"هُدم المنزل أمام أعيننا، وتحول تعب العمر في دقائق إلى ركام"، هكذا تصف عائلة "عيدة" لحظة هدم آليات الاحتلال الإسرائيلي منزلها في منطقة بيت عنون شرقي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، دون سابق إنذار.
ورفض صاحب المنزل هشام عيدة ونجله وزوجته وأربعة من أحفاده الأطفال في البداية الخروج من المنزل في محاولة لمنع هدمه، لكن "في النهاية لم يكن باليد حيلة".
عشرات الجنود داهموا منزل العائلة واعتدوا على النساء والأطفال وطردوهم من المنزل قبل بدء عملية الهدم أمام أعينهم.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، هدم الاحتلال سبعة منازل وأخطر بهدم ثمانية أخرى في محافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وتوزعت عمليات الهدم في منطقة "خلة طه"، ومسافر يطا، ومنطقة "فرش الهوا" وبلدة بيت عنون، فيما أخطرت قوات الاحتلال بهدم ثمانية منازل في قريتي الرفاعية والديرات بمسافر يطا.
ويقول "عيدة" لوكالة "صفا" إن الهدم كان مفاجئًا ولم يسبقه أي إخطار، عدا عن أن جنود الاحتلال لم يمنحوا العائلة إلا دقائق لإفراغ المنزل من الأثاث الذي اشترته حديثًا، ولم تنتهي من سداد ثمنه.
وبيّن أن قرار محكمة الاحتلال بالهدم صدر في الثامنة صباحًا، ولم يُبلّغ به إلا في لحظة اقتحام المنزل لهدمه بعد ساعتين فقط من صدور القرار.
ويؤكد "عيدة" أنه "تعرض للخداع" من إحدى المؤسسات التي عملت على قضية منزله في محاكم الاحتلال لعدة سنوات، وخسر على أثر ذلك آلاف الشواقل.
ويشير إلى أن جزءًا كبيرًا من تكاليف البناء والعفش، والتي تقدر بنحو 150 ألف شيقل، لم يتم سدادها بعد.
وفي محاولة أخيرة للحفاظ على بيته، لجأ "عيدة" إلى محافظ الخليل، الذي حوّله إلى وزارة الإسكان، ومنها إلى هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، لكن دون تلقيه أي دعم يُذكر من الجهات الثلاث، كما يؤكد.
ويطالب "عيدة" الحكومة والجهات المسؤولة بالوقوف عند مسؤولياتها لدعم صمود الأهالي القاطنين في المناطق المهددة.
لا مطالب من الحكومة
وتحاول سلطات الاحتلال بشتى الطرق تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وهدم منازلهم لصالح التمدد السرطاني الاستيطاني، مستخدمة في ذلك ذرائع أبرزها البناء دون ترخيص.
وفي الوقت الذي يطالب فيه "عيدة" الحكومة بالوقوف عند مسؤولياتها، لم تكن لدى محمود ذيب من "خلة طه" في بلدة دورا جنوبي الخليل، أي مطالب منها.
ويقول لوكالة "صفا": "قبل أربع سنوات هدمت آليات الاحتلال بئر مياه تبلغ تكلفته نحو 60 ألف شيقل ومنحتنا الحكومة تعويضًا بألف شيقل فقط".
وفي جريمة مشابهة لجريمة هدم منزل "عيدة"، باغتت آليات الاحتلال منزل عائلة "ذيب"، وسوّته بالأرض رغم إصدار محكمة إسرائيلية قرارًا بمنع هدمه.
وأصيب طفل "ذيب" بجروح نقل على أثرها إلى المشفى، بعد إصراره على البقاء داخل المنزل لمنع هدمه، واعتداء قوات الاحتلال عليه لإخراجه منه بالقوة.
ويضيف "ذيب"، "هذه ليست المرة الأولى التي يهدم فيها الاحتلال منازلنا ويدمر ممتلكاتنا، ولن تكون الأخيرة، لكننا سنظل نبني كلما هدموا".
ويشدد الرجل على أن محاولات الاحتلال وتضييقه على المواطنين تهدف إلى ترحيله وتهجيره، لكن ذلك "لن ينال مني وعائلتي".
ووفق منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، فإن سلطات الاحتلال هدمت 300 مبنى في الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.
وتوضح المنظمة أن معظم عمليات الهدم تمت بذريعة الافتقار إلى رخصة بناء، مشيرة إلى أنه "يكاد يكون من المستحيل على الفلسطينيين الحصول على مثل هذه التصاريح أو تلك الرخصة".