زئيفي إلى مستشفى "هداسا"، وحاولت الطواقم الطبية الإسرائيلية معالجته إلا أنه كان قد فارق الحياة.
وشكلت عملية اغتيال زئيفي، الجنرال السابق في جيش الاحتلال، والوزير الذي دعا إلى سياسة "الترانسفير" ضد الفلسطينيين وأحد أهم مؤسسي "إسرائيل"، ضربة كبيرة في الوسط الإسرائيلي من ناحية سرعة الرد ونوعية الهدف.
كما شكلت ضربة كبيرة لصورة الاحتلال أمام الفلسطينيين أولًا، والذين رفعت العملية من الروح الوطنية لديهم.
ومثلت العملية صدمة للاحتلال، إذ عبّر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، بقوله: "كل شيء تغيّر"، مع إطلاقه وابلًا من التهديدات ضد الفلسطينيين ورئيسهم في ذلك الوقت الراحل ياسر عرفات.
وحاولت "إسرائيل" اعتقال منفذي عملية الاغتيال من خلال شن عملية واسعة نفذها جيشها وأجهزتها في الضفة الغربية المحتلة، إلا أنها فشلت في ذلك.
مؤامرة الاعتقال
في يناير عام 2002، تكشفت نتائج مؤامرة سياسية بين أجهزة مخابرات الاحتلال وأمن السلطة، حينما اعتقلت الأخيرة منفذي العملية الثلاثة (الريماوي، القرعان والأسمر)، بالإضافة للأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات والقائد العام لكتائب أبو علي مصطفى عاهد أبو غلمة، وقامت السلطة بمحاكمتهم وقررت سجنهم في المقر الرئاسي برام الله.
وفي آذار/ مارس عام 2002، فرض جيش الاحتلال حصارًا على مقر الرئيس الراحل ياسر عرفات، الموجود فيه قتلة "زئيفي"، وتم توقيع اتفاق بين السلطة و"إسرائيل" يتم بموجبه "نقل المنفذين الثلاثة المعتقلين إلى سجن أريحا".
وفي أيار/ مايو 2002، جرى نقل قتلة "زئيفي" وبرفقتهم أحمد سعدات وعاهد أبو غلمة إلى سجن "أريحا" بحراسة قوات خاصة أمريكية-بريطانية، لكن في 14 مارس 2006 نفذت "إسرائيل" عملية ضد سجن أريحا أطلقت عليها اسم "عملية جلب البضائع".
واعتقلت "إسرائيل" منفذي العملية، وحولتهم إلى محاكمها التي قضت بدورها بسجن الريماوي 106 أعوام، والقرعان 125 عامًا، والأسمر 60 عامًا، وسعدات 30 عامًا، بتهمة "رئاسة تنظيم سياسي محظور"، بالإضافة للحكم على أبو غلمة بالسجن 31 عامًا بتهمة "قيادة منظمة عسكرية".
وبعد 21 عامًا على العملية البطولية، ما زال الاحتلال يواصل اعتقال الأمين العام للجبهة أحمد سعدات، و40 قياديًا آخر يقضون أحكامًا مختلفة.
شعور بالفخر
وينتاب شعور الفخر "وفاء غلمة" زوجة المخطط للعملية عاهد غلمة، باعتبار زوجها من قاد أول عملية يتم فيها اغتيال مسؤول إسرائيلي بهذا المستوى، منذ بدء الثورة الفلسطينية.
وتزوجت وفاء من عاهد غلمة عام 1997 وأنجبت ولد وبنت، هما قيس (23 عاما) وريتا (19 عاما).
وقالت غلمة، في حوار سابق مع وكالة "صفا" إن العملية كانت دقيقة جدًا، "فأن تتمكن من اختراق المكان الذي كان يتواجد به زئيفي الذي يعتبر من أكثر الأماكن المحصنة أمنيا يُعد شيئًا غير عادي".
والفندق الذي جرى اغتيال زئيفي لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن مركز شرطة الاحتلال في القدس المحتلة، ما جعل عملية انسحاب المنفذين من المكان وعدم معرفة هوياتهم إلا بعد فترة ليست قصيرة أشبه بـ"المعجزة"، كما تصف غلمة.
ولفتت إلى أن "أبطال الجبهة الشعبية استطاعوا اختراق جميع الإجراءات الأمنية والدخول إلى الفندق الذي كان يتواجد فيه زئيفي والنوم فيه لمدة يومين، ثم تنفيذ عملية الاغتيال بدقة ونجاح كبيرين".
و"عاهد غلمة" من بلدة بيت فوريك في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، ولد عام 1968، والتحق في صفوف الجبهة في بداية الثمانينات.
وأشارت زوجته إلى أن عاهد كان كتوما جدا في عمله، "لذلك كانت ظروف العملية تتسم بالسرية التامة، فأنا سمعت عن العملية من وسائل الإعلام، ولم أتوقع حينها أنه هو من قادها، وعلمت ذلك بعد فترة طويلة وتحديدا بعد اعتقاله".
ووجهت "غلمة" رسالة إلى كتائب القسام التي تحتفظ بأربعة أسرى إسرائيليين، بأن تبذل أقصى جهدها من أجل الإفراج عن أكبر قدر عدد من الأسرى في أي صفقة تبادل مقبلة.
وتمنت من المقاومة أن يكون زوجها من ضمن المدرجين بأي صفقة مقبلة، إلى جانب كل الأسرى المحكوم عليهم بأحكام عالية.