تتنقل المواطنة فاطمة أبو ناموس بين متاجر ملابس الأطفال لشراء احتياجات أبنائها مع قرب حلول عيد الفطر السعيد، وتبدو علامات الدهشة على وجهها، إذ لم تتمكّن من شراء الكسوة إلاّ لطفلين فقط من سبعة.
وتقول أبو ناموس لمراسل وكالة "صفا" أثناء وجودها في سوق شارع عمر المختار بمدينة غزة "الساحة"، إن أسعار ملابس الأطفال "نار".
وتضيف "أقل قطعة بـ100 شيكل (الدولار =3.25 شيكل)، لم أستطع إكمال كسوة أطفالي. منذ يومين أبحث في السوق عن ملابس بأسعار مناسبة، ولم أجد، الأسعار هذا العام أعلى من السنة الماضية".
وأحدث ارتفاع أسعار ملابس الأطفال على وجه الخصوص حفيظة المواطنين بغزة، وبات مثار جدل وغضب لدى الكثير من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وارتفعت أسعار الملابس بنحو 50% في وقت يقول فيه التجار إن ارتفاعها جاء بفعل ارتفاع تكاليف الشحن جراء زيادة أسعار الوقود بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، لكن البعض يحمل "جشع" التجار المسؤولية.
ووافقت الشابة هديل أبو قادوس سابقتها الرأي، وتقول إن: "أسعار ملابس الأطفال في الأسواق غير طبيعية"، مشيرة إلى أن "أقل طقم للأطفال يتراوح سعره بين 100-150 شيكل".
وتضيف أبو قادوس "هذا ارتفاع غير مناسب خاصة وأن أجور العمال والموظفين متدنية ومتوسطة، ولا تؤهّلهم لشراء كسوة العيد للأطفال في ظل الغلاء".
وتتابع "طقم الملابس للطفل يحتاج إلى مكملات أخرى كالأحذية وغيرها، ومن الممكن أن يصل تجهيز الطفل الواحد إلى أكثر من 200 شيكل.. هذا شيء فوق طاقتنا".
ومن وجهة نظر أبو قادوس فإن "الكثير من التجار يستغلون موسم الأعياد ويرفعون أسعار الملابس، لكن هذا العام باتت فوق المستطاع".
أما الشاب فادي الرفاتي- صاحب متجر ملابس أطفال- فيعزو ارتفاع الأسعار إلى أمرين، الأول ارتفاع رسوم الشحن، والآخر احتكار بعض التجار وتلاعبهم بالأسعار.
ويقول الرفاتي لمراسل وكالة "صفا": "التجار يستغلون موسم العيد ويزيدون من ثمن قطعة الملابس، نحن أصحاب المحال بالكاد نُحصّل 10-20 شيكل على طقم الملابس، في حين أنهم يحصلون أرباحًا مضاعفة".
ويشير إلى أن أسعار الملابس في العام الماضي كانت أقل من هذه السنة، "نظرًا لاستقرار الاقتصاد العالمي نوعًا ما بعيدًا عن الحرب الروسية الأوكرانية التي ألحقت بالاقتصاد والأسواق ضررًا بالغًا".
وتتراوح أسعار الملابس الشعبية- المتوسطة- بين 50-70 شيكل، في حين أن أطقم الملابس تتراوح أسعارها بين 100-200 شيكل؛ وهي مبالغ غير بسيطة في ظل وضع اقتصادي متردٍ في القطاع المحاصر منذ أكثر من 15 عامًا.
ارتفاع عالمي
ويؤكد المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب أن ارتفاع الأسعار بشكل عام يرجع لارتفاع تكاليف الشحن حول العالم، موضحًا أن مكونات العملية الإنتاجية ارتفعت نتيجة ارتفاع أسعار الوقود وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
كما يقول أبو جياب، في حديثه لمرسل وكالة "صفا"، إن وباء كورونا كان سببًا إضافيًّا في ارتفاع أسعار الملابس، إذ عادت خطوط الإنتاج وتحاول تعويض الخسائر الفادحة التي لحقت بها.
ويوضح أن رسوم النقليات والشحن حول العالم ارتفعت، حيث وصل رسوم شحن حاوية الملابس إلى ثلاثة أضعاف في بعض الأحيان.
ويلفت إلى أن القطاع التجاري بغزة يعتبر "مواسم الأعياد" هي المنقذ لكل العام، في محاولة لتعويض الخسائر التي لحقت به طوال العام نتيجة الركود وانخفاض القدرة الشرائية.
وأضاف "بالتأكيد ستصل هذه الملابس للمواطنين بسعر مرتفع، ولاسيما أن بعض التجار لا يرغبون في ربح 5 شيكل بالقطعة الواحدة، بل يريدون من 30-50 شيكل".