سارعت كتائب القسام التي تأسر عددًا من جنود الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، للإعلان عن تدهور صحة أحد هؤلاء الجنود، في خطوة تضع "إسرائيل" أمام مسؤولياتها تجاهه، في وقت يمارس الاحتلال قتلًا ممنهجًا بحق الأسرى الفلسطينيين ويُخفي حقيقة أوضاعهم الصحية.
وعرض الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مساء الثلاثاء، مشاهد للجندي الإسرائيلي الأسير هشام السيد، بعد يوم من إعلان حدوث تدهورٍ على الحالة الصحية لأحد الجنود الأسرى لديها.
وظهر الجندي السيد وهو طريح الفراش موصولًا على جهاز للتنفس الاصطناعي.
وفي مقابل كشف القسام عن الوضع الصحي للجندي "السيد"؛ فإن "إسرائيل" تتكتم على وضع أي أسير فلسطيني يطرأ تدهور على صحته لسنوات، ضمن سياسة إهمال طبي وقتل بطيء تتعمده بحق الأسرى.
ويخضع الأسرى الفلسطينيون لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة للعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول التابع لها، وبالرغم من عدم انضمام "إسرائيل" للاتفاقيات إلا أنها ملزمة بتطبيق أحكامها تحت إطار ما يعرف بمبادئ القانون الدولي العام.
ويتسبب الإهمال الطبي وإخفاء أوضاع الأسرى المرضى بإصابة عدد منهم بأمراض مزمنة، وصولًا لاستشهادهم داخل السجون.
وتؤكد إحصائية حديثة لنادي الأسير الفلسطيني أن مئات الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يعانون من أمراض مزمنة، بينهم 6 أسرى ثبتت إصابتهم بمرض السرطان خلال الفترة الواقعة بين شهري أغسطس/ آب عام 2021 ويونيو/ حزيران الجاري.
ويشدد النادي على أن تدهور أوضاع الأسرى يقابله إهمال إدارة السجون الإسرائيلية للحالات المرضية بينهم.
وتشير الإحصائية إلى أن نحو 600 أسير مريض يقبعون في السجون الإسرائيلية، بينهم 200 أسير يعانون من أمراض مزمنة.
وتؤكد أن 23 أسيرًا فلسطينيًا مصابون بمرض السرطان بدرجات متفاوتة، بينهم 6 أسرى ثبتت إصابتهم بالفترة الواقعة بين شهري أغسطس/ آب عام 2021 ويونيو/ حزيران الجاري.
وتتعمد سلطات الاحتلال وإدارة السجون إهمال صحة الأسرى المرضى، وتفتقر عيادات سجون الاحتلال للمختصين وللأطباء المناوبين ليلًا لعلاج الحالات الطارئة.
وحسب الإحصائية، فإن إدارة سجون الاحتلال تضع الأسرى المصابون بأمراض معدية كالتهابات الأمعاء الفيروسية الحادة، في نفس السجون مع باقي الأسرى ما يهدد بانتشار المرض بسرعة بين صفوف الأسرى.
استغلال المرض
وتنقل سلطات الاحتلال الأسرى المرضى إلى المستشفيات بعد تدهور حالتهم الصحية وهم مكبلو الأيدي والأرجل، وفي سيارات شحن عديمة التهوية، بالإضافة لحرمان الأسرى المصابون بأمراض مزمنة من أدويتهم.
وبعكس هذه الصورة، ظهر الجندي "السيد" في مقطع الفيديو وهو مستلقٍ على سرير، وغير مقيّد، ويتلقى رعاية طبية، في غرفة يتوفر فيها شاشة تلفاز.
وتعيد صورة الجندي الأسير إلى الأذهان ملف الجندي جلعاد شاليط، الذي أسرته كتائب القسام عام 2006، وتعاملت مع ملفه بنفس الآلية طوال فترة أسره التي استمرت خمس سنوات، من حيث الحفاظ على وضعه الصحي وتوفير ما يلزم من حقوق الأسرى التي كفلتها القوانين الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان.
إلا أن "إسرائيل" تستغل مرض الأسرى لانتزاع الاعترافات منهم، حيث تحقق معهم وتستجوبهم وتضغط عليهم وهم في وضع صحي صعب، إلى جانب تقديم أدوية منتهية الصلاحية.
وينطبق على الأسيرات ما ينطبق على الأسرى، إذ تتخذ سلطات الاحتلال إجراءات ضدهن، من أبرزها إجبارها الحوامل منهن، على الولادة وهن مقيدات الأيدي، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان أولًا، واتفاقيات حقوق الأسرى.
مرض الأسير الفلسطيني
ويقول المختص بشؤون الأسرى رأفت حمدونة إن ملف الأسرى المرضى في سجون الاحتلال من أهم الملفات وأعقدها، إذ يتعرضون لانتهاك صارخ، راح ضحيته العشرات منهم.
ويوضّح حمدونة لوكالة "صفا" أن الأسرى لا يتلقون العلاج فور مرضهم، ولا يتم الإعلان عن مرضهم، بل يبقى الأسير سنوات لا يدري ما به.
ويشير إلى أن ذلك يرجع لعدة أسباب أبرزها أن إدارة سجون الاحتلال لا تُسلّم الملف الطبي أو تعرضه على أطباء خارج السجن.
وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن الاحتلال يتعمد تأجيل العمليات الجراحية، ولا يُجري الفحوصات المخبرية داخل السجون.
ويلفت إلى عدم وجود ثقة في الطبيب العسكري الإسرائيلي، الذي يتعامل مع الأسير بعدائية وعلى أساس أنه إرهابي.
ويضيف "لا يوجد شيء في سجون الاحتلال اسمه مستشفى، كما ظهر في فيديو الأسير الإسرائيلي بغزة".
ويشدد على أن الاحتلال انتهك صحة الأسرى واستغل مرضهم في العديد من التجاوزات، أبرزها تجارب الأدوية.
وبلغ عدد الشهداء الأسرى في سجون الاحتلال 228 منذ عام 1967، منهم 72 أسيرًا ارتقوا نتيجة لجريمة الإهمال الطبي.