عادت قضية تهجير سكان الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة إلى الواجهة من جديد، بعدما طلبت منظمة استيطانية من المحكمة العليا الإسرائيلية إصدار أمر بإخلاء القرية البدوية.
وتأتي مطالبة منظمة "ريغافيم" الاستيطانية، أمس الأحد، لمحكمة الاحتلال، بداعي فشل حكومة الاحتلال الإسرائيلي في أي خطة لإخلاء القرية الفلسطينية.
ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن المحامي "آفي سيغال"، الذي يمثل "ريغافيم" في هذه القضية قوله: "يجب على المحكمة العليا أن توقف عمل السيرك هذا، وأن تصدر حكمًا نهائيًا يحدد موعدًا نهائيًا لإخلاء المجمع غير القانوني وهدمه".
ومنذ عام 2009، تطالب المنظمة الاستيطانية بإخلاء الفلسطينيين من الخان الأحمر وهدم منازلهم، ويتعرض السكان والتجمعات البدوية شرقي القدس لضغوطات مستمرة من اليمين الإسرائيلي المتطرف، والمستوطنين، ولعمليات تحريض كبيرة على هدم القرية وإخلائها لأجل تنفيذ مخطط "E1" الاستيطاني الضخم.
وقدم مسؤولون إسرائيليون عدة مقترحات لإخلاء القرية وتهجير سكانها، ونقلهم إلى منطقة أوسع على بعد 300 متر من موقعها الأصلي، ليبقوا في نفس المنطقة بين القدس وأريحا.
وفي العام 2018، أعطت المحكمة العليا الإسرائيلية الضوء الأخضر لهدمها وإخلاء الفلسطينيين منها، وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو بالقيام بذلك، لكنه تراجع بعد أن حذرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية من أن هدم المنازل يمكن اعتباره "جريمة حرب".
تهجير طوعي
أمين سر حركة فتح في منطقة عرب الجهالين وبادية القدس داوود الجهالين يقول لوكالة "صفا" إن الجمعية الاستيطانية تُكثف من ضغوطها لأجل إخلاء سكان الخان الأحمر وتهجيرهم، "فقبل عدة أشهر ضغط الاحتلال من خلال إحدى قنواته لأن تكون عملية الإخلاء لـ150 مترًا جنوب الموقع الحالي للقرية".
ويوضح أن الهدف الإسرائيلي ليس فقط نقل الـ150، بل تكريس مبدأ التهجير الطوعي الناعم، لكن جميع هذه الخطوات رُفضت من سكان القرية والتجمعات البدوية.
وبحسب الجهالين، فإن "سلطات الاحتلال تُصر على إخلاء القرية وتهجير سكانها، كونها حكومة عصابات صهيونية متغطرسة، ومنذ نكبة عام 1948 وهم يسعون لمحاربة كل ما هو فلسطيني على هذه الأرض، مستهدفين الحجر والبشر والشجر".
ويضيف أن كل ما يتعلق بالحياة الفلسطينية هو مستهدف ومحارب من الاحتلال، ولرمزية الخان الأحمر في الصمود والتحدي والاعتصام المفتوح والبقاء في مناطق (c)، ومخطط "E1"، فإن الجمعية الاستيطانية وغيرها من الجمعيات تسعى لاقتلاع القرية من موقعها.
ويتابع "إذا ما نجحت الجمعيات الاستيطانية في تنفيذ هذه الخطوة، فإنه ستكون هناك سابقة سهلة لتهجير بقية التجمعات البدوية شرقي القدس، لأن هذا ما يعملون على تحقيقه، لكننا سنعمل على إفشاله".
ويؤكد أن "مطالبة الجمعيات الاستيطانية بإخلائنا من القرية لن يثني من عزمنا على البقاء والصمود فيها، ومواجهة الاحتلال وإجراءاته بشأن تهجير السكان الفلسطينيين قسريًا سواء في الخان الأحمر أو كافة التجمعات".
ويكمل حديثه قائلًا: "كما هم يُطالبون بسرعة إخلاء الخان الأحمر، نحن مصرون على البقاء والثبات، ومستمرون في الدفاع عن أراضينا وبيوتنا".
آليات المواجهة
وحول خطوات مواجهة أي قرار إسرائيلي بإخلاء القرية، يؤكد الجهالين أن "هناك خطة مبرمجة وآليات عملية تم إعدادها، وسيتم تنفيذها على أرض الواقع في حال اُتخذ القرار النهائي، ولامسنا أي إجراء جدي من الاحتلال بالإخلاء والتهجير القسري للسكان".
ويوضح أن من ضمن هذه الخطوات تنفيذ اعتصام مفتوح في الخان الأحمر، بمشاركة فلسطينية ودولية، مضيفًا "لن نعدم الوسيلة في إفشال مخططات الاحتلال، والبقاء في أراضينا".
ويشير إلى أن هناك تواصل مع عدة جهات فلسطينية ودولية، بما فيها سفراء وقناصل من الاتحاد الأوروبي، للضغط على حكومة الاحتلال لوقف عملية التهجير نهائيًا.
وفي العام 2019، قدمت "ريغافيم" الاستيطانية التماسًا إلى "المحكمة العليا"، طالبت فيه بإجبار حكومة الاحتلال على اتخاذ إجراء، إلا أنها أرجأت أكثر من مرة ردها على طلب المحكمة.
وفي آذار/ مارس 2022، منحت محكمة الاحتلال الحكومة الإسرائيلية مهلة حتى 13 تموز/ يوليو لشرح سبب عدم إخلاء القرية، لكن جاء التوقيت مع قرار حل الكنيست وتولي يائير لبيد رئاسة الحكومة الانتقالية.
وقالت "ريغافيم": "لم تتحمل الدولة حتى عناء الرد أو الاستئناف أمام المحكمة لمزيد من الوقت".
وأضافت "تحاول الدولة تجنب اتخاذ قرار، وتأمل في استخدام خدعة بيروقراطية مخزية للحصول على تمديد إضافي لمدة 45 يومًا، وتحويل التمديد لمدة 120 يومًا ثم 165 يومًا".
وتعيش أكثر من 40 عائلة داخل الخان الأحمر في خيام وبيوت من الصفيح، وأخرى في "كرفانات" متنقلة، تفتقر لأدنى مقومات البنية التحتية والخدمات الأساسية.
وترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بوجودهم في هذه المنطقة، وتسعى لطردهم وتهجيرهم مجددًا، ولا تترك جهدًا في التضييق عليهم، وتقييد تحركاتهم.