أجمع كتاب ومحللون أن معركة سيف القدس ومن قبلها العصف المأكول، والالتفاف حول خيار المقاومة، وتنامي صعود الحالة الكفاحية في الضفة الغربية المحتلة، ولَد صعودًا لتيارات المقاومة وانحسارًا في شعبية السلطة وحركة فتح.
ولعل أكبر دليل على ذلك، فوز الكتلة الإسلامية في جامعة بير زيت وسط الضفة الغربية بصورة غير مسبوقة، رغم الملاحقات الأمنية والاعتقالات والاستدعاءات.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إن فوز الكتلة الإسلامية لها دلالات سياسية بامتياز، وأن الاتجاهات لدى الجمهور الفلسطيني وحالة الالتفاف حول خيار المقاومة وحول الخيار السياسي لحركة حماس في الشارع الفلسطيني.
ويؤكد عرابي لوكالة "صفا" أن ذلك ناجم عن التحولات التي خلقتها الحالة الكفاحية ابتداء من حرب العصف المأكول عام 2014 وصولاً إلى معركة سيف القدس، أحدثتا التفافاً شعبياً، في مقابل تآكل وانحسار وتراجع في شعبية السلطة وسياساتها.
وبحسب عرابي، فإن حركة فتح وأذرعها مثل حركة الشبيبة تدفع ثمن سياسات السلطة، وابتعاد وانحياز الموقف الشعبي عنها.
ويلفت الكاتب إلى أن معركة سيف القدس هي العامل الحاسم في تكريس المقاومة وتعزيز خيار المقاومة والتوجه السياسي لهذا الخيار بين الجماهير.
ويقول: "هناك مرحلتان أحيتا خيار المقاومة وخلقتا تحولاً في الواقع السياسي في الضفة، وهي حرب العصف المأكول، حيث فازت الكتلة في العام التالي فوزا تاريخيا 2015 بصورة غير مسبوقة، وها هي اليوم تفوز كذلك بعد سيف القدس، فهي العامل الحاسم الأساسي في هذا الموضوع".
لماذا بير زيت؟
ويتطرق عرابي إلى أن الانتخابات في الجامعة مهمة، بمعنى أنها ذات دلالة سياسية مباشرة وتصويت على خيار سياسي وتوجه سياسي، تختلف عن الانتخابات النقابية والبلدية التي قد يكون لها طابع مصلحي أو وظيفي أو اجتماعي أو عشائري، بمعنى أن أنماط الانتخابات الأخرى تؤثر فيها عوامل خاصة.
ويلفت إلى أن جامعة بير زيت لها أهمية كونها الجامعة الوحيدة التي ظلت متحررة إلى حد ما من هيمنة السلطة على ساحة الجامعة، والسلطة جرفت الجامعات الفلسطينية، وجرفت الحركة الطلابية وأضعفتها، ولكن بير زيت ظلت متحررة بسبب إصرار ونضال الكتلة بالاحتفاظ بوجودها وحقها وناضلت أكثر من الكتل في الجامعات الأخرى.
ويشير إلى أن طبيعة بير زيت وطبيعة إداراتها، جعلتها أقل استجابة لضغوط السلطة، فتحصل فيها انتخابات ذات طابع تمثيلي وسياسي، كما أن لها جذور مسيحية وليبيرالية، ما يعني أن فوز الكتلة له دلالات، إضافة لوقوعها وسط الضفة بمعنى أن طلابها من كل المحافظات ما يعطي دلالات تمثيلية أكثر.
انتخابات شاملة
وحول إجراء الانتخابات الشاملة، يرى عرابي أن الانتخابات الطلابية والنقابية لن تدفع لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، خشية السلطة من نتائج الانتخابات، فهي من ألغى الانتخابات العام الماضي بعدما جاءها مؤشر على خسارتها.
بدوره، يقول الباحث في مركز "يبوس" للدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات إن الانتخابات الطلابية والنقابية تعطي دلالات واضحة لتوجه الشارع العام، مستبعدا إجراء انتخابات عامة خشية من نتائجها.
ويرى بشارات في حديث لوكالة "صفا" أن الانتخابات الطلابية لا تنفصل عن الواقع السياسي والاجتماعي الفلسطيني، لافتا إلى دخول الحالة الفلسطينية منعطفات سياسية متعددة ومن الطبيعي أن تنعكس على كثير من الجوانب.
النهج المقاوم
ويقول بشارات إن حضور النهج الرافض للاستسلام والتمسك بنهج وخيار المقاومة، نابع من حالة عدم الاستسلام الذي يفرضه الاحتلال على الأرض.
ويتطرق إلى أن ثقة الناس بنهج المقاومة بات يتعزز بصورة أكثر في الضفة، بعد أحداث الشيخ جراح وأحداث جنين.
ويؤكد الباحث أن معركة سيف القدس لها انعكاس على ما يجري، وهناك حالة تراكمية بدأت تتشكل أكثر فيما يتعلق بالوعي السياسي فلسطينيا، وهذا التراكم في الوعي ليس وليد حدث أو وقت زمني معين، بل تشكل عبر فترات ومحطات متعددة.
ويرى أن إلغاء الانتخابات الشاملة ومقتل المعارض نزار بنات والاضراب الذي خاضته الحركة الطلابية في بير زيت له انعكاسات ووضع كثير من الحقائق أمام الطلبة.
وبحسب بشارات، فإن التناقض داخل حركة فتح نفسها والانقسامات والتشظيات أوجدت اشكاليات ثقة داخلية جعلت المتعاطفين معها ينفضون عنها.
ويبين أن حركة الشبيبة انعكاس لمنظومة سياسية تمثل السلطة، وهي بذاتها وارتكبت أخطاءً كثيرة حرمت الشباب أنفسهم من أفق سياسي واقتصادي وإمكانية المشاركة في صناعة القرار.