"خذ إجازة واحدة في السنة ورابط في الأقصى".. مبادرة فلسطينية أطلقها الباحث في شؤون المسجد الأقصى محمد جلاد بهدف تشجيع وتكثيف الرباط اليومي في المسجد المبارك، وزيادة أعداد المرابطين في مواجهة اقتحامات المستوطنين المتطرفين.
وتقترح المبادرة على أهل القدس وفلسطينيي الداخل المحتل والضفة الغربية المحتلة أخذ يوم إجازة واحد في السنة عدا يومي الجمعة والسبت، للرباط في المسجد الأقصى، بغية التصدي لاقتحامات المستوطنين المتواصلة، والتي تزايدت أعدادهم بشكل مضاعف خلال العام الجاري.
تفاصيل المبادرة
يقول الباحث جلاد لوكالة "صفا" إن فكرة المبادرة جاءت أثناء حضوره ندوة في المسجد الأقصى تحدث خلالها أحد أعلام الأقصى موجهًا حديثه لأهل الداخل المحتل بالمسجد، الذين يزيد عددهم عن مليون نسمة، ولو كل واحد منهم تفرغ للرباط يوم واحد في السنة لكان العدد 4 أو 5 آلاف مرابط.
ويضيف: "من هنا بدأت بإجراء بحث لمختلف القطاعات الفلسطينية في الضفة والقدس والداخل المحتل، وحصلت على أرقام دقيقة حول عدد السكان وطريقة توزيعهم، من خلال كتب الإحصاء المركزي السنوي الذي تصدره السلطة الفلسطينية".
ويوضح أن المبادرة تُركز على تسيير حافلات رباط للأقصى من القدس والداخل والضفة، على مدار أيام الأسبوع عدا يومي الجمعة والسبت، لأن مؤامرة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد تعتمد بشكل أساسي على تفريغه من المرابطين والمصلين، أو تقليل أعدادهم قدر الإمكان.
وبحسب جلاد، فإن "العلاقة بين الاقتحامات وأعداد المصلين والمرابطين فيه علاقة عكسية، كلما ازداد عدد المرابطين تراجعت الاقتحامات كمًّا ونوعًا، وكلما قل تطورت الاقتحامات كمًّا ونوعًا".
ويشير إلى أن المرابطين في الأقصى أفشلوا مشروع التقسيم الزماني للمسجد من خلال التواجد المكثف وحلقات الرباط وتعليم القرآن، ومن خلال مسيرة البيارق التي كانت تُسير حافلات يومية من الداخل المحتل للرباط في الأقصى، مما أعاق أهداف الاقتحامات وحَجَّمَها وجمدها.
ويتابع أن هذا ما أدى إلى تقويض شرطة الاحتلال الرباط وتجريمه، وملاحقة المرابطين وإبعادهم عن الأقصى، وإغلاق المؤسسات الداعمة لهم، وغيرها من السياسات التي أدت على مدار سنوات لتفريغ الأقصى، ما انعكس سلبًا على تطور الاقتحامات نوعًا وكمًا.
ويكمل حديثه "ارتأينا من خلال هذه المبادرة البدء بتسلسل مرحلي تدريجي يبدأ مثلًا من ألف مرابط ثم 2000 أو 3 آلاف حتى نصل إلى 9 آلاف مرابط في المسجد الأقصى يوميًا".
جهود متكاملة
ويبين أن التفوق العددي لنا كفلسطينيين يمنحنا قوة هائلة، لو تم استغلالها لتمكنا من التصدي للاقتحامات ومنعها، أو عرقلة أهدافها على أقل تقدير، خاصة أنها تطورت من اقتحامات سريعة إلى مطولة، ترافقها (جلسات وشروحات وصلوات توراتية، ونفخ البوق، وعقد زواج وغيرها).
ويؤكد أن مواصلة الرباط في الأقصى يحتاج إلى تعاون وجهود متكاملة، لأنه لا يمكن أن يُطلب من عدد معين من أهل القدس الرباط يوميًا داخل المسجد، لأن من شأن ذلك أي يؤدي لتعطيل أعمالهم ودراستهم بشكل يومي.
ويضيف "إذا قمنا بإشراك مختلف شرائح الشعب الفلسطيني في الرباط، بحيث يُطلب من كل منهم أن يُرابط يومًا أو يومين في السنة، فإن الأمر يصبح أكثر سهولة، فضلًا عن أهمية منافسة أهل القدس في شرف وتضحية الرباط".
ومثال على ذلك، لو طلبنا من كل فلسطيني في الداخل المحتل، البالغ عددهم مليون و300 فلسطيني، أن يتفرغ للرباط يومًا واحدًا في السنة منذ الصباح، عدا الجمعة والسبت، فهذا يعني أنه سيكون هناك يوميًا في ساحات الأقصى تقريبًا 4991 مرابطًا، حال قسمنا عدد السكان على عدد أيام السنة 261 يومًا.
وبالنسبة لسكان القدس، يوضح جلاد أن عدد المقدسيين 471 ألف، لو قسمنا عددهم على أيام السنة ما عدا الجمعة والسبت سيكون هناك يوميًا 1804 مرابطين مقدسيين بالأقصى.
وأما بالنسبة للضفة، فإن هناك 2317 مسجدًا، لو طلبنا من كل إمام مسجد تسيير حافلة رباط واحدة للأقصى شهريًا، من حملة التصاريح أو ممن هم فوق الـ 50 عامًا المسموح لهم دخول القدس بغير تصاريح، وعددهم 88072 رجلًا وامرأة، فسيكون يوميًا في الأقصى 110 حافلات أي 2200 مرابطًا إذا كان عدد ركاب الحافلة 20 راكبًا.
ويتابع الباحث الفلسطيني "إذا قمنا بجمع أعداد المرابطين يوميًا وفق الحسابات السابقة، فإنه سيكون لدينا حوالي 8955 مرابطًا يوميًا في المسجد الأقصى".
ويوضح أن معظم الحسابات السابقة هي على افتراض التطوع بالرباط ليوم واحد بالسنة في الأقصى، لكن لو افترضنا أن نصف هذه الأعداد لم تتمكن من الوصول، أو أن ربعها فقط تمكن، فهذا يعني تواجد 4500 أو 2250 مرابط يوميًا في الأقصى، وهذا عدد كفيل بعرقلة أهداف الاقتحامات.
تنظيم المبادرة
ويؤكد أن التوفق العددي يشكل ورقة رابحة ونقطة قوة نمتلكها بين أيدينا لكن يجب استغلالها وتنظيم هذه المبادرة من الجهات الرسمية والشعبية والإلكترونية، حتى تُؤتي ثمارها.
وعلى الصعيد الرسمي، يطالب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بعمل جدوي زمني لترتيب تسيير الحافلات للمسجد الأقصى من كل محافظات الضفة على مدار السنة، أو أن توجب على كل إمام مسجد وضع صندوق لشد الرحال والرباط في الأقصى، تُسير من خلاله حافلة للمسجد يومًا واحدًا في الشهر عدا الجمعة والسبت.
وحول الجهود الإلكترونية، يوضح جلاد أن الكثير من الصفحات الإلكترونية تستطيع الإعلان عن جدول زمني لتسيير حافلات من مناطق وقرى فلسطينية للمسجد الأقصى.
ويناشد الباحث جلاد إمام كل مسجد في الضفة الغربية بضرورة المبادرة لتلبية نداء الأقصى وتسيير حافلة واحدة من كل مسجد شهريًا، لحمايته من اقتحامات المستوطنين.
ويأمل أن تتلقى هذه المبادرة إقبالًا وصدى واسعًا في الشارع الفلسطيني والمقدسي، حتى لو كان البدء عبر تسيير حافلات رباط للمسجد الأقصى تدريجيًا من خلال منطقة أو شريحة أو حافلة واحدة يوميًا، ثم التدرج في توسيع الفكرة إلى مناطق ومدن وعدد أوسع".
ويؤكد أن المبادرة بحاجة لتضافر كافة الجهود الفلسطينية، و"نحن على ثقة لو كل إمام مسجد اعتبر هذا المشروع مشروعه فإن عدد المرابطين في الأقصى سينتقل نقلة نوعية في مواجهة الاقتحامات، لأن هذا العام الأخطر على الأقصى في تهويده ونوعية الاقتحامات وعدد المقتحمين".