يَسعد سائق الحافلة صالح أبو شريقي بخروجه من رهط في رحلة يومية يقطع فيها مسافة 70 كم، تقوده لهفة العشرات من ركابه للوصول إلى مدينة الصلاة، شادين الرحال إلى مسجدها الأقصى.
ويفضل الأربعيني أبو شريقي الرحلة إلى المسجد الأقصى عن باقي الرحلات، ليس فقط في شهر رمضان الذي يشد أهل الداخل الفلسطيني المحتل الرحال بشكل مكثف إليه، وإنما في باقي أيام السنة.
ويقول في حديثه لوكالة "صفا": "سعادتي من سعادة ركّابي الذين أرى في عين كل منهم فرحة غامرة لمجرد صعود الحافلة، لأن أجر هذه الرحلة ليس كباقي الأجور".
وتتجه قوافل يومية وأسبوعية من الداخل نحو المسجد الأقصى، ويرعى أصحاب الحافلات هذه القوافل ضمن مشاريع شد الرحال، لإيصال المرابطين من وإلى المسجد.
تربص ومخالفات
وبالرغم من المخاطر التي يتعرض لها سائقو الحافلات، إلا أنهم يعدونها "نظام يومي، وأقل القليل لتقديمه فداءً للمسجد الأقصى لحمايته من المخاطر التي يتعرض لها"، حسب أبو شريقي.
ولدى أبو شريقي "خزينة كاملة" من المخالفات التي تفرضها شرطة الاحتلال عليه عند مدخل مدينة القدس.
وكما يقول: "طوال العام نشد الرحال مع الناس إلى الأقصى ثلاثة أيام في الأسبوع هي الثلاثاء والخميس والسبت، أما في رمضان، فلأن الأعداد أكبر يكون بشكل يومي".
ويضيف "طريقنا سالكة ومحفوفة برعاية الله إلى حين أن نصل مدخل القدس، تعترضنا شرطة الاحتلال، وعند باب العامود أيضًا".
ويشير إلى أن عناصر الاحتلال يتربصون للحافلات بزي مدني، واصفًا تفاجئهم بها "بلمح البصر ولمجرد وقوف الحافلة يأتون بلباس مدني ويخرجون البطاقة التي تعرفهم بأنهم شرطة، ويكتبون لنا المخالفات".
أجمل الرحلات
من جانبه، يقول سائق الحافلة محمد محاميد من أم الفحم: "إن الرحلة إلى المسجد الأقصى أجمل الرحلات على قلبي، وبالرغم من أننا نعمل لدى شركة نقليات في مشروع نقل المرابطين، إلا أننا نعد الأجر فيها على الله".
ويصف الرحلة "نبيّت نية الرباط وشد الرحال قبل الانطلاق والبسملة، فاللهفة للوصول إلى الأقصى عند المواطنين، تكفي لأن تكون رحلتك ممتعة".
وسبق أن تعرضت شرطة الاحتلال لحافلة محاميد ضمن تعرضها لقوافل الحافلات، مستحضرًا إحداها: "لا يؤلمنا فيها إلا اضطرار الناس للمشي على الأقدام لاستكمال الطريق للأقصى، وهذا ما حدث معنا العام الماضي أثناء العدوان على الأقصى".
أما السائقين فبالإضافة إلى محاولة تفريغ حمولة الحافلات، يكون نصيبهم من الاستهداف المخالفات، وفق محاميد.
وتتذرع شرطة الاحتلال بالعديد من الذرائع الواهية في استهداف السائقين، منها "الادعاء بأن المناطق التي تقف فيها الحافلات ممنوع الوقوف بها، كما أنه يمنع إنزال أي كان في منطقة باب العامود".
ويعلق محاميد "حتى أن عدد من المسنين يمشون مسافة 2 إلى 3 كم بسبب هذه العراقيل، فهناك مرابطين كبار ومرضى، وهذا لا يعنيهم".
أعداد مضاعفة
وتقطع شرطة الاحتلال طريق عشرات الحافلات القادمة من الداخل نحو الأقصى خاصة في الأوقات التي يتم فيها العدوان على المسجد.
وتستهدف تلك القوات الحافلات عند حدة مناطق أبرزها منطقة أبو غوش على بعد أكثر من 10 كيلومتر شمال غرب القدس، وهو ما يضطر بسببه ألاف الوافدين للنزول واستكمال الطريق مشيًا في سبيل الوصول للمسجد.
وتسير جمعية الأقصى ما معدله 200 حافلة شهرياً، وفي شهر رمضان المبارك الذي تسير فيه نحو 1500 حافلة.
وفي إحصائية من الجمعية حصلت عليها وكالة "صفا"، فإن عدد الحافلات التي يتم تسييرها طوال شهر رمضان يزيد عن 4 آلاف حافلة.
وأفادت بأن الحافلات تقل 200 ألف معتكف من أهل الداخل خلال رمضان في الأوقات العادية، وهذه الأعداد زادت خلال العام الجاري والماضي بسبب العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى.