"محداش يحطني في الثلاجة ادفنوني بسرعة".. كانت وصية الفتى الشهيد عودة محمد صدقة (17 عامًا) من قرية المدية غرب رام الله.
واستشهد صدقة برصاص الاحتلال مساء الخميس الماضي، إثر إطلاق قناص من جيش الاحتلال الإسرائيلي النار عليه خلال تواجده مع أصدقائه على أطراف القرية المحاطة بالجدار الفاصل من ثلاث جهات.
صابر صدقة أحد أقارب الشهيد الذي حاول إنقاذه من بين زخات الرصاص، قال إن جنديًا أطلق النار مباشرة على عودة فأصابه في قلبه، وقال: "حاولنا إنقاذه لكنهم أطلقوا علينا الرصاص بكثافة.
ويضيف "استطعنا سحبه ونقله إلى المستشفى بسيارة مدنية لعدم وجود سيارة إسعاف، إلا أنه فارق الحياة في الطريق".
وأشار إلى أنه أخبره ذات مرة أن يُسارع أصدقاءه إلى مواراته الثرى في تراب القرية التي لطالما كانت مطمعًا للمستوطنين، دون المرور بثلاجة المشفى.
والدة الشهيد التي هرولت مسرعة تبحث عن نجلها البكر، بعد إخبارها بإصابته برصاصة في قدمه، فانطلقت مسرعة إلى المستشفى، وقالت: "بدي ابني يروح هلكيت معي وينام في الدار"، دون علمها أنه قضى شهيدًا.
بينما يوضح خال الشهيد محفوظ صدقة لوكالة "صفا" أن الاحتلال أطلق النار على عودة بهدف قتله، دون وجود أي مواجهات ودون الاقتراب من الجدار الفاصل أصلاً، ولم يكن عودة بعيدًا عن منزله سوى عشرات الأمتار".
ويضيف صدقة: "الاحتلال تعمّد قتله، وكان باستطاعة الجنود إطلاق طلقات تحذيرية في الهواء، لكن الجندي أطلق رصاصة واحد أصابته في قلبه مباشرة".
ويكشف صدقة أن الجنود وبعد التأكد من إصابته سارعوا لاحتجازه، وعمدوا لإطلاق الرصاص بكثافة على كل من حاول تخليصه أو إسعافه، إلا أن شبان القرية غامروا وسحبوه قبل وصولهم".
ويلفت خال الشهيد إلى أن قتل الفتى بهذه الصورة، هي رسالة لأهالي القرية بعدم الوصول إلى أراضيهم في الجهتين الجنوبية والغربية، في ظل محاولات المستوطنين السيطرة على الأراضي في تلك المناطق وإقامة مستوطنات عليها.
ويبين أن المناطق المحاذية للجدار وما خلفه، مصنفة لدى الاحتلال على أنها مناطق عسكرية لا يحق للمستوطنين استخدامها مثل أهالي القرية، إلا أن المستوطنين جرفوا أراضي في المنطقة وأقاموا تسويات تمهيدا لبناء وحدات استيطانية عليها.
ويشير إلى أن المستوطنين ومنذ شهور دأبوا على اقتحام أطراف القرية بحماية قوات الاحتلال، والتواجد في الأراضي الزراعية والادعاء بوجود أضرحة يهودية في تلك المناطق، بهدف طرد المزارعين وعدم السماح لهم بالعناية بأراضيهم.
ويقول: "قتل الفتى عودة بهذه الصورة، تأتي في إطار ردع جميع أهالي القرية للانفكاك عن أراضيهم وعدم العمل بها واستغلالها بهدف سلبها وإقامة مستوطنات عليها لاحقًا".
وشيع مئات المواطنين جثمان الفتى صدقه أول أمس وسط حزن شديد وغضب عمّ جميع الأهالي.