كشف المنسق السابق لشئون الأسرى والمفقودين في جيش الاحتلال النقاب، الجمعة، عن تفاصيل جديدة وهامة حول أسباب تعثر مفاوضات استعادة الجنود والإسرائيليين الأسرى في القطاع.
وجاء على لسان ضابط الاحتياط "آفي كالو" الذي شغل منصب منسق شئون الأسرى والمفقودين في الجيش قبل 5 سنوات، أن الحكومة الاسرائيلية خدعت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قضية استعادتهم في الوقت الذي لم تبلور فيه أي استراتيجية بهذا الخصوص.
وأضاف "كالو" بأنه لا توجد استراتيجية واضحة للحكومة الاسرائيلية تجاه ملف الأسرى، متهماً الحكومة الإسرائيلية بالتخلي عن جميع التزاماتها وواجباتها بهذا الخصوص وذر الرماد في عيون عائلات الأسرى.
وقال: "لدى إسرائيل مصلحة بالحفاظ على الهدوء في الجنوب وهذا مشروع ولكن المشكلة بأن الحكومة الإسرائيلية كذبت على العائلات بأنها غيرت المعادلة أمام القطاع على الرغم من تراجعها عن ذلك مقابل هدوء موضعي أمام غزة، وهذا التصرف دفع بالعدو أيضاً لتحويل ذلك إلى إنجازات حسب مصالحه".
وتحدث المنسق عن أنه وخلافاً لما أشيع مؤخراً فلا يوجد اي تقدم بهذا الملف حيث يخشى الجيش والمستوى السياسي من الدخول إلى هذا الملف بشجاعة خشية الانتقادات في الشارع الاسرائيلي، بالإضافة للثمن السياسي.
وذكَّر الضابط بتصريحات سابقة للمستوى السياسي الإسرائيلي بعد عدوان أيار 2021 بأن الأوضاع لن تعود إلى سابق عهدها في القطاع، متهماً الحكومة الإسرائيلية بامتهان الكذب وأنها قامت بإدخال تسهيلات على الأوضاع في القطاع والتي لم تكن أصلاً قبل العدوان ومنها السماح بدخول 20 ألف عامل.
صدمة صفقة جبريل وشاليط
وحول أسباب تعثر ملف استعادة الأسرى من القطاع حتى الآن، قال المنسق إن المجتمع الإسرائيلي لا زال يعيش صدمة وآثار صفقة شاليط، لافتاً إلى أن حالة مشابهة وقعت بعد صفقة أحمد جبريل في ثمانينات القرن الماضي حيث دفع الملاح الاسرائيلي "رون اراد" وعائلته ثمناً لصدمة صفقة جبريل.
ورداً على سؤال حول الشلل الذي أصاب ملف الأسرى مؤخراً وهل السبب يعود إلى الخشية الإسرائيلية من الانتقادات العامة والسياسية حول ثمن الصفقة، قال المنسق: "إن حماس خصم عنيد جداً أكثر من حزب الله اللبناني في ملف الأسرى".
حماس تنظيم صعب عنيد جدا
وأضاف "حماس تنظيم صعب جداً، حتى أنه أصعب من حزب الله لأن مسألة الأسرى في قلب مشروع حماس ولا يمكن تغيير ذلك، وبالتالي فالحركة تطلب طلبات غير متناسبة والمستندة إلى انجازاتها الكبيرة في صفقة شاليط ، وهذه توقعات غير واقعية البتة وإسرائيل غير مستعدة لدفع هكذا ثمن".
وتحدث المنسق عن عدم وجود مصلحة للكيان او حماس بإبرام صفقة في هذه المرحلة دون تحقيق كل منهم مبتغاه وأن هنالك ثمن للخسارة لدى الجانبين.
تفكيك قضية الأسرى إلى شقين
وتحدث المنسق عن أن سبب فشل المباحثات حتى الآن يتمثل في سعي الجانبين للحصول على صفقة شاملة للأسرى المدنيين "ابارا منغستو وهشام السيد" بالإضافة للجنديين أورون شاؤول وهدار غولدين، داعياً الى حل قضية المدنيين أولاً وبعدها العسكريين.
وقال: "أعتقد أن قضية استعادة جثث الجنود تمر أولاً باستعادة المدنيين الأحياء حيث تفهم حماس أن بيدها اثنين من المرضى النفسيين وسيكون من السهل عليها القبول بثمن مقلص لقاء الإفراج عنهما، ولو تم تفكيك هذا الملف إلى شقين لحقق النجاح منذ زمن ولشقت الطريق أمام صفقة لاستعادة الجنود لأن مسألة الجنود الأعقد للجانبين".
وفيما يتعلق بالتقرير الذي نشرته القناة "11" مؤخراً حول اقتراب الجانبين من ابرام صفقة عام 2018 قال بأن ورقة التفاهمات المبدئية لم تنضج في حينها سواءً في الجانب الإسرائيلي او الفلسطيني، مشيراً الى أن تلك الورقة لم تكن لتصل إلى أي مكان.
وعلل ذلك قائلاً "عندما صدرت هذه الورقة تحدثت أمام الجهات المختصة بأنه لا يوجد فرصة لنجاحها وخلق تقدم في ملف التفاوض لأنها عبارة عن مناورة من الحكومة لإظهار نفسها بمظهر الساعي لحل الملف أمام عائلات الاسرى".
ثمن استعادة الجنود
ورداً على سؤال حول نظريته السلبية فيما يتعلق بفرص إحداث تقدم في الملف قال: "يجب ان نكون صادقين مع أنفسنا ، فلا يمكن استعادة الجنود حتى لو كانوا عبارة عن جثث دون دفع ثمن أمني ، صحيح أننا لا نتحدث عن حجم كصفقة شاليط ومن المفترض حماس قد فهمت ذلك منذ زمن ولكن سيتوجب علينا الإفراج عن عدد محدود من الاسرى الأمنيين الملطخة أيديهم بالدماء".
ورأى المنسق السابق أن مفتاح إبرام الصفقة هو تفكيكها والإفراج اولاً عن المدنيين بثمن مقلص وبعدها سيصار الى حل قضية الجنود متهماً الجيش والحكومة بقلة الحيلة وخداع الجمهور بهذا الملف.
وتحدث المنسق عن تآكل ثقة الإسرائيليين بقدرة الجيش على استعادة جنوده الأسرى خلال السنوات الماضية، مشدداً على أهمية استعادة ثقة الجمهور بالجيش بهذا السياق.
ودعا المنسق الحكومة الإسرائيلية لأن تصارح عائلات الأسرى بأن فرص استعادتهم حالياً ضعيفة جداً، لافتاً إلى أن فرص استعادتهم منذ أسرهم لم تشهد تقدماً أو حتى تقارب في وجهات النظر.
وواصل الضابط السابق حديثه عن ملف الاسرى قائلاً بان قادة حماس في السجون التقوا مع مسئولين في الشاباك خلال الفترة الماضية وعرضوا عليهم الدلائل والمستمسكات حول مقتل الجنديين خلال أسرهم في القطاع، وأن تلك الدلائل والمعطيات هي التي أوصلت الجيش إلى الإعلان عنهم كقتلى لا يعرف مكان دفنهم.
وفي نهاية اللقاء ورداً على سؤال حول فرص تحقيق صفقة في الظرف الراهن قال المنسق: "من الصعب رؤية تقدم فعلي في هذا الملف في الظرف السياسي الحالي، هذه خطوة تحتاج إلى الكثير من الشجاعة والظهر السياسي الواسع ومع ذلك فهذا ليس صفرا أو واحد فهنالك الكثير من الأمور يتوجب القيام بها بهذا الملف والتي لم تجرب حتى الآن وهنالك مجال لتدخل فعال من قيادة الجيش والاستخبارات وقائد الأركان".
وأضاف "في حال تم عرض معطيات فعالة بهذا الخصوص فمن شأنها الحصول على دعم من المستوى السياسي وهذا ليس حلاً قطعياً ولكن قد يحقق ذلك تقدماً معيناً وتحريكاً للمياه الراكدة التي لم يتم تحريكها بهذا السياق بشكل كافي خلال السنوات الماضية".