دفع استمرار الأزمة السياسية التي تعيشها الساحة الفلسطينية شخصيات وطنية، أبرزها رئيس الملتقى الوطني الديمقراطي، القيادي المفصول من حركة فتح ناصر القدوة، لإطلاق مبادرة تحت عنوان "الإنقاذ الوطني"، من أبرز نقاطها الدعوة إلى تشكيل "هيئة انتقالية لإنجاز التغيير وإعادة البناء".
وفي 27 يوليو/ تموز المنصرم نشر القدوة، عبر صفحته الرسمية بـ"فيسبوك" النص الكامل للمبادرة التي أطلقها خلال مؤتمر صحفي عبر تقنية "زوم" مع مجموعة من الشخصيات الوطنية والسياسية والاجتماعية من داخل فلسطين والشتات.
وقال في ديباجة مبادرته إنّ "هذه الوثيقة مقدّمة إلى المواطن الفلسطيني في أماكن تواجده كافة، وإلى الفصائل والقوى والتجمعات الفلسطينية (..) بعد مرور أكثر من عام على إلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية (...) ومع استمرار التدهور الحاد في الحالة الفلسطينية والاستكانة السياسية تجاه ذلك".
وأوضح القدوة أنّ الهدف من المبادرة هو "الدفع نحو حالة وطنية تنجز تغييرًا واسعًا وعميقًا في النظام الفلسطيني السياسي، وتعيد بناء مؤسساته".
رزمة شاملة
وتعليقًا على المبادرة، رأى مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) هاني المصري، أنها جاءت لتقدم رزمة شاملة تأخذ بمعالجة جذور وأسباب فشل المبادرات السابقة بالحسبان، وتتضمن ضرورة الاتفاق على البرنامج الوطني، والحكم الرشيد، والانتخابات، وإعادة بناء المنظمة، وتغيير السلطة.
وأضاف في مقالة له، نشرها بصحيفة "القدس" المحلية، أن "أهم ما يميز المبادرة أنها واقعية وثورية في الوقت نفسه، وليست واقعية فقط، بعيدًا عن الخضوع للواقع أو القفز المغامر عنه، وتسعى للجمع ما بين المبادئ والمصالح وأخذ موازين القوى بالحسبان".
كما تهدف المبادرة، حسب المصري، إلى "تحقيق أقصى تغيير ممكن، وتتسع لكل من يوافق على خطوطها العامة، بما في ذلك المجموعة المتحكمة التي لن توافق طبعًا إلا بعد ضغط سياسي وجماهيري وكبير ومتصاعد؛ أي إنها لا تهدد بأخذ السلطة من أحد لصالح طرف آخر، ولا تسعى لأخذ حصة، بل تهدف إلى إقامة سلطة تشاركية يكون فيها مكان للجميع تعتمد على أسس وطنية وديمقراطية توافقية وشراكة حقيقية".
وأوضح المحلل السياسي، أن "المأزق العميق المتفاقم للحركة التحررية الفلسطينية بمختلف مكوناتها الأساسية الوطنية والإسلامية والقومية واليسارية يهددها باستكمال انهيارها التام، فالمشروع الاستعماري الذي يستهدف الفلسطينيين لا يوفر المعتدلين والمتخاذلين، وحتى المتأسرلين، ويستهدف الوجود الفلسطيني كله بمختلف مكوناته".
وتابع "كما لا يملك طرف وحده المخرج أو الحل على الرغم من كل العناد والمكابرة، فلا استقلال وطنيًا لا في الضفة ولا القطاع، ولا تنمية حقيقية ولا حكم رشيدًا في ظل الانقسام وتحت الاحتلال، ولا تطرح القوى النافذة سوى سياسة البقاء والانتظار، سواء بالضفة أو القطاع، على الرغم من التباينات في الظروف والدوافع والأهداف".
وذكر المصري أن "الأمل الوحيد لإحياء القضية الفلسطينية، ووقف انهيار الحركة الوطنية، يكمن في إنهاء الانقسام، ضمن سياق إعادة بناء الحركة الوطنية، وإحياء المشروع الوطني ومؤسسات المنظمة، وتغيير السلطة لتخدم مهمات التحرر الوطني الديمقراطي، وليس المراهنة على المجهول وعلى الغيبيات تارة، وإنكار الواقع تارة أخرى".
افتقاد للبعد الشعبي
واستدرك المصري قائلًا: "ما تقدم لا يجب أن يخفي أن مبادرة الإنقاذ الوطني مبادرةٌ لا تزال نخبوية تفتقد إلى البعد الشعبي والدعم العربي والإقليمي والدولي، ولكنها تلبي حاجة فلسطينية حيوية وملحة".
ورأى أنه "إذا استطاعت أن تثبت المبادرة أنها جدية وقادرة على الإقلاع والتوجه إلى كل القطاعات والنقابات والأفراد من أصحاب المصلحة بالتغيير، وستجذب أفرادًا وقوى إلى جانبها، وستنجح، وإذا لم تستطع ستفشل، وستكون مبادرة جديدة تضاف إلى الأرشيف".
وأوضح "حتى تنجح المبادرة، لا بد من أن تكون كما تحدث مطلقوها ليست ملكية حصرية للموقعين عليها، ولا تطرح حلًا سحريًا كاملًا جاهزًا، وليست مقدسة، بل ستكون منفتحة على الآخرين والمبادرات الأخرى، ومفتوحة للتطوير في الأيام والشهور القادمة، خصوصًا عند عقد المؤتمر الشعبي الذي سيعقد على أساسها بعد ستة أشهر كما تعهد مطلقوها، وهنا الاختبار، وعند الامتحان يكرم الإنسان أو يهان".