لم تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي للفلسطيني صلاح كنانة بتفريغ حظيرة الإبل والأغنام التي يمتلكها، قبل أن تنقض جرافاتها عليها وتحولها إلى ركام، بعد أن أنهى تطويرها وتنظيفها منذ نحو أسبوع.
واليوم يعيش كنانة (40 عامًا) حالة نفسية صعبة، عقب هدم المزرعة بشكل مفاجئ، والتي تعتبر من أكبر مزارع المواشي في بلدة يافا- الناصرة في الداخل الفلسطيني المحتل.
وبالرغم من الخسائر المادية إلا أن الأثر النفسي للهدم على الراعي، بدا الأكثر إيلامًا، فهو يعيش في صدمة وقهر شديدين، بسبب ما حدث معه في صباح الأربعاء، الذي كان يتجهز فيه للذهاب إلى المزرعة الجميلة.
ويُعد استهداف الثروة الحيوانية والنباتية لمزارعي أراضي الـ48 من المخططات الاستراتيجية للاحتلال في استهداف الفلسطينيين.
صباحٌ "أسود"
ويروي كنانة لوكالة "صفا" تفاصيل "مجزرة" كادت أن تقع بحق مئات رؤوس المواشي والأغنام، أثناء عملية الهدم، قائلًا: "صحوت من النوم وما هي إلا دقائق كنت أرتدي ملابس العمل، وإذ بثكنة عسكرية كاملة تتجه نحونا".
ويضيف: "لم يكن هناك أي إنذار أو تعليمات بالهدم، حتى أنني من صدمة ما شاهدت من آليات وسيارات شرطة، ظننت أن الهدم لشيء آخر، إلا مزرعتي".
لكن جرافات الاحتلال كانت عند سوء ظن كنانة؛ فقد اقتحمت المزرعة ورفضت حتى الحديث معه، أو مع محامين أو الاطلاع على تراخيصها.
ويصف المشهد قائلاً: " لم يعطونا حتى مجالًا لنفرغ أي شيء في المزرعة، لا ماشية ولا أغراض ثمينة ولا اصطبلات، وهذا ما قهرني، وجعلني أواجههم، على الأقل لأنقذ ماشيتي".
وفي اللحظات التي كانت المسافة بين الجرافات والمواشي في الحظيرة "صفر"، تقدم كنانة وشكل بجسده درعًا واجه فيه الآليات، لمنعها من الانقضاض عليها.
وعلى أثر ذلك حدثت مناوشات بين الجنود وكنانة، بعد توقف الجرافة أمام هذا المشهد
وبعدما شاهد جنود الاحتلال استبسال كنانة في الدفاع عن مصدر عيشه الوحيد، ومنعه إياهم من إعدام الخيول والأغنام التي تزيد عن 450 رأسًا، اضطر عناصر الاحتلال لنقلها لبركسات مجاورة، تمهيدًا لمصادرتها.
يقول كنانة: "بحمد الله أنقذت الماشية التي كانت في المزرعة، والتي تعني لي الكثير، لكن هذا التاريخ أسود، لكم أن تتخيلوا، كيف لإنسان أن ينظف حظيرته ويطورها منذ أسبوع، وفي اليوم الأول لدوامه فيها بهذا المنظر، يتم هدمها".
خسارة نفسية ومبرر واهي
ويستطرد بالقول: "الخسارة النفسية كبيرة وأكبر من المادية، صحيح أنها خسارة لا تقل عن مليون شيكل، لكن يكفي القهر الذي أنا فيه".
ويؤكد المزارع أن لديه التراخيص اللازمة للمزرعة، وأن هناك أوراقًا لمحامين ومحكمة، رفض عناصر الاحتلال مجرد الاطلاع عليها.
وعن سبب هذا الهدم غير المنذر به مسبقًا، يقول "هدموها لأنني أجريت إصلاحات داخلها، وحولتها لجنة خضراء، وهذا ما قهرهم، وجعلهم يطالبون بترخيص مسبق لهذه الإصلاحات، كما زعموا بعد الهدم".
يُذكر أن مزرعة كنانة قائمة منذ عام 2006، وأجرى مؤخرًا التطويرات عليها، بمعدات وأدوات حديثة مرتفعة الثمن، بالإضافة لهدم بركسات تابعة لها.
ويشهد الداخل والنقب الفلسطينيين تصاعدًا بعمليات الهدم، ضمن ما يسمى بقانون "كيمنتس" الذي يستهدف ما يزيد عن 95 ألف منزل ومنشأة في كليهما.