web site counter

عثمان بلال.. حكاية أسير يحلم بالحرية منذ 27 عاماً

نابلس - خاص صفا

بعد عملية نفق الحرية في سجن "جلبوع" الإسرائيلي في سبتمبر الماضي تعرض الأسرى بقسم (3) للاعتداء الوحشي لخمس ساعات متواصلة، وهم مقيدو الأيدي والأرجل، كان من بينهم أسير رمق سجانيه قائلا بنبرة تحدٍّ: "الدنيا صغيرة.. وبنلتقي".

إنه الأسير عثمان بلال، الذي يمضي منذ 27 عاما حكما بالسجن المؤبد مدى الحياة، ليكون أحد أقدم أسيرين من محافظة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

والأسير بلال سليل عائلة مقاومة مضحية، فوالده الشيخ الداعية الراحل سعيد بلال، أحد رجالات الرعيل الأول للإخوان المسلمين في فلسطين، والذي دخل السجون الاحتلال بسبب نشاطه المقاوم.

كما تعرض للاعتقال أشقاؤه الأربعة: بكر، وعمر، ومعاذ، وعبادة، وحتى والدته لم تسلم من الاعتقال، مرة للضغط على زوجها خلال اعتقاله في الثمانينات، ومرة أخرى عام 2009 رغم كبر سنها، للضغط على أبنائها المعتقلين.

ولد الأسير عثمان عام 1975، وبعد اندلاع الانتفاضة الأولى انتمى لحركة حماس، والتحق مبكرا بالعمل العسكري من خلال كتائب الشهيد عبد الله عزام التابعة لحماس، والتي أدمجت لاحقا بكتائب الشهيد عز الدين القسام.

واعتقل للمرة الأولى في العام 1993، وخضع لتحقيق قاس استمر ثلاثة شهور، ولم يستطع المحققون إثبات أية تهمة ضده، فحكم عليه بالسجن عاما واحدا.

وتعرض عام 1994 لمحاولة اغتيال على يد قوة من المستعربين وسط نابلس، وأصيب بجراح خطيرة بكتفه، وتمكن الأطباء من إنقاذ حياته.

كان عثمان الساعد الأيمن للأسير القائد عبد الناصر عيسى الذي كان يقود إحدى الخلايا العسكرية تحت إشراف مباشر من المهندس يحيى عياش والقائد محمد الضيف.

خططت الخلية بالاشتراك مع خلية أخرى في القدس يقودها الشهيد محيي الدين الشريف، لعمليتين استشهاديتين، نفذت الأولى في 24 تموز/ يوليو 1995، في "رمات غان" قرب تل ابيب، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى.

وقبل يومين من موعد تنفيذ العملية الثانية في "رمات أشكول" بالقدس المحتلة، اعتقل عثمان من منزله في 19/8/1995 بالتزامن مع اعتقال القائد عيسى.

خضع عثمان لتحقيق قاسٍ وعنيف على أيدي محققي "الشاباك" سعياً منهم لانتزاع أية معلومة قد تساعدهم بمنع وقوع العملية، لكنه صمد بالتحقيق إلى أن تأكد من تنفيذ العملية.

ويقبع عثمان حالياً في سجن "جلبوع" بعيدًا عن شقيقه معاذ المحكوم بالسجن المؤبد 27 مرة، والذي يقبع في سجن نفحة.

أكمل عثمان تعليمه في السجن، والتحق بالجامعة العبرية المفتوحة لدراسة العلوم السياسية، لكن إدارة السجون عرقلت إكمال دراسته، فلم يستسلم واستطاع انتزاع شهادة البكالوريوس في التاريخ من جامعة الأقصى بغزة.

قيادي بالفطرة

وخلال سنوات اعتقاله، تعرض بلال لاعتداءات واستهداف الاحتلال وإدارة مصلحة السجون؛ وكان في مقدمة من يتصدى لأي عملية قمع أو اعتداءات وحشية تنفذ ضد الأسرى.

ويقول عمر، شقيق الأسير عثمان، لوكالة "صفا" إن عثمان يتمتع بشخصية محبوبة ومرحة وأخلاق دمثة، ويمتاز بالهدوء وقلة الكلام.

ويضيف أنه يتمتع بشخصية قيادية، وهو ما منحه ثقة الأسرى الذين انتخبوه رئيساً للهيئة القيادية لأسرى حماس بإحدى الدورات الانتخابية، وعضوية الهيئة بدورة أخرى، لما يتمتع به من قدرات تفاوضية مع إدارة السجون.

كما يتبوأ باستمرار مناصب قيادية، وهو لا يكاد يجد متسعاً من الوقت بسبب انشغاله بمهامه القيادية، حتى أنه حاول أكثر من مرة اعتزال العمل القيادي.

وينقل عمر عن أحد الأسرى المحررين واقعة حدثت بسجن "جلبوع" عام 2019 تبرز شجاعة الأسير بلال وصفاته القيادية.

ففي أول أيام عيد الأضحى، وضعت الإدارة جهاز تشويش موجه نحو قسم 3 فقط، وبات الاتصال مع عائلاتهم متعسراً جداً، ثم رفعت الإدارة موجة التشويش لأعلى مستوى حتى بات الاتصال منعدماً.

وفي إحدى جلسات الحوار بين ممثلي الأسرى والإدارة، أخرج بلال هاتفا مهربا من جيبه ووضعه على الطاولة أمام ضباط السجن، وقال لهم: بدنا نحكي مع أهلنا خاوة.

ولم يستطع الضباط أن يحركوا ساكناً، ثم قام أحد الأسرى بحمل الجهاز وخرج من الاجتماع، وبعد أسبوع نقلت إدارة السجن جهاز التشويش إلى سجن آخر.

لحظات صعبة

مرت بعثمان لحظات صعبة وقاسية عديدة، ابتداء من لحظة اعتقاله والتحقيق معه، ولم تتوقف معاناته طيلة سنوات اعتقاله.

فقد تعرض للعزل الانفرادي مرتين بعد اشتراكه بمحاولتي فرار من السجن، إحداهما من سجن عسقلان، والأخرى من سجن "كفار يونا".

أما أصعب اللحظات فكانت لحظة سماعه نبأ وفاة والده عام 2005 متأثرا بمرضه، والمرة الثانية لحظة سماعه نبأ وفاة شقيقه الأكبر "بكر" عام 2016.

ويقول عمر: "كان خبر وفاة بكر أشد وقعاً على عثمان، نظرا لأن الوفاة كانت مفاجئة، وقد قال لي ذات مرة إن الحياة هانت كثيرا في عينيه بعد وفاة بكر".

وما زاد من مرارة وفاة بكر بالنسبة لعثمان أنهما لم يلتقيا طوال 21 عاما إلا مرة واحدة.

فخلال إحدى اعتقالات بكر، طلب زيارة شقيقه عثمان، فتم نقله إليه ليمضي معه 8 ساعات، ثم أعيد إلى سجنه.

ويتملك جميع أقرباء عثمان شوق وحنين لرؤيته، إذ لا يستطيع أحد منهم زيارته إلا شقيقته الوحيدة، أما شقيقه عمر فهو ممنوع من الزيارة إلا لمرات استثنائية، في حين انتقلت والدته للعيش في غزة مع ابنها عبادة الذي أفرج عنه بصفقة "وفاء الاحرار".

ووجه عمر رسالة باسم عائلته عبر فيها عن إيمانهم بقرب يوم الحرية لشقيقه عثمان، وثقتهم بقدرة المقاومة بغزة على إنجاز صفقة تبادل مشرفة.

ودعا إلى وضع قضية الأسرى والإفراج عنهم كأولوية وطنية، خاصة عمداء الأسرى ومن أمضوا زهرات شبابهم خلف أسوار السجون.

ط ع/غ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام