web site counter

بقيا ملهمين لـ"جبل النار"

21 عامًا على استشهاد "الجمالين"

غزة - صفا

توافق يوم الأحد، الذكرى السنوية الـ21 لاستشهاد القائدين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشيخين جمال سليم وجمال منصور، بقصف إسرائيلي استهدف مكتبهما في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، بظل جذوة انتفاضة "غير مسبوقة" سعيا لها.

ففي يوم 31/7/2001، قصفت طائرات الاحتلال الحربية المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام، ما أدى إلى استشهاد الجمالين وثمانية آخرين، ليتوجا بالشهادة حياة عامرة بالجهاد والمقاومة والتضحية سعيًا إلى تحرير الأرض والمقدسات.

وشكّل الشهيدان صورة نابلس "جبل النار" في ثوريتها وعنفوانها ومقاومتها، حتى سعى الاحتلال جاهدًا إلى اغتيالهما متوهمًا، أن استشهادهما قد يوقف مسيرة المقاومة، فمسيرة المقاومة ماضية حتى دحر الاحتلال عن أرضنا الفلسطينية.

جمال منصور

وُلد جمال منصور في مخيم بلاطة قرب نابلس يوم 25/2/1960، وعاش طفولته بمنزل شيَّدته "أونروا"، وأتم في مدارسها المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ومنها إلى الثانوية، فالجامعية بجامعة النجاح، إذ نال درجة البكالوريوس في المحاسبة والعلوم الإدارية.

وبينما منعه الاحتلال من السفر للخارج لإكمال الدراسات العليا "لأسباب أمنية"، تزوج عام 1996 وأنجب ثلاثة أطفال، وعمل محاسبًا بعدة وظائف حتى انتقل إلى العمل الإغاثي، فافتتح فرع نابلس للجنة الإغاثة الإسلامية لإغاثة الأيتام والفقراء والمحتاجين، وكان مسؤولًا عنها.

وأسس مكتب نابلس للصحافة والإعلام، لكن الاحتلال أغلقه، فأسس مكتبًا للأبحاث أغلقته السلطة الفلسطينية بعد اعتقاله عام 1997م، وكانت آخرها المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام.

وانضم بوقت مبكر من حياته إلى جماعة الإخوان المسلمين، إذ يعتبر من جيل التأسيس في حماس، وبرز دوره مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، فترأس الكتلة الإسلامية أوائل الثمانينيات بجامعة النجاح لثلاث دورات، كما أسس مع مجموعة قيادات طلابية إطارًا نقابيًّا على مستوى الوطن باسم الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين ومقره القدس.

ولمع نجمه في وسائل الإعلام بعد إبعاده إلى جنوب لبنان عام 1992، ثم اختياره متحدثًا باسم حركة حماس في الضفة الغربية، فرئيسًا للوفد الذي ذهب للحوار مع السلطة الفلسطينية قبل اغتياله.

الاعتقال والإبعاد

واعتقل منصور خلال مدة دراسته وأثناء الانتفاضة الأولى 14 مرة، معظمها كان اعتقالًا إداريًا، إذ اعتقل عام 1995م وخضع للتحقيق مدة ثلاثة أشهر ونصف الشهر متواصلة في سجن عسقلان.

وأبعد إلى مرج الزهور جنوب لبنان مع عدد كبير من أبناء الحركة الذين كانوا معتقلين بسجون الاحتلال عام 1992م، وخلال مدة الإبعاد أصبح عضوًا في اللجنة القيادية للمبعدين، وترأس اللجنة الإعلامية ولجنة العلاقات العامة خلالها.

ولم يسلم من أجهزة السلطة الفلسطينية، الذي اعتقلته خلال حملة لها عام 1996م، وأمضى في السجن ثلاثة أشهر، ثم أُطلق سراحه، حتى أُعيد اعتقاله هو وعدد كبير من أبناء الحركة عام 1997م، وأمضى بسجونها ثلاثة أعوام، ليطلق سراحه عام 2000م.

واستطاع منصور ومن خلال سجنه أن يطور نفسه ويكتشف طاقاته ومواهبه، إذ أبدع في الرسم، وهو أول من رسم شعار حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وألّف عديد المؤلفات، منها: كتاب التحول الديمقراطي الفلسطيني من وجهة نظر إسلامية، وكتاب أجنحة المكر الثلاث، وله عديد المنشورات والدراسات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وكان بارعًا في الكتابة، وتعامل بكتابة التقارير والمقالات لعدد من الصحف والمجلات.

جمال سليم

وُلد جمال سليم في مدينة نابلس عام 1958. درس الابتدائية والإعدادية بمدارس "أونروا"، والثانوية في المدرسة الصلاحية في نابلس، ثم سافر إلى الأردن ملتحقًا بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية حتى حصد شهادة البكالوريوس في الشريعة عام 1982م.

وعاد إلى فلسطين ليعمل مدرسًا لمادة التربية الإسلامية في المدرسة الثانوية الإسلامية بنابلس، وينال عام 1996 على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة النجاح الوطنية.

والتحق بصفوف "حماس" بعد تأسيسها عام 1987، واشتهر بخطاباته ومحاضراته في مسجد "معزوز" في نابلس.

واختير أمينًا لسر لجنة التوعية الإسلامية وأمينًا لسرّ رابطة علماء فلسطين في نابلس، أبعدته قوات الاحتلال على خلفية انتمائه لحماس لمرج الزهور جنوب لبنان عام 1992م، مع مئات من عناصر الحركة الإسلامية وقياداتها.

وترأس سليم عديد اللجان والفعاليات، خاصة بعد اندلاع انتفاضة الأقصى بسبتمبر/أيلول 2000، وكان من مؤسسي لجنة "التنسيق الفصائلي" بنابلس، التي كان أبرزها أهدافها تنسيق المواقف بين المقاومة بمختلف تياراتها في الميدان.

وأصدر نشرتين بعنوان "هدى الإسلام"، و"من توجيهات الإسلام"، وكانت رسالة الماجستير التي قدمها بعنوان "أحكام الشهيد في الإسلام".

وكان الاسم -جمال- نقطة التقاء القائدين منصور وسليم، وكان العمل الوطني والانتماء للفكرة ذاتها، وللمنهج ذاته نقطة التقائهما، فشكلا صورة نابلس جبل النار في ثوريتها وعنفوانها ومقاومتها، حتى سعى الاحتلال جاهدًا إلى اغتيالهما متوهمًا، أن استشهادهما قد يوقف مسيرة المقاومة.

تجديد العهد

ففي عرس الشهيد صلاح الدين دروزة الذي ارتقى قبلهما بأيام، كان الخطاب ذا شجون بالتأكيد على الثوابت والاستمرار في النهج وتجديد العهد على الوفاء، مستعرضين مناقب الشهيد أبي النور الذي خاض معهما طريق المقاومة والجهاد سنوات طويلة.

وتحدث سليم برسالة واضحة جلية: "نموت وتحيا القدس.. نموت ويحيا الأقصى"، أما منصور فشدد على أن "رصيد الحركة من الأبطال يُعد بالآلاف، ردًا على سياسة الاحتلال باغتيال القادة والمجاهدين، وأن جرائم الكيان لن تمر دون رد".

وبعد سنين من العطاء في مسيرة الحق والقوة والحرية، ترجّل الجمالان، فرسما جمال النهايات بالشهادة، كما رسما جمال البدايات بالبذل والتضحية.

ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك