حذر مختصون يوم الإثنين من خطورة تصريحات مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني حول صعوبة توفير الخدمات للاجئين، وطرحه إمكانية تحويل خدمات الوكالة إلى جهات أخرى.
وطالب المختصون والخبراء في شؤون اللاجئين، بأن تخصص الأمم المتحدة ميزانية خاصة ودائمة للوكالة، أسوة بالميزانيات التي تخصصها لباقي المنظمات الدولية.
جاء ذلك خلال ندوة عقدها مركز دراسات اللاجئين الفلسطينيين عبر تطبيق "زووم" حول تصريحات لمفوض الأونروا يوم السبت، طرح فيها إمكانية أن يتم تقديم خدمات الأونروا للاجئين الفلسطينيين عبر وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة بذريعة الأزمة المالية.
وفي بداية الندوة، قال المستشار الإعلامي لأونروا في غزة عدنان أبو حسنة: إن "الأونروا تعاني عجزًا ماليًا مزمنًا ومركبًا، يعود لتركيبة هذه الوكالة التي تعتمد على دعم المانحين بنسبة 87%".
وأشار أبو حسنة إلى أن معظم الدول خفضت دعمها لأونروا، موضحًا أن الدعم العربي انخفض هذا العام بنسبة 90%، بينما خفضت بريطانيا مساعداتها إلى أكثر من النصف.
وأضاف أن الأونروا أكثر عرضة للتقلبات السياسية العالمية رغم عدالة القضية، منوهًا إلى أن معظم أموال المانحين أصبحت تذهب إلى أوكرانيا في الفترة الأخيرة.
وأوضح أبو حسنة أن هذه الأزمة تأتي بالتزامن مع ارتفاع في أسعار النقل والوقود والمواد الغذائية.
وأردف "على سبيل المثال أصبحت أونروا تشتري مكونات الكوبونة الغذائية التي توزعها على اللاجئين لكل دورة بمبلغ 30 مليون دولار، بعدما كانت تشتريها قبل الأزمة العالمية بـ20 مليون دولار".
وشدد أبو حسنة على أن لا أحد يستطيع تغيير أو إنهاء التفويض لأونروا أو برامجها ومسؤولياتها.
وتابع، "أن ينوب برنامج الغذاء العالمي عن أونروا في توزيع المساعدات على اللاجئين هذا لا يمس تفويض الوكالة وليس للتحايل إنما هو تعاون تقني فرضته الأزمة المالية"، وفق قوله.
وأشار أبو حسنة إلى أن "هذا البرنامج وزع سابقًا مساعدات على اللاجئين في مخيمات سوريا ولبنان، واستمرت الوكالة في عملها بشكل طبيعي".
تحذير من "خطورة" التصريحات
في المقابل، حذر منسق اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين محمود خلف من الأفكار التي طرحها المفوض العام للأونروا، معتبرًا أنها "تثير الشك والريبة".
وقال خلف: إن "هذه الأفكار ليست تصريحات عابرة إنما تحمل مضمونًا معينًا وقد تتحول إلى أفعال في المستقبل".
وشدد على أن "الأمر لا يتعلق بأزمة مالية"، مستغربًا من عدم تمكن المجتمع الدولي من توفير موازنة بسيطة ترعى 6 ملايين لاجئ.
ونبّه خلف إلى أن التوقيت الذي طرحت فيه هذه الأفكار مهمة جدًا، لافتًا إلى أنها تأتي على أبواب انعقاد اجتماع اللجنة الاستشارية للوكالة في يونيو/ حزيران المقبل.
وتابع أن هذا الاجتماع الذي يضم أبرز المانحين والبلدان المضيفة، من المفترض أن يقدم فيه المفوض العام أفكاره ودوره في معالجة الأزمة المالية.
واعتبر خلف أن أفكار لازاريني الأخيرة موجهة إلى جهات دولية لمناقشتها قبيل اجتماع اللجنة الاستشارية، محذرًا من أن الهدف الرئيس هو المساس بحق العودة، وهذا خط أحمر لذلك طالبا المفوض بسحب تصريحاته والاعتذار عنها.
أجندات "خفية"
من جهته، استغرب المختص في شؤون اللاجئين كاظم عايش صدور هذه التصريحات من شخص بحجم المفوض العام لأونروا، مضيفًا أن "لازاريني قد يكون ضالعًا في مخطط فيه من الدهاء من أجل التنصل من المسؤولية الدولية تجاه قضية اللاجئين".
وقال عايش: إن "هذه النوايا خطوة على طريق التخلي وليست إجراء للتخفيف من أعباء الوكالة".
وأضاف أن "هناك أجندات خفية في أجندة الوكالة"، مشددًا على أن "التذرع والعجز المالي هو أمر سياسي ومقصود ومخطط دولي".
ويرى عايش أن الرد على مثل هذه المخططات يكون بوحدة الموقف الفلسطيني والمطالبة معا بحق العودة، وحينها يمكن أن ترحل وكالة الغوث.
تحويل قضية اللاجئين إلى إنسانية
في نفس السياق، حذر مدير "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" علي هويدي من خطورة تصريحات لازاريني، مؤكدًا أن الهدف منها هو "المساس بحق العودة".
وقال في كلمته خلال الندوة: إنه "في حال إقرار الأفكار التي تحدث عن المفوض فإن وضع اللاجئين سيتحسن على الصعيد الإنساني".
واستدرك هويدي قائلًا: "لكن هذا الأمر يندرج في إطار مساعي تحويل قضية اللاجئين الفلسطينيين من سياسية إلى قضية إنسانية".
وأكد أن "ما يجري هو محاولة لتفكيك وكالة الغوث والدولية، وهذا المصطلح (التفكيك) استخدمه (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين) نتنياهو عام 2018 عندما قطعت المساعدات الأمريكية عنأونروا".
وطالب هويدي بابتكار آليات لجمع المبالغ المالية في صندوق الأونروا، محذرًا من أن المزيد من الخنق والواقع الصعب يمهد للوصول إلى خيارات أخرى، دون أن يوضحها.
مطالب بموازنة دائمة
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" سمير أبو مدللة: إن "ما تقوم به أونروا ينسجم مع ما سبق من تصريحات تحمل مخاطر إزاء مستقبل قضية اللاجئين".
وشدد أبو مدللة على أن وكالة الغوث أنشأت بموجب قرار دولي، ينص على أن تستمر في عملها حتى حل قضية اللاجئين وفق القرارات الدولية.
وأكد أن تصريحات لازاريني تأتي بعد أيام من ظهور تسريبات إعلامية بشأن دمج الوكالة مع المفوضية العالمية للاجئين، وهذا "خطير ومرفوض من الكل الفلسطيني".
وتساءل أبو مدللة "لماذا لا يتم تخصيص موازنة دائمة من الأمم المتحدة لأونروا أسوة بباقي المنظمات الأممية، حتى لا نبقى تحت رحمة وشروط المانحين الدوليين؟".