تطلق "إسرائيل" على عمليات توسيع المخططات الهيكلية لبلدات الداخل الفلسطيني المحتل اسم مخطط "الفاتمال"، ويعني تسريع البناء من أجل تطويرها، لكنها تستخدمه غطاءً لجرائم الهدم.
واستعرت حملات الهدم وإخطارات الهدم الجديدة في عدد من بلدات الأراضي المحتلة خلال الأشهر والأسابيع القليلة الماضية، ووصل عددها إلى العشرات في بعض المناطق، رغم مصادقة حكومة الاحتلال على تضمينها في مخطط "فاتمال".
ومن المناطق التي يمارس فيها الاحتلال ترهيبًا مستمرًا بحق سكانها، منطقة كفر قرع، إذ تتعرض لوابل من إخطارات الهدم بشكل غير مسبوق، بذريعة "البناء دون ترخيص".
تخويف وترهيب
ويقول رئيس مجلس بلدة كفر قرع فراس بدحي لوكالة "صفا": "إن أحياءها تتعرض لحملة إنذارات هدم غير مسبوقة، رغم أن كل المستهدفين يقطنون في مناطق تم المصادقة عليها من حكومة الاحتلال ضمن الفاتمال، وفي مراحل متقدمة من التخطيط".
ويضيف "هناك ترعيب وتخويف حقيقي يتعرض له سكان أراضي الـ48، ففي وقت توهمنا الحكومة الإسرائيلية بوضع الأحياء في خانة الفاتمال، تستخدم ما يسمى بقانون كامينتس الجائر، كعصا لمنع تنفيذ البناء".
وقانون "كامينتس" من أبرز القوانين العنصرية لدى "إسرائيل"، وهو تعديل رقم 116 أدخلته في أكتوبر/ تشرين أول عام 2017 على ما يسمى قانون التخطيط والبناء، لتضييق الخناق على فلسطينيي الداخل ومنع البناء إلا بتراخيص من الاحتلال.
ويشكل التعديل خطرًا كبيرًا على وجود الفلسطينيين وأراضيهم، كونه يقضي بزيادة العقوبات على بعض مخالفات البناء، وسرعة تنفيذها من خلال أوامر وغرامات إدارية، دون تقديم المواطن للمحاكمة.
أما "الفاتمال" فهو مخطط أعده ما يسمى المجلس القطري للتخطيط والبناء الإسرائيلي للمجمعات ذات الأفضلية للسكن، وهو مخصص للأحياء التي يسكنها فلسطينيون بالداخل.
وبالرغم من "الصورة الوردية" الموهومة لهذا المخطط، ووضع عشرات الأحياء ضمنه "لتسريع البناء فيها"، إلا أن هذا لا يعدو سوى "كذبة"، كما أنه يتضمن نصوصًا تقضي بهدم عشرات المنازل مقابل تسريع البناء المزعوم.
ويقول بدحي "هذا كمخطط لا يتعدى مجرد الاسم، أما في حقيقته، فإنه مقابل البناء في كل مدينة، سيكون هناك هدم يزيد عن 40% من البيوت الفلسطينية فيها".
ويؤكد أنه "يشكل نكبة جديدة لبلدات الداخل الفلسطيني، لأن ما يطبق منه هو نصوص الهدم، أما تسريع البناء فلا".
فرض المخطط وأضراره
ومؤخرًا كشف محامون فلسطينيون من مدينة اللد، أن "فاتمال" يهدد بهدم 40% من المنازل بالمدينة.
وقدمت لجنة من المحامين اعتراضًا إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية ضد المخطط، بعدما كشفت عن وجود نصوص تسبب "ضررًا كبيرًا على الأحياء الفلسطينية".
كما أن المجلس القطري التابع لحكومة الاحتلال وضع "الفاتمال" ونشره دون العودة إلى ممثلي الفلسطينيين بالداخل، أو أصحاب الشأن والأراضي التي من المفترض أن يغير المخطط معالم حدودها.
ويشدد دبحي على وجوب أن تتحرك كافة الأطر السياسية والشعبية للوقوف ضد سياسة الهدم والمخطط المذكور، بالإضافة للتطبيق الجنوني لقانون "كامينتس"، لمنع حدوث المزيد من جرائم الهدم بأراضي الـ48.
عواقب وخيمة
من جانبه، يقول القيادي ورئيس مجلس الأحياء العربية بالداخل سابقًا مسعود غنايم لوكالة "صفا": "إن هدم المنازل مقابل الزيادة الطبيعية للفلسطينيين في الداخل، ستزيد كل عام من وتيرة الأزمة، التي لن تحمد عقباها".
ويضيف "هناك مخطط نتعرض له، فما يسمى الفاتمال، الذي يعني تسريع البناء، لا يوجد تطبيق لبنده هذا بالتحديد على أرض الواقع".
ويرجع ذلك إلى "أن حكومات إسرائيل المتعاقبة معنية بكل الأشكال بالتضييق على الفلسطينيين، وعدم توسيع مخططاتهم، ضمن معركة ديمغرافية منذ سنوات".
ويشير إلى أن "ذريعة البناء غير المرخص" واهية وكاذبة، لأن هناك رفض تام لطلبات تراخيص البناء، وعرقلة الآلاف الأخرى، وكله يصب في قانون "كامينتس".
ويحذر من "نتائج وخيمة" في حال استمرت وتيرة الهدم بالتصاعد، مع استمرار زيادة السكان في أراضي الـ48.
ووفق مصادر فلسطينية بالداخل المحتل؛ فإن هناك أكثر من 50 ألف منزل مهددة بالهدم ضمن القانون والمخطط المذكوريْن.