نابلس - خاص صفا
شكلت مشاهد القمع الوحشية التي تعرض لها طلبة جامعة النجاح بنابلس على يد عناصر الأمن الجامعي صدمة كبيرة في الشارع الفلسطيني، وفتحت الباب أمام سيل من التساؤلات عن دوافعها وأسبابها والرسائل التي تحملها.
وتكررت المشاهد مرتين في غضون أسبوع واحد، الأولى أمام الحرم الجامعي الجديد، والثانية على بوابات الحرم القديم، ما يكشف عن إصرار المعتدين على إيصال رسائلهم وهم يتمتعون بغطاء من إدارة الجامعة والسلطة.
ممثل الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح عمير شلهوب، وهو أحد خمسة من كوادر الكتلة صدرت بحقهم قرارات فصل من الجامعة، اعتبر ما جرى كسراً لكل الخطوط الحمراء.
وقال لوكالة "صفا" إن عناصر الأمن استخدموا القوة المفرطة والأدوات الحادة وغاز الفلفل ضد الطلبة العزل، وهو ما لم يكن متخيلاً.
وأضاف: "مشهد مركبات الإسعاف وهي تنقل المصابين اعتدنا عليه خلال اقتحامات الاحتلال فقط".
ورأى أن ما حدث يشير إلى رغبة إدارة الجامعة بردع الطلبة وقمع الحريات حتى لا يتجرأ الطالب على الاحتجاج أو المطالبة بحقوقه المشروعة.
ولفت إلى أن الاعتداء الأخير طال طلبة الحراك المستقل بعد اتهام الجامعة له بأنه يتبع الكتلة الإسلامية، وهو ما نفته الكتلة والحراك على حد سواء.
وأشار إلى أن المشاهد التي وثقتها مقاطع الفيديو بينت الحقد الدفين لدى عناصر الأمن الجامعي الذين كانوا ينفذون أوامر رئيس الأمن الذي كان يتواجد بينهم ويوجههم.
وكشفت الأحداث عن تعاون بين الأمن الجامعي داخل أسوار الجامعة وعناصر أمنية خارجية أكملت دورها بملاحقة الطلبة بعد طردهم بالقوة من داخل الجامعة.
ويرى طلبة سابقون درسوا في جامعة النجاح أن الجامعة تحولت في السنوات الماضية إلى ما يشبه الثكنة العسكرية مع إطلاق يد الأمن الجامعي للتغول على الطلبة والعاملين.
ويعود ذلك إلى رئيس أمن الجامعة طلعت صايل "أبو منصور" الذي بات في السنوات الأخيرة صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الجامعة.
وقال كامل عبد الجليل، وهو أحد خريجي جامعة النجاح قبل خمس سنوات أن أبو منصور" أو "الكبير" كما يلقبه عناصره، يختار رجاله بعناية ممن ينتمون لحركة فتح ويدينون بالولاء المطلق له وينفذون أوامره دون نقاش.
ويظهر هذا في المنشورات التي ينشرها عناصر الأمن على صفحاتهم الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تحمل عبارات التمجيد التي لا تتناسب وطبيعة العلاقة المفترضة بين الموظف ورئيسه بالعمل.
ومن خلال القمع والقوة المفرطة يحاول "أبو منصور" فرض سطوته الأمنية على الطلبة والعاملين، ليثبت لإدارة الجامعة جدارته بهذا المنصب.
تقاسم أدوار
وتكشف الأحداث الأخيرة مدى التواطؤ بين الأمن الجامعي وأجهزة أمن السلطة، وهو ما نتج عنه شكل من أشكال تقاسم الأدوار داخل أسوار الجامعة وخارجها.
وبذلك لا تضطر أجهزة السلطة لاقتحام الجامعة لملاحقة الطلبة أو لقمع نشاط تنفذه طلابي داخل أسوارها.
وبدأ هذا التواطؤ بالتطور بعدما تضررت صورة الجامعة إثر جريمة إعدام الطالب محمد رداد بدم بارد في ساحات الجامعة عام 2007 على يد عناصر الأجهزة الأمنية والشبيبة الطلابية.
وتبين شهادات عدد من الطلبة أن عناصر الأمن الجامعي قام بملاحقتهم بعد قمع وقفة الكتلة الإسلامية الاربعاء الماضي، وإخراجهم بالقوة ليكونوا فريسة لعناصر أمن السلطة خارج الجامعة.
نموذج بيرزيت
ومن خلال القمع العنيف للطلبة، تسعى أجهزة السلطة إلى منع انتقال نموذج جامعة بيرزيت إلى جامعة النجاح.
ويقول عبد الجليل: "ترى السلطة أن نموذج جامعة بيرزيت ومستوى الحريات العالي فيها يشكل تهديدا لسطوتها الأمنية بالضفة، ويجب ألا ينتقل إلى أي جامعة أخرى، خاصة النجاح".
ويضيف: "تريد السلطة من خلال القمع الوحشي أن ترسل رسالة للحركة الطلابية مفادها أن ما هو محظور خارج أسوار الجامعة ينسحب إلى داخلها وليس هناك استثناءات".
من ناحيتها، تسعى الإدارة لفرض سيطرتها على الحركة الطلابية ومنعها من رفع سقف توقعاتها، وكيّ وعي هذه الحركة، وقطع أي محاولة للعودة إلى الوراء عندما كانت الجامعة تخرج قادة المقاومة.
ويعزو متابعون الوحشية التي ظهر بها أمن الجامعة خلال قمع الوقفات الطلابية إلى عمليات التحريض والتجييش التي تجري بالسر والعلن عبر قنوات خاصة بعناصر حركة فتح.
فمن خلال هذه القنوات يتم ضخ كميات كبيرة من الافتراءات والمعلومات المضللة والصور ومقاطع الفيديو المفبركة، وهو ما ينعكس على سلوكهم وتعاملهم مع من يختلف معهم.
ويقول عبد الحليل: "بعد خسارة الشبيبة بانتخابات بيرزيت كانت هناك آراء داخلية تدفع بالهروب للأمام، تطبيقا لمقولة: ما لا يأتي بالقمع يأتي بمزيد من القمع".
أ ك/غ ك