كشف المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب عن بدء سلطات الاحتلال الإسرائيلي وجمعية "إلعاد" الاستيطانية العمل على مخطط لتحويل الأنفاق المتجهة من مجمع عين سلوان التاريخي باتجاه القصور الأموية والمسجد الأقصى المبارك إلى مراكز ومحال تجارية لغسل أدمغة اليهود والزوار الأجانب وترويج روايات تلمودية مزورة، وحثهم على بناء "الهيكل" المزعوم.
وتبعد عين سلوان نحو 300 متر عن الزاوية الجنوبية الشرقية لسور الأقصى، وتعد من أشهر وأقدم عيون مدينة القدس، يعود عمرها إلى خمسة آلاف عام، عندما حفر الكنعانيون قناة تحت الأرض بطول 533 مترًا، إذ اكتسبت بعضًا من أهمّيتها، من كونها المَورد الطبيعي المائيّ الوحيد في المدينة.
ومما زاد من أهمية العين أنها وقفٌ إسلاميّ تابع لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، أوقفه الخليفة عثمان بن عفّان على فقراء المدينة، ومن بعده أوقف صلاح الدين الأيوبي القرية ومقدّراتها، بما فيها العين، على مصالح "المدرسة الصلاحية" عند باب الأسباط، شمال البلدة القديمة.
وعبر سنوات طويلة، روّجت جمعيّة "إلعاد" إلى تحويل العين مسبحًا وملهًا استيطانيًا للأطفال الإسرائيليين، وتذكرها على أنّها "عين جيحون" المذكورة في التوراة، رُغم أنه لا توجد أيّ إثباتات تؤكد أن هذه العين تقع في هذا الموقع.
روايات مضللة
وعن المخطط الإسرائيلي، يقول أبو دياب لوكالة "صفا" إن جمعية "إلعاد" وبالتعاون مع المؤسسات الاحتلالية التهويدية بدأت العمل على مخطط لتحويل الأنفاق إلى مراكز ومحال تجارية بهدف الترويج والحث على بناء "الهيكل" مكان المسجد الأقصى.
ويوضح أن العمل يجري تحت غطاء "سلطة الآثار والطبيعة" الإسرائيلية، ويتزامن مع أعمال الحفر والتجريف التي تجريها سلطات الاحتلال في محيط الأقصى ومنطقة القصور الأموية وحائط البراق، ومحاولات نزع الوقفية عن الأراضي المحيطة بالأقصى.
وتأتي هذه الأعمال أيضًا، تزامنًا مع استمرار تساقط الحجارة من أعمدة المسجد الأقصى، نتيجة الحفريات الإسرائيلية المتواصلة في أسفله ومحيطه، بالإضافة إلى محاولة الاحتلال تغيير الواقع التاريخي والديني في المسجد المبارك.
ويضيف أبو دياب أن الاحتلال وجمعياته الاستيطانية يعملون فوق الأرض عبر إقامة أماكن للسباحة والاستجمام ومراكز ترفيهية للمستوطنين المتطرفين.
وأما تحت الأرض من خلال إقامة مراكز ومحال تجارية ودور وصالات ومتاحف في المنطقة المستهدفة لعرض تاريخ عبري مزور مع وجود أدلاء ومرشدين تابعين للجمعيات الاستيطانية، تستهدف غسل أدمغة الإسرائيليين والترويج للروايات التلمودية، وحثهم على بناء "الهيكل".
ويبين أن الأنفاق المستهدفة تضم أسواقًا ومحالًا تجارية ومقتنيات ومعدات، وشمعدان من الخشب القديم، ونماذج مصغرة تشير إلى كيفية الحياة في فترة "الهيكلين الأول والثاني"، وتدلل على الطريقة الموصلة إلى "المعبد" في حقبة "الهيكل".
وتضم الأنفاق كذلك، صورًا للقرابين ومواقع لتقديم دروس عن كيفية ذبح القرابين داخل المسجد الأقصى، في محاولة لإعادة صياغة التاريخ، والرواية الحقيقية للمدينة المقدسة، بما يتماشى مع رواياتهم التلمودية المضللة.
وبحسب أبو دياب، فإن العمل في المنطقة المستهدفة ما زال جاريًا ومستمرًا، حيث تم وضع بضائع ومعدات كانت تُستعمل سابقًا للتجارة.
محو التاريخ والآثار
ويؤكد أن سلطات الاحتلال تستهدف بذلك التخلص من التاريخ العربي الإسلامي ومحو آثار القدس العريقة، وتغيير البُعد الديني والتاريخي للمدينة المقدسة، وجعلها ذات بُعد يخدم رواية الاحتلال.
ويتابع أن الهدف من تحويل الأنفاق لمراكز ومحال تجارية، جذب اليهود من أنحاء العالم للمنطقة، وتكثيف جهود الجمعيات الاستيطانية وتحضيراتها للتدريب على إعادة بناء "الهيكل" مكان الأقصى، خاصة وأن هذه الأنفاق تُوصل "للمعبد" حسب رواياتهم وادعاءاتهم.
وتسعى الجمعيات الاستيطانية-وفقًا لأبو دياب-إلى جذب مزيد من المستوطنين لتلك الأنفاق، وإعادة محاكاة الحياة التي كان يعيشها اليهود في فترة "الهيكل"، وإثبات وجودهم في القدس.
وتشكل هذه الخطوة الخطيرة جزءًا من تغيير واقع المنطقة التاريخية، وتهويدها بشكل كامل، وتشويه المشهد العام للمدينة المقدسة، وفرض وقائع تهويدية جديدة في محيط الأقصى.
ويشير الباحث المقدسي إلى وجود سباق محموم بين اليمين المتطرف والجماعات اليهودية من أجل تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى، والمنافسة لكسب مزيد من أصوات المستوطنين المتطرفين في انتخابات الكنيست القادمة.