ملأ الحزن منازل قرية حوسان، وانتفضت شوارعها في وجه إجرام الاحتلال، الذي قتل الأم غادة سباتين (45 عاماً) والطفل قصي حمامرة (16 عاماً) بدم بادر في غضون ثلاثة أيام بدءاً من العاشر من الشهر الجاري في منطقة "ألمطينة" التي يتواجد فيها حاجزٌ عسكري لجنود الاحتلال أحيانًا.
وبات مقعد الطفل حمامرة في مدرسته خالياً، والأبناء الستة بلا أم وأب، بعد أن فقدوا والدهم قبل سنوات.
ويروي فؤاد حمامرة والد الشهيد، عن اللقاء الأخير له مع ولده حين استأذنه للإفطار لأول مرة خارج المنزل مع أصدقائه.
وأضاف بصوت مرتجف: "أوصيته أن يعتني بنفسه وأن يكون حذراً عند عودته إلى المنزل، ولم أكن أعلم أن هذه الكلمات ستكون الأخيرة بيني وبينه".
وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن نجله قصي أصيب بعدة رصاص بعضها في الرأس، أثناء عودته من إفطار أصدقائه، لترسله إلى منزل أكرم وأفضل.
ووصف والد الشهيد قصي، نجله أنه "كان رضيّاً، وخدوماً يحب مساعدة الناس ويكره استياء أحبائه، وكان بشوشاً يعاملني كأب وصديق وأخ في ذات الوقت".
وحكى والد الشهيد عن فخره باستشهاد ولده ولوعته على فراقه، مبيناً أنه رزق بولديه محمد وقصي بعد انتظار أعوام.
وأشار إلى أن الشهيد كان مقرباً جدًا من شقيقه محمد، إذ كانا يسندان بعضهما البعض، مضيفاً "ينام محمد اليوم في سريره وحيداً وكان اعتاد النوم إلى جانب شقيقه".
وكان قصي شهيد حوسان الثاني في غضون أيام، بعد ارتقاء الأم سباتين عقب إصابتها برصاص الاحتلال ومنع أي أحد من الاقتراب منها وتركها تنزف حتى الموت.
نور، مصطفى، واصف، محمد، عمر وجميلة، أبناء سباتين الستة تركتهم والدتهم لزيارة أحد أقاربها ولم تعد.
وقال علي سباتين شقيق الشهيدة، إن غادة كانت في زيارة لخالتها، وأثناء عودتها مرت بحاجز عسكري لقوات الاحتلال في منطقة المطينة بالقرية، حيث أطلق عليها جنود الاحتلال الرصاص.
وأضاف إن شهود عيان أبلغوه أن جنود الاحتلال بدؤوا بالصراخ الشديد على شقيقته عند عبورها، ما أدى لارتباكها الشديد وسيرها نحو الجنود دون قصد.
وبيّن أن شقيقته تعاني من مشاكل بصرية وضعف في الرؤية، مؤكداً على أنها لم تكن تحمل سلاحاً ولم تنوي الاعتداء على الجنود.
وأفاد بأنه وخالته وصلوا إلى المكان وهي جريحة ملقاة على الأرض، وحاولوا نقلها وإسعافها إلا أن جنود الاحتلال منعوا الاقتراب منها وتركوها تنزف.
وبيّن أن قوات الاحتلال حاولت مصادرة جثمان شقيقته، ما دفع العائلة إلى الإسراع في دفنها وموارتها الثرى.
وشهدت القرية مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال غضباً لشهداء القرية، والتي أسفرت عن عدة إصبات بالرصاص الحي والمطاطي وحالات اختناق.
وعم محافظة بيت لحم إضراباً عاماً، يشمل كافة نواحي الحياة حداداً على روح شهيدي حوسان حمامرة وسباتين.
وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين منذ مطلع العام الجاري 39 شهيداً برصاص قوات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس.