غزة-فضل مطر - صفا
ينكأ عيد الأضحى المبارك جراح المواطنة نيفين مقداد (36 عامًا) من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، إذ إنها باتت اليوم عاجزةً تمامًا عن شراء ملابس العيد لأبنائها وحتى توفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة لأسرتها.
وتقول مقداد في حديثها لمراسل صفا "20 شهرًا مرت دون صرف أي دفعة تغيثنا من واقع الحياة الصعب؛ بأي ذنب نُحرم من حقوقنا، حسبنا الله ونعم الوكيل".
ويعاني عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة في قطاع غزة من توقّف صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية التي تصرفها وزارة التنمية ضمن برنامج الحماية لتلك الأسر، حيث يبلغ عدد تلك الأسر 116 ألف أسرة منها نحو 80 ألف أسرة في القطاع.
وتتساءل مقداد: "لماذا لا ينظر إلينا بعين الرحمة؟ ألا نستحق دفعة من –شيكات الشؤون- قبل العيد؟ لماذا كل هذه المماطلة؟ ألا يعلمون أننا ندفع ثمن ذلك؟".
وتعيل المواطنة مقداد أبنائها الـ7 في وقت أن زوجها مريض ولا يقدر على العمل، إذ إن لديها طفلين أحدهما يعاني من شلل نصفي والآخر من تشنجات؛ في وقت أنها بالكاد تستطيع توفير العلاج لهما.
وتقول بقهر "زوجي مريض بورم حميد، ومنذ شهرين لم يدخل دارنا أي مبلغ ولو حتى شيكل، ألا يعلم المسؤولين حالنا وما وصلنا إليه؟"
وتتقاضى مقداد "شيك شؤون" بنحو 1400 شيكل كل 4 أشهر بحكم وضعها الإنساني والاقتصادي الصعب، قبل أن يتم تقليص تلك الدفع إلى 3 دفعات منذ عام 2017، وتقلّصت بعد ذلك لدفعتين ما بين 2018-2020، بينما كانت آخر دفعة صرفت في مايو من عام 2020 بقيمة 750 شيكلاً.
أوضاعًا سيئة
الحال لم يختلف كثيرًا لدى المواطن محمد النجار (48عامًا)- من مدينة غزة- فهو الآخر يعيش أوضاعا اقتصادية تزداد سوءًا في وقت لا يستطيع العمل بسبب مرضه بغضاريف في منطقة الظهر.
ويقول النجار في حديثه لمراسل "صفا" إننا "نعيش أوضاعًا صعبة للغاية للعام الثاني على التوالي؛ أوضاعنا باتت سيئة جدًا ولا أحد للأسف يلتفت إلى معاناتنا، في وقت أنني مريض ولدي أطفال مرضى ولا نستطيع شراء العلاج".
وانقلبت حياة النجار رأسًا على عقب بعد توقف صرف مخصصات "الشؤون الاجتماعية" فالدفعات التي كان يتحصّلها كانت بمثابة سد الرمق له ولأبنائه، وسداد إيجار المنزل.
ويشير إلى أن عليه متأخرات من إيجار البيت 17 شهرًا، وبات اليوم مهددًا بالطرد جراء عجزه عن سداد تلك المتأخرات أو الالتزام بسداد الإيجار الشهري.
ويعيل النجار 9 أبناء، في وقت لديه ولدان مريضان أحدهما مصاب بالسرطان، قائلاً "عن أي عيد نتحدث، ولا أحد من المسؤولين ينظر إلينا بعين الرحمة".
ويطالب بصرف مخصصات الشؤون لإغاثة عشرات آلاف الأسر الفقيرة التي تعاني ولا أحد يلتفت إليهم، معتبرًا وقف صرف "شيكات الشؤون" يرجع إلى كونها سياسية بامتياز ومناكفات فصائلية ونحن ضحية ذلك.
20 شهرًا
ومع انتهاء هذا الشهر فإنه يمضي على وقف صرف مخصصات "الشؤون الاجتماعية" 20 شهرًا، في وقت يستفيد منها في قطاع غزة قرابة 650 ألف شخص مع عوائلهم من المنتفعين.
ويؤكد المتحدث باسم الهيئة العليا لمطالبة بحقوق منتفعي "الشؤون الاجتماعية" صبحي المغربي أن آلاف الأسر في قطاع غزة يعيشون في حالة لا يرثى لها وأوضاعًا اقتصاديةً صعبة، حيث يمضي عليهم عيدًا تلو العيد دون أن يحصلون على حقوقهم.
ويقول المغربي في حديثه لمراسل صفا "نحن اليوم على مقربة من عيد الأضحى وتنتظر العوائل الفقيرة بكل لهفة صرف أي دفعة لها قبل العيد؛ لكن للأسف لا حياة لمن تنادي".
ويستهجن ادعاء السلطة الفلسطينية بأن وقف صرف تلك المخصصات يرجع إلى أزمة مالية لها وعدم التزام الاتحاد الأوروبي بدفع تعهداته المالية.
ويشير إلى أن الاتحاد يلتزم بدفع 40% من مخصصات "الشؤون الاجتماعية"، في حين أن السلطة تدفع 60% من عوائد الضرائب وهو التزام شرعي ووطني، "لكن السلطة لم تلتزم بوعودها ولم تستطع أن تصرف ما عليها خلال 20 شهر".
وبحسب الهيئة فإنه من بين 80 ألف أسرة في قطاع غزة تستفيد من "شيكات الشؤون" 28 ألفًا من كبار السن والمرضى، و53 ألفًا من ذوي الاحتياجات الخاصة، و10 آلاف امرأة مطلقة، ونسبة الأطفال بينهم 41%.
ويتساءل المغربي: "هل تعلم السلطة الفلسطينية أنها تحارب هذه الفئات الهشة برزقها ورزق أطفالها؟، مؤكدًا أنه "لو تأخر راتب موظف من السلطة شهرً لقامت الدنيا ولم تقعد"، على حد وصفه.
ويطالب السلطة الفلسطينية بصرف مخصص مالي عاجل للأسر الفقيرة قبل عيد الأضحى وإدخال الفرحة على قلوبهم، خاصة أنهم صبروا لنحو 20 شهرًا دون أي دفعات.
م ت/ف م