نشرت منظمة الصحة العالمية معلومات تفصيلية عن أعراض مرض جدري القردة وطرق انتقاله والوقاية منه بعدما بدأ مؤخرا في التفشي في عدد من دول العالم.
وحسب الموقع فإن جدري القردة مرض فيروسي نادر وحيواني المنشأ (يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان) وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدّة.
ومع أن الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980 فإن جدري القردة لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء أفريقيا.
وكُشِف لأول مرّة عن جدري القردة بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية (المعروفة باسم زائير في وقتها) لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968.
وأُبلِغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب أفريقيا، وخصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي رُئِي أنها موطونة به، والتي اندلعت فيها فاشية كبرى للمرض في عامي 1996 و1997.
وأُبلغ في خريف عام 2003 عن وقوع حالات مؤكّدة من جدري القردة في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة الأمريكية، مما يشير إلى أنها أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق القارة الأفريقية، وتبيّن أن معظم المرضى المصابين به كانوا قد خالطوا كلاب البراري الأليفة مخالطة حميمة.
واندلعت في عام 2005 فاشية لجدري القردة في ولاية الوحدة بالسودان وأُبلِغ عن وقوع حالات متفرقة في أجزاء أخرى من أفريقيا.
وفي عام 2009، قامت حملة توعية في أوساط اللاجئين الوافدين من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى جمهورية الكونغو بتحديد وتأكيد حالتين للإصابة بجدري القردة، فيما جرى احتواء 26 حالة ووفاتين في إطار اندلاع فاشية أخرى للمرض بجمهورية أفريقيا الوسطى في الفترة الواقعة بين آب/ أغسطس وتشرين الأول/ أكتوبر 2016.
طرق انتقاله
- تنجم العدوى بالمرض من الحالات الدالة عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية.
- من المُحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهية جيدًا من الحيوانات المصابة بعدوى المرض عامل خطر يرتبط بالإصابة به.
- يمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي أو من إنسان إلى آخر عن المخالطة الحميمة لإفرازات السبيل التنفسي لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخراً بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات.
- كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة (جدري القردة الخلقي)، ولا توجد حتى الآن أيّة بيّنات تثبت أنّجدري القردة يمكنه الاستحكام بين بني البشر بمجرّد انتقاله من شخص إلى آخر.
علامات المرض وأعراضه
- تتراوح فترة حضانة جدري القردة (وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها) بين 6 أيام و16 يوماً، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يوماً.
ويمكن تقسيم مرحلة العدوى إلى فترتين كالتالي:
1- فترة الغزو (صفر يوم و5 أيام)، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد (فقدان الطاقة).
2- فترة ظهور الطفح الجلدي (في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى) والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
ويكون وقع الطفح أشدّ ما يكون على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين (75%).
ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات بقعية (آفات ذات قواعد مسطّحة) إلى حويصلات (نفاطات صغيرة مملوءة بسائل) وبثرات تليها جلبات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماماً.
ويتراوح عدد الآفات بين بضع آفات وعدة آلاف منها، وهي تصيب أغشية الفم المخاطية (في 70% من الحالات) والأعضاء التناسلية (30%) وملتحمة العين (20%)، فضلاً عن قرنيتها (مقلة العين).
ويُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القردة عن سائر الأمراض المماثلة.
وعادةً ما يكون جدري القردة مرض محدود ذاتياً وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعاً بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.
ويشهد معدل الإماتة في الحالات تبايناً كبيراً بين الأوبئة ولكنّ نسبته لا تتجاوز 10% في الحالات الموثقة التي تحدث معظمها فيما بين الأطفال.
وعموماً فإن الفئات الأصغر سنّاً هي أكثر حساسية على ما يبدو للإصابة بجدري القردة.
العلاج واللقاح
لا توجد أيّة أدوية أو لقاحات مُحدّدة متاحة لمكافحة عدوى جدري القردة، ولكن يمكن مكافحة فاشياته.
وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحاً لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم.
ورغم ذلك فإن من المُرجّح أن يفضي التطعيم المسبق ضد الجدري إلى أن يتخذ المرض مساراً أخف وطأة.
الوقاية من المرض
الطريقة الوحيدة للحد من إصابة الناس بعدواه هي إذكاء الوعي بعوامل الخطر المرتبطة به وتثقيف الناس بشأن التدابير التي يمكنهم اتخاذها من أجل الحد من معدل التعرّض له. ولا غنى عن تدابير الترصد والإسراع في تشخيص الحالات الجديدة من أجل احتواء الفاشيات.
وينبغي أن تركزّ رسائل التثقيف بشؤون الصحة العمومية على الحد من الخطرين التاليين:
الحد من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر. ينبغي تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بعدوى جدري القردة، ولابد من ارتداء قفازات ومعدات حماية عند الاعتناء بالمرضى، كما ينبغي الحرص على غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بهم أو زيارتهم.
الحد من خطر انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر. ينبغي أن تركّز الجهود المبذولة للوقاية من انتقال الفيروس في البلدان الموطونة به على طهي كل المنتجات الحيوانية (الدم واللحوم) بشكل جيّد قبل أكلها، كما ينبغي ارتداء قفازات وغيرها من ملابس الحماية المناسبة عند مناولة الحيوانات المريضة أو أنسجتها الحاملة للعدوى وأثناء ممارسات ذبحها.