وجد يوسف أبو عجوة (13عامًا) من مدينة غزة شغفه في مخيم السباحة والألعاب المائية لأطفال "طيف التوحّد"، ليكون علاجًا ومتنفّسًا له ولعشرات الأطفال الذي يعانون من هذا الاضطراب.
وتبدو السعادة على وجوه الأطفال وهم يلهون داخل بركة السباحة وإلى جانبهم ذويهم، في المخيم الذي يقيمه نادي الدولفين برعاية المجلس الأعلى للشباب والرياضة، ويشارك فيه نحو 40 طفلًا.
و"طيف التوحّد" هو عبارة عن اضطراب في نمو الدماغ للأطفال يسبب "خللًا بوظائف الإدراك السمعي والبصري ومع تقدم العمر يمكن أن تتحسن حالتهم ما يؤهلهم ليعيشوا حياة طبيعية".
ويستمر المخيم 7 أيام ويُنظم على فترتين صباحية ومسائية، تضم كل فترة 20 طفلًا.
طفل موهوب
لم يقف اضطراب "طيف التوحّد" عائقًا أمام الطفل يوسف أبو عجوة؛ إذ أنه يمتلك موهبة "الحساب الذهني"، وله قدرة فائقة على حل المعادلات الحسابية بمهارة عالية ووقت قياسي، بالإضافة إلى إجادة التحدث باللغة الإنجليزية.
وبسعادة كبيرة يقول الطفل أبو عجوة لمراسل وكالة "صفا"، "أصحو باكرًا وأذهب إلى المخيم، وأتناول فطوري وألعب مع الأطفال، وأتعلم السباحة والرسم، وحلمي أن أصبح طبيب".
ويبدأ المخيم نشاطه بفقرة الرسم للأطفال لتحفيزهم، ويكون بمثابة الإحماء لهم، وصولًا للفقرة التي تليها السباحة، لتعلم مهارات هذه الرياضة والعلاج وتفريغ الطاقة السلبية.
وتقول والدة الطفل يوسف، رشا أبو عجوة، "إن معاناتها مع طفلها بدأت منذ الصغر، كان لديه توحّد شديد، لا يتحدث كثيرًا ولا يختلط مع الأطفال، كان يبكي ويضحك لوحده، ويصرخ حين يجتمع مع الأطفال، لكن مع هذا المخيم بات يختلط بهم ويمرح معهم".
وتشير أبو عجوة إلى أنه برغم إصابة طفلها بهذا الاضطراب إلا أنها اكتشفت أن طفلها موهوب بالذكاء العقلي واللغة الإنجليزية ورياضة "السكيت".
وتتابع "يوسف لديه سرعة عالية بحفظ أكثر من 20 رقمًا من أول نظرة، ولديه سرعة كبيرة بحساب الأرقام".
ونتيجة لهذه الموهبة قدّمت وزارة التربية والتعليم للطفل يوسف منحةً لتعلم الذكاء العقلي ووصل فيها إلى المستوى العاشر والنهائي بتفوق.
وتعبر والدة الطفل أبو عجوة عن سعادتها لمشاركة طفلها بهذا المخيم، "فهذا المخيم ممتاز، تعلم طفلي هنا السباحة والعوم، عدا عن دورها المهم في تفريغ الطاقة السلبية لديهم".
وتوجه رسالة للقائمين على هذا المخيم، بضرورة الاستمرار وتقديم أنشطة ترفيهية لهذه الفئات من الأطفال، حاثّةً الجهات المانحة بمواصلة دعمها لمثل هذه المشاريع.
مخيم مهم
الاخصائية الاجتماعية صفاء نصار تصف مخيم السباحة بالمهم للأطفال خاصة الذين يعانون من اضطراب "طيف التوحّد".
وتقول نصار وهي مديرة المخيم في حديثها لمراسل صفا: "اخترنا العلاج المائي للأطفال لتقوية أجهزة التنفس لهم، من خلال الطفو والعوم، ويتعلمون من خلال المخيم حركات سباحة"، مؤكدةً أن الهدف الأساسي من المخيم هو تفريغ الطاقة السلبية وكسر حاجز الخوف لديهم.
ويلتحق بهذا المخيم أطفال اضطراب "طيف التوحد" من عمر 7-14عامًا، حيث يمكثون بالمخيم 4 ساعات يمارسون خلالها فن الرسم والتفريغ النفسي قبل نزولهم إلى المسبح المخصص.
ويشرف على المخيم المجاني للأطفال عدّة اخصائيين اجتماعيين، ومشرف أخصائي نفسي، عدا عن مدربين لديهم إلمام كامل بالتعامل مع أطفال "طيف التوحد"، وفق القائمين على هذا المخيم.
وتعرب نصار عن أملها بتوفر الدعم لإطلاق عدة مخيمات أخرى وبرامج تشمل الأطفال من كلا الجنسين، وصولًا لتخلصهم من هذا الاضطراب كليًّا.