"مزرعة في الوادي".. عنوان لمشروع جديد أطلقته جمعية "إلعاد" الاستيطانية، بغية جذب آلاف المستوطنين في فلسطين المحتلة، واليهود من العالم إلى مدينة القدس المحتلة، ضمن المشاركة في فعاليات ونشاطات ما يسمى "الحديقة الوطنية" التي أقيمت على أرض فلسطينية في بلدة سلوان.
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن معلمًا سياحيًا جديدًا للاستيطان ظهر لأول مرة في مدينة القدس هذا الصيف تحت مسمى "مزرعة في الوادي"، إذ تعهدت جمعية "إلعاد" على موقعها الإلكتروني بتقديم "تجربة زراعية خاصة، تشبه تجارب المزارعين القدامى، تمامًا كما في العصور القديمة".
وأوضحت أن الأنشطة في المزرعة ليست سوى جزء صغير من الجهد العام الذي بذلته الجمعية الاستيطانية مع توسيع نطاق وصولها في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، إلى وادي "بن هينوم" جنوب غربي القدس.
وأضافت أن "الأنشطة في المزرعة وصلت إلى ذروتها، وتضمنت جولات للمستوطنين وجنود الاحتلال وطلاب المدارس الدينية اليهودية، وورش عمل حول عصر العنب وجني الزيتون ونقش الحجارة".
وتُشرف الجمعية الاستيطانية على نحو 70 بؤرة استيطانية في بلدة سلوان، وتسعى للاستيلاء على أراضي ومنازل المقدسيين إما بالمال أو التحايل القانوني؛ لصالح الاستيطان والمستوطنين.
وبإيعاز من بلدية الاحتلال، وضعت "إلعاد" يدها على أرض بملكية خاصة للفلسطينيين في سلوان، وحولتها إلى مزرعة استيطانية، وهي تستخدم النشاطات الزراعية، خاصة زراعة الأشجار، لتغيير ملامح الأرض الأصلية، وإنشاء تاريخ جديد منسجم مع "الرواية الصهيونية التلمودية" حول مدينة القدس.
وتهدف من خلال أنشطتها في القدس والبلدة القديمة، إلى تعزيز "العلاقة اليهودية" في المدينة عبر الأجيال من خلال الجولات التعليمية، والإسكان، والإرشاد، والترويج لروايات مضللة.
ويدعم المشروع الاستيطاني الذي تديره "إلعاد"، عدة مؤسسات احتلالية من بينها بلدية الاحتلال، وسلطة الطبيعة، وزارات الجيش والتعليم والزراعة والقضاء، وما تسمى وزارة شؤون القدس والتراث.
تهويد القدس
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي يقول لوكالة "صفا" إن جمعية "إلعاد" هي أحد أذرع الاحتلال التي تحظى بدعم رسمي كبير، من أجل تنفيذ مشاريعها التهويدية في مدينة القدس، والاستيلاء على منازل وعقارات المقدسيين.
ويوضح أن إقامة الجمعية الاستيطانية أنشطتها سواء السياحية أو الفنية أو الرياضية وأي إنشاءات أخرى، تهدف إلى مزيد من التغلغل واقتحام المستوطنين لبلدة سلوان تحديدًا، ومحاولة تطبيع دخول وخروج هؤلاء المستوطنين من الأحياء المقدسية، بحيث يصبح كأنه أمر طبيعي غير معترض عليه.
ويضيف أن محكمة الاحتلال تتغاضى عن أي وثائق مزورة تستخدمها جمعية "إلعاد" من أجل ادعاء ملكيتها لأملاك وعقارات مقدسية، وعن دورها في تهويد الأحياء المقدسية.
وبحسب الهدمي، فإن اقتحام المستوطنين داخل الأحياء يهدد أمن الفلسطينيين، ويعكر صفو الحياة الاجتماعية، ويؤدي أيضًا إلى حدوث نوع من الاحتكاك مع قوات الاحتلال، بعدما يتم تحويل تلك المناطق لثكنة عسكرية، لتأمين اقتحامات المستوطنين ونشاطاتهم.
ويتابع أن الجمعية الاستيطانية لا تتوقف عن مشاريعها بالقدس، بل تعمل بشكل حثيث على تنفيذ كافة مشاريع الاستيطان والتهويد وتزوير الملكيات والاستيلاء على عقارات المقدسيين، وإقامة نشاطات رياضية واجتماعية وسياحية لليهود.
تزوير التاريخ
أما عضو لجنة الدفاع عن أراض سلوان فخري أبو دياب فيوضح لوكالة "صفا" أن جمعية "إلعاد" تعمل على تهويد كل أحياء سلوان، وتحديدًا وادي الربابة، بدعم من مؤسسات الاحتلال المختلفة.
ويبين أن الجمعية الاستيطانية أقامت المزرعة على أرض فلسطينية خاصة تعود لعائلات في سلوان، بعد الاستيلاء عليها، بهدف جذب آلاف المستوطنين واليهود إلى المدينة المحتلة، وخاصة وادي الربابة، و"تقديم تجربة زراعية تُحاكي العصور القديمة، وإثبات أحقية وجود حضارة وثقافة يهودية في تلك المنطقة".
ويشير إلى أن "الجمعية وضعت في المنطقة المستهدفة مجسمات وزراعات قديمة وحيوانات كأنها من العصور القديمة، وتعمل على جلب المستوطنين إليها بحيث يُمارسون الزراعة ويؤدون طقوسًا تلمودية، ويعيشون حياة يومية لأجل ربطهم بالأرض والتعرف عليها، وكأنهم في حقبة "الهيكلين الأول والثاني".
وبحسب أبو دياب، فإن هذه الخطوة تشكل نوعًا من تزوير الحقائق والتاريخ، وغسل أدمغة اليهود والزوار، وكذلك فرض وقائع يهودية على الأرض الفلسطينية، وإيجاد ماض مزور على حساب تاريخنا وحضارتنا وهويتنا العربية الإسلامية.
ويحذر الناشط المقدسي من خطورة مثل هذه المشاريع في القدس، كونها تُسيطر على الأراضي الفلسطينية، وتجلب مزيد من المستوطنين واليهود إلى المدينة المقدسة، مطالبًا الجميع بالتصدي بكل قوة لهذه المشاريع.