تصاعدت وتيرة التهديدات بين لبنان و"إسرائيل" منذ أيام بفعل تجدد الصراع على المنطقة الغنية بالغاز والنفط في الحدود البحرية المشتركة بين الجانبين.
وطفت الأزمة على السطح مجددًا، يوم الأحد الماضي، بعدما وصلت سفينة تابعة لشركة "إنرجين" الأوروبية، تحمل منصة عائمة مهمتها استخراج الغاز من حقل "كاريش" النفطي لصالح "إسرائيل"، الأمر الذي أثار استنكارًا لبنانيًا واسعًا.
وبحسب مصادر لبنانية متطابقة، فإن السفينة دخلت حقل كاريش وتجاوزت الخط 29 الحدودي، الأمر الذي يسمح للإسرائيليين باستخراج الغاز خلال 3 أشهر.
وقوبلت الخطوة الإسرائيلية برفض لبناني، حيث طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من وزارة الخارجية إجراء الاتصالات اللازمة، مع الجهات الدولية المعنية لمنع "إسرائيل" من بدء استخراج الغاز.
بينما اعتبر وزير الدفاع اللبناني موريس سليم في بيان صحفي، الأحد الماضي، أن تحركات "إسرائيل" الأخيرة قد تنذر بوقوع تدهور أمني جنوبي البلاد.
ولفت سليم إلى أن "التحركات التي تقوم بها إسرائيل بالمنطقة المتنازع عليها في الجنوب اللبناني، تشكل تحديًا واستفزازًا للبنان وخرقًا فاضحًا للاستقرار الذي تنعم به المنطقة الجنوبية من لبنان".
ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن مراقبين، توقعهم بأن التنقيب الإسرائيلي قد يكون "شرارة حرب" في المنطقة قد تشمل إيران، ولاسيما بعد تحذير إسرائيل من أن أي إلحاق ضرر بمنصات الغاز سيكون إعلان حرب.
أزمة متجددة
وبين لبنان ودولة الاحتلال منطقة متنازع عليها تبلغ 860 كلم مربع، بحسب الخرائط المودعة من جانب لبنان والاحتلال لدى الأمم المتحدة، وتعد هذه المنطقة غنية بالنفط والغاز.
وانطلقت مفاوضات بين الطرفين عام 2020 لترسيم الحدود البحرية بوساطة أميركية، لكنها توقفت في مايو/أيار 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها، على المساحة المذكورة (860 كيلومترًا مربعًا)، بناء على خريطة أرسلها لبنان في 2011 إلى الأمم المتحدة.
لكن لبنان رأى لاحقًا أن الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومترا مربعا إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش"، وهو ما رفضته "إسرائيل" معتبرة كاريش تابع لنفوذها.
حزب الله يهدد
في هذا الصدد، قال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله يوم الخميس الماضي إن الحزب قادر على منع "إسرائيل" من استخراج النفط والغاز من منطقة بحرية متنازع عليها مع لبنان، داعيًا إدارة "السفينة اليونانية" إلى الانسحاب فورًا.
وأكد نصر الله في كلمة متلفزة، أن هدف لبنان المباشر هو منع "إسرائيل" من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش، مؤكدًا أن لبنان يملك الحق وقوة الجيش والمقاومة لمنع الاحتلال من استغلال الحقل النفطي.
وشدد على أن "المقاومة" لن تقف مكتوفة الأيدي وأن كل الإجراءات الإسرائيلية لن تستطيع حماية المنصة العائمة لاستخراج النفط من حقل كاريش، مضيفًا "على الشركة اليونانية التي تملك السفينة أن تعلم أنها شريكة في الاعتداء على لبنان الذي يحصل الآن".
وتابع نصر الله، أن هذا الأمر له تبعات كبيرة، وعلى الشركة أن تسحب السفينة سريعًا وفورًا، وعليها أن تتحمل المسؤولية الكاملة من الآن عما قد يلحق بهذه السفينة ماديًا وبشريًا.
تأهب إسرائيلي
في المقابل، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال تعرض منصة الغاز "كاريش" إلى هجوم من قبل "حزب الله" اللبناني، وذلك في ظل التحذيرات اللبنانية من أي "عمل عدواني" في المياه المتنازع عليها.
وذكرت القناة الرسمية الإسرائيلية أن أجهزة الأمن الإسرائيلية أجرت جلسة لتقييم الأوضاع في أعقاب مغادرة المنصة التابعة لشركة "إنرجين" ميناء سنغافورة متجهة إلى "إسرائيل"، في مايو الماضي.
وأشارت إلى أن الاتفاقيات الموقعة بين "إسرائيل" وشركة "إنرجين" تنص على أن تأمين المنصة يقع ضمن مسؤوليات الشركة فيما تقع المسؤولية على أمن المنطقة المائية على عاتق الجيش الإسرائيلي.
وأضافت أن بحرية الجيش الإسرائيلي تستعد لتأمين المنطقة بواسطة قطع بحرية فوق وتحت سطح البحر تشمل غواصات، ولفتت إلى أن "الجيش الإسرائيلي يعمل على نقل منظومة القبة الحديدية بنسختها البحرية إلى المنطقة".
من جانبه قال وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن "أحدا لن يملي علينا ما إذا كنا سنستخرج الغاز من مياه إسرائيل أم لا".
وأضاف ليبرمان عبر "تويتر" أن "إسرائيل دولة ذات سيادة، وستواصل اتخاذ القرارات وفقا لمصالحها فقط دون اعتبار للتهديدات".
ويمتلك "حزب الله" (المدعوم من إيران) ترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ، وخاض عدة معارك مع الجيش الإسرائيلي آخرها كان صيف 2006، إضافة إلى مناوشات حدودية بين الطرفين من حين لآخر.