طالبت مجموعة الأزمات الدولية، الاتحاد الأوروبي بإخضاع السلطة الفلسطينية إلى المساءلة جراء سياستها "القمعية" بحق المواطنين في الضفة الغربية المحتلة، إلى جانب تعطيلها إجراء الانتخابات، وحثت في الوقت نفسه التكتل الأوروبي على إجراء مراجعة لسياسته المتبعة بالتواصل مع حركة "حماس".
جاء ذلك في التقرير الصادر عن المجموعة بشأن الدعوة لـ"إعادة مواءمة السياسة الأوروبية حيال فلسطين مع الوقائع على الأرض".
وذكر التقرير أن "أوروبا تمتلك أدوات للتأثير في مسار الأحداث لكنها لا تستخدمها. إذ يمكن أن تتخلى عن مقاربتها المتساهلة حيال قيادة السلطة الفلسطينية وأن تدفع إلى إيجاد ظروف من شأنها أن تسمح بإحداث تجدد سياسي ديمقراطي فلسطيني".
وقال:" كما يمكن أن تتبنى (أوروبا) موقفاً أكثر تشدداً حيال إسرائيل، على الأقل بالنظر في استخدام سياستها في التعاون والتجارة لردع انتهاكات حقوق الفلسطينيين والدفع نحو حل مستدام للصراع".
وأشار التقرير إلى أن "الأحداث التي وقعت في عام 2021 (إشارة لعدوان مايو/ أيار) أظهر إلى أي حد تحتاج السياسة الأوروبية إلى إعادة نظر".
وأضاف، "أتى أولاً إلغاء الرئيس محمود عباس ما كان سيشكّل أول انتخابات فلسطينية عامة خلال 15 عاماً، وأنهى بذلك أي أمل قريب في تجديد القيادة الفلسطينية، وبعد أيام أتت الحرب، وهي الرابعة بين حماس وإسرائيل خلال الستة عشر عاماً الماضية".
ولفت التقرير إلى أن عدوان 2021، كشف عن الرصيد - ولو كان قصير الأمد - الذي راكمته حماس بين الفلسطينيين لوقوفها في وجه إسرائيل.
وتابع، "من جهة أخرى، أظهر الغضب الفلسطيني حيال السلطة الفلسطينية لعدم فعلها الشيء نفسه، إضافة إلى ممارساتها الاستبدادية وانعدام كفاءتها، وإلغاء الانتخابات ونشوب الحرب بعد سنوات من التغيّرات الدراماتيكية التي شهدت تشظي الكيان الفلسطيني والمناطق الفلسطينية مع رفض الحكومات الإسرائيلية المستمر والصريح لأي حل تفاوضي لإقامة دولتين".
وأردف، "رغم هذه الأمور إلا أن السياسة الأوروبية ما تزال متمسكة بمنهج عملها المتمثل في محاولة تعزيز قوة السلطة الفلسطينية المترنحة في مواجهة حماس، بينما تنأى بنفسها عن أي جهد جاد لتشجيع إحداث تغيير في السياسة الإسرائيلية".
وجاء في تقرير مجموعة الأزمات أنه، "يمكن لأوروبا أن تُخضع السلطة الفلسطينية للمساءلة عن قمعها، وجعل دعمها لموازنة وزارتي العدل والداخلية، على سبيل المثال، مشروطاً بمعايير معينة".
وزاد، "يمكنها (أوروبا) إعادة توجيه بعض الأموال المخصصة لوزارة الداخلية إلى منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، لا سيما المنظمات المعنية بمراقبة حقوق الإنسان، ويمكنها أن تكون أكثر حسماً في إلقاء ثقلها وراء إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية، والعثور على طرق لتفسير شروط الرباعية بطريقة تسمح لحماس بالمشاركة في صيغة معينة في حكومة وحدة وطنية فلسطينية قادمة".
وأوصت مجموعة الأزمات، القادة الأوروبيين "بإجراء مراجعة لسياستهم بعدم التواصل مع حماس".
وقالت حول ذلك:" الفكرة هنا ليست في تمكين الحركة الإسلامية، ناهيك عن جعلها الممثل الوحيد للفلسطينيين. إلا أن إقصاء الحركة عن السياسة حقق عكس الهدف الذي رمت إليه الرباعية: أي استمرار شعبيتها، وبالتأكيد في الضفة الغربية، مقارنة بالسلطة الفلسطينية" مؤكدة أن "التجدد السياسي الفلسطيني يتطلب مشاركتها".
ويشير التقرير إلى تبني الاتحاد الأوروبي سياسة عدم التواصل مع "حماس" عقب فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، بسبب عدم التزامها بشروط الرباعية، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين الأوروبيين العاملين في القدس ورام الله يرون أن هذه السياسة وصلت إلى طريق مسدود.
أوضح أن هذه السياسية أدت إلى تلاشي نفوذ أوروبا، وإعاقة سعيها المعلن إلى إيجاد دولة ديمقراطية متواصلة الأراضي وقابلة للحياة، وعرقلة الجهود الرامية إلى إنهاء حصار قطاع غزة المستمر منذ ستة عشر عاماً.