شارع (16) الاستيطاني أو ما سيطلق عليه شارع "أرئيل شارون" الذي تعتزم بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة افتتاحه نهاية أغسطس الجاري، ليخترق أراضي القرى المقدسية المهجرة عام 1948، مشكلًا مدخلًا جديدًا للمستوطنين والإسرائيليين نحو المدينة المقدسة.
ويبدأ الشارع الجديد من المدخل الغربي للقدس، الذي يربطها بالساحل الفلسطيني، ومن ثم منطقة أسفل جبل القسطل، وقرب قريتي قالونيا وبيت زايت المهجرتين، وصولًا إلى قرية الشيخ مؤنس التي هُجر سكانها عام 48.
وسيخترق الشارع جبال غربي المدينة، من خلال نفقين تحت الأرض يمران تحت مستوطنة "هار نوف" المقامة على أراضي قرية دير ياسين المهجرة.
ومنذ احتلالها عام 1948، لم تتوقف سلطات الاحتلال عن استهدافها لقرى القدس المهجرة، بل كثفت في الآونة الأخيرة من إقرار عشرات المشاريع الاستيطانية والأبراج الشاهقة لإقامتها على أراضيها، ناهيك عن طمس معالمها وتاريخها وأثارها وهويتها العربية والإسلامية.
تفاصيل المشروع
يتحدث الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب لوكالة "صفا" عن تفاصيل الشارع الجديد، قائلًا إن بلدية الاحتلال تعتزم فتح الشارع رقم (16) في نهاية أغسطس الجاري، بعد الانتهاء من بنائه، والذي استغرق ثلاث سنوات بتكلفة إجمالية بلغت 300 مليون شيكل.
ويوضح أن الشارع يبلغ طوله 6 كيلو متر، على مساحة بناء 200 ألف دونم من أراضي القرى المستهدفة، وأن العمل تم بمشاركة شركات مقاولات إسرائيلية وإيطالية تلك التي تعمل على شق عدة أنفاق وشوارع استيطانية في مدينة القدس.
وبحسب أبو دياب، فإن بلدية الاحتلال ووزارة المواصلات الإسرائيلية هما المشرفتان على إقامة الشارع الجديد غربي القدس.
ويبين أن إقامة هذا الشارع يهدف لتقليل الازدحامات المرورية أمام المستوطنين، وتسهيل دخولهم من الساحل الفلسطيني إلى مدينة القدس من المدخل الغربي، ما يعني تواصلًا استيطانيًا أكبر.
وسيربط الشارع مستوطنات القدس الجنوبية بالشارع السريع رقم (1)، الذي يصل بين يافا وغرب القدس.
عزل وطمس
ويقول إن الاحتلال يريد فرض مزيد من السيطرة على الأرض الفلسطينية، وتغيير معالم القرى المهجرة وطمس آثارها وتاريخها العربي العريق، وأيضًا تسهيل دخول الإسرائيليين واليهود من كل مدن فلسطين المحتلة وخاصة الساحلية إلى القدس.
ويستهدف الشارع الجديد زيادة عزلة ونهب أراضي قريتي لفتا ودير ياسين، وسيخلق حيزا مكانيًا مضللًا يعزز الصبغة الاستيطانية، بعيدًا عن أي أثر للقرى التي هُجر أصحابها منها عام 48.
وبحسب أبو دياب، فإن مدينة القدس أصبحت الهدف الأساس للاحتلال لتحقيق أطماعه فيها، وزيادة أعداد المستوطنين القادمين إليها، وتسهيل وصولهم للأجزاء الشرقية من المدينة المحتلة، عبر شق شوارع وبناء مستوطنات جديدة.
ويشير إلى أن الفترة الأخيرة شهدت هجرة معاكسة للإسرائيليين والمستوطنين من القدس إلى المدن الساحلية، نتيجة الظروف الصعبة في المدينة، والازدحام المروري، لذلك تحاول سلطات الاحتلال منع هذه الهجرة عبر إقامة مثل هذه المشاريع الاستيطانية.
شطب الهوية
ولا يستهدف الاحتلال تصفية الوجود العربي في القرى المقدسية فقط، بل أيضًا شطب الهوية والحضارة والتاريخ، واستهداف الطبيعة، خاصة أن تلك القرى تتميز بطبيعتها الخلابة وأشجارها المثمرة وعيون المياه العذبة، وموقعها الاستراتيجي.
ويبين أن الاحتلال عمل على تصفية الوجود وطمس المعالم والآثار العربية فوق الأرض، والآن يسعى لتغيير كل شيء تحتها، في محاولة لاستهداف الرواية الفلسطينية والتاريخ العريق والتراث الفلسطيني القديم في المنطقة المستهدفة.
ويحاول الاحتلال مسح أي ذكرى أو أثر للوجود العربي الفلسطيني في القرى المهجرة، لذلك بدأ يهدم ويطمس كل المعالم، كما عمل على تهويد الشوارع والطرقات.
ويضيف المختص في شؤون القدس أن سلطات الاحتلال تستهدف بذلك، الذاكرة الفلسطينية والعقول القادمة، كي تثبت أن "القدس بشطريها عاصمتها الموحدة".
ويلفت إلى أن الاحتلال أصدر قوانين لا يجوز ولا تقبل محاكمه الترافع فيها بشأن استعادة الأراضي الفلسطينية التي تم مصادرتها عام 1948، بغية إغلاق الطريق أمام حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها.
وأما الناطق باسم حركة حماس عن مدينة القدس محمد حمادة فاعتبر مخطط الاحتلال لافتتاح شارع استيطاني جديد يقطع أوصال القرى المهجرة بالقدس انتهاك مستفز، وحلقة في سلسلة تهويد المدينة وتشريد سكانها.
وأكد أنّ هذا المشروع الجديد يستهدف عزل ونهب قريتي لفتا ودير ياسين المهجرتين، وإجبار أهلهما على مغادرتهما، بالإضافة إلى توفير ممر واسع يُسهل اقتحامات المستوطنين للمدينة والمسجد الأقصى المبارك.
وشدد على أنّ هذا الاستفزاز الإسرائيلي يستوجب تصعيد العمل المقاومة لحماية القدس ولإجبار المحتل على التوقف عن أعماله الإحلالية فيها.
ودعا المجتمع الدولي عامة والإدارة الأمريكية خاصة إلى التوقف عن الكيل بمكيالين والانحياز لصالح الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني التي تكفلها كافة القوانين الإنسانية الدولية.