ناقش شبابٌ وخبراء ومختصون فلسطينيون، من الجنسين، تعزيز دور الشباب في مراكز صنع القرار، موضحين أهمية العمل لتعزيز دور الشباب في مراكز صنع القرارات في الأحزاب والمؤسسات، واستنهاض دورهم في مواجهة سياسات الاحتلال وإنهاء الانقسام، مؤكدين أهمية مبادرة الشباب إلى أخذ دورهم بأنفسهم، وعدم الانتظار.
جاء ذلك خلال ورشة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، بمشاركة العشرات من الأكاديميين والباحثين والنشطاء، غالبيتهم من الشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، وذلك في قاعة "هيفينز" بغزة، وعبر تقنية "زووم".
وعرضت في هذه الورشة الحوارية ورقة تحليل سياسات بعنوان "سياسات لتعزيز دور الشباب في مراكز صنع القرار "، من إعداد كل من: روز المصري، وفادي الشافعي، وفؤاد بنات، وهم أعضاء في منتدى الشباب الفلسطيني للسياسات والتفكير الإستراتيجي الذي يشرف عليه مركز مسارات، وعقّب عليها كلٌ من: رائد الدبعي، محاضر في قسم العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية، ود. سامية الغصين، أكاديمية ومحاضرة جامعية، فيما أدارت الحوار آلاء سلامة، عضو منتدى الشباب للسياسات.
ورحّب أسامة عنتر، مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت في قطاع غزة، بالحضور، موضحًا أهمية دور الشباب، وسعيهم إلى المبادرة لأخذ دورهم في مراكز صنع القرار، مشيرًا إلى أن دور الشباب في قطاع غزة سلبي؛ حيث كانت هناك محاولات لأخذ دور المبادرة، لكن كانت بأسلوب خاطئ، وأنه بإمكانهم تكوين حالة ضاغطة لتعزيز دورهم بعيدًا عن الأحزاب.
وتأتي هذه الورشة، وهي الثالثة، في إطار برنامج "رؤى شبابية فلسطينية"، الذي ينفذه مركز مسارات بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، ويهدف إلى إشراك الشباب في جهود التغيير، من خلال إنتاج أوراق سياساتية تتناول مشكلات تتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني، وارتباطاته الإقليمية والدولية، واقتراح بدائل وحلول لهذه المشكلات، وتوفير بيئة للحوار الديمقراطي لمناقشة هذه البدائل والحلول، بمشاركة مجموعة من الخبراء والمختصين.
واستعرض بنات الورقة، فيما علّق الشافعي على التعقيبات، موضحَيْن أنها تهدف إلى اقتراح بدائل سياساتية لتعزيز فرص وصول الشباب الفلسطيني لمراكز صنع القرار، إضافة إلى تحليل أسباب غياب الشباب الفلسطيني عن مراكز صنع القرار، وتبيان مخاطر ذلك.
وتطرقت الورقة إلى أبرز المشكلات التي تعيق المشاركة السياسية للشباب، وهي: البطالة، وغياب الشباب عن مراكز صنع القرار، وتعطل العملية الديمقراطية الانتخابات الطلابية في الجامعات، إضافة إلى عزوف الشباب عن المشاركة السياسية، وغياب الشباب عن قيادة مؤسسات المجتمع المدني، فضلًا عن اتسام الأنظمة الداخلية للأحزاب السياسية بـ "الثقافة الأبوية".
وأشارت إلى أن الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية، لا تولي الشباب وبرامجهم واهتماماتهم أولوية واضحة في لوائحها وأنظمتها الداخلية، وتحرم الشباب من الوصول إلى المراكز القيادية الأولى؛ حيث إن غالبية الأحزاب تشترط الانضمام لصفوفها من الفئة العمرية (16-18) عامًا، ثم تبدأ بالاشتراط باعتماد عدد من السنوات ترتفع مع ارتفاع الهيئة، كما تضع شروطًا انتخابية لتحديد مسؤولي الهيئات كأعضاء للمؤتمرات الأعلى، وهذا يشبه الديمقراطية المقنعة.
وأوضحت أن مشاركة كافة القوى السياسية في الانتخابات الأخيرة والانتخابات المحلية تؤكد عدم فعالية لوائح وأنظمة تعطل وصول الشباب إلى الهيئات القيادية، وتحد من طموحهم، بل أكثر من ذلك افتقار هذه الأنظمة واللوائح إلى مواد وفقرات تهتم بالشأن الشبابي وهمومهم وتطلعاتهم..
وطرحت الورقة ثلاثة بدائل سياساتية، وهي: تبني سياسات اقتصادية لتمكين الشباب وتنمية روح المبادرة والإنتاج بين صفوفهم، واعتماد خطة وطنية يشارك في صياغتها الشباب أنفسهم برعاية صانع القرار على المستوى الحكومي مع المجتمع المدني والأحزاب، تمكن الشباب من الوصول إلى مراكز صنع القرار، إضافة إلى تفعيل الحياة الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني من الأسفل.
تختم الورقة بأن البدائل المطروحة لا غنى عنها؛ فهي متكاملة، ولا يمكن الاستغناء عن أحدها لما لها من أهمية في تعزيز مشاركة الشباب في مراكز صنع القرار، الذي له تأثير مباشر في خلق مخارج وحلول للأزمات السياسية المركبة التي تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني منذ سنوات عدة.
بدورهما، أشاد كلٌ من دبعي والغصين بالورقة وما تضمنته من معلومات وإحصاءات، ودعَوَا إلى تعزيز دور الشباب في مراكز صنع القرار وفي مؤسسات السلطة والمنظمة التي تخلو من أي شب، وإلى بذل الشباب لجهودهم للأخذ بزمام المبادرة، وتعزيز الثقة ما بين الشباب والفصائل، التي فقدت في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد الانقسام.
وأشار دبعي إلى أن ترشح العديد من القوائم الشبابية في الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في العام 2021، يدل على عدم ثقة الشباب بالنظام السياسي، ورغبتهم في الوصول إلى مراكز صنع القرار من خلال الانتخابات. وطالب بتعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية والمجتمعية، لا سيما أن حركات التحرر الوطنية الفلسطينية كان معظم قادتها من الشباب، إضافة إلى ضرورة إبراز الورقة إلى دور الاحتلال والانقسام في تهميش دور الشباب.
من جهتها، دعت الغصين إلى تخصيص كوتا للشباب على غرار كوتا المرأة، كما تعمل بعض دول العالم، وإلى رفض الهيمنة الأبوية التي تمحي دور الشباب، فالشباب يستطيع فعل الكثير، لكن تنقصه الإرادة والشجاعة، والحقوق تنتزع ولا توهب، لذا عليهم السعي لأخذ زمام المبادرة، منوهة إلى أن البدائل المطروحة في الورقة يجب أن تكون بالتزامن.