يشكل الاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك الدرع الحامي للمسجد، والوسيلة الأنجع في إفشال مخططات المستوطنين المتطرفين، ومحاولاتهم لتقديم "قربان الفصح" داخله.
وتُحاول سلطات الاحتلال أن تفرض "سيادتها" في المسجد الأقصى، وتمنع الاعتكاف خوفًا من أي مواجهة قد تندلع مع المستوطنين المتطرفين، الذين يواصلون اقتحام المسجد حتى في شهر رمضان المبارك.
وردًا على ذلك، أطلق نشطاء فلسطينيون ومقدسيون عبر منصات التواصل الاجتماعي هاشتاغ "#فيالأقصىاعتكافي" لتعزيز الاعتكاف والرباط في المسجد الأقصى، وتحدي محاولات الاحتلال الإسرائيلي لمنعه.
وقبل أيام، أثار قرار دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة باقتصار أيام الاعتكاف في المسجد الأقصى خلال رمضان على العشر الأواخر فقط، استياءً وغضبًا كبيرًا في صفوف المرابطين والمصلين.
وتأتي الدعوات الفلسطينية لتكثيف الاعتكاف والرباط في الأقصى، تزامنًا مع إصرار "جماعات الهيكل" المزعوم على اقتحامه، وتقديم "قربان الفصح" بداخله مساء الجمعة القادم الموافق 14 رمضان، وتخصيص مكافأة مالية لمن يتمكن من إدخاله للمسجد.
وترى الجماعات المتطرفة أن إحياء طقس "القربان"، يشكل "إحياءً معنويًا للهيكل بالتعامل مع الأقصى، باعتباره قد بات هيكلًا، حتى وإن كانت أبنيته ومعالمه ما تزال إسلامية".
رادع قوي
ويقول الناشط المقدسي ناصر الهدمي لوكالة "صفا" إن الاعتكاف في الأقصى شكل خلال السنوات الماضية وما يزال رادعًا للمستوطنين وإعاقة اقتحاماتهم، والسبيل الأمثل والأقوى لحماية المسجد، والدفاع عنه، في مواجهة إجراءات الاحتلال العنصرية.
ويوضح أن المعتكفين استطاعوا أن يفرضوا إرادتهم ويواصلوا اعتكافهم داخل الأقصى، رغم قرار الأوقاف باقتصاره على العشر الأواخر من رمضان، الأمر الذي أثار استياءً كبيرًا في أوساط المرابطين والمعتكفين القادمين من الضفة والداخل المحتل للأقصى.
ويشير إلى أن شرطة الاحتلال لم تستطيع مواجهة هؤلاء المعتكفين أو الاستفراد بهم، نظرًا للأعداد الكبيرة التي تؤُم المسجد للصلاة والاعتكاف، ما أثبتت قدرة المقدسيين على فرض إرادتهم.
ويضيف أن الاعتكاف شعيرة من شعائر رمضان، ولا يجوز التقصير به أو منعه، خصوصًا في ظل ما يتعرض له المسجد الأقصى من مخاطر وتحديات كبيرة.
ووفقًا للهدمي، فإن اعتداءات الاحتلال على الأقصى يجب مواجهتها بوحدة المقدسيين وحفاظهم على مقدساتهم، عبر الاعتكاف والرباط، لأن وجود أعداد كبيرة تشكل الرادع الأكبر لسلطات الاحتلال في منعها السماح للمستوطنين بإدخال القرابين للمسجد.
ويبين أن الرسائل الواضحة التي أرسلها المقدسيون للاحتلال أثبتت أنهم لن يسمحوا بالاعتداء على الأقصى أو إدخال القرابين إليه مهما كان الثمن.
ويشير إلى أن عناصر المواجهة مع الاحتلال لا تقتصر على المقدسيين، بل على أهل الضفة الغربية والداخل والمقاومة في قطاع غزة.
ويقول: "إذا ما أُرسلت رسائل واضحة لسلطات الاحتلال، مفادها أن الأمور ستنفجر وأنها ستدفع الثمن باهظًا فيما لو سمحت بإدخال القرابين للأقصى، فإنها حينها ستتراجع وتحسب ألف حساب لأي أمور قد تؤدي للانفجار".
وأما المختص في شؤون القدس زياد إبحيص فكتب على حسابه بـ"الفيسبوك" إن الاعتكاف شعيرة دينية أصلية في الأقصى، ووسيلة تفشل مخطط تقسيمه، لذلك حاول الاحتلال التخلص منها خلال السنوات السابقة، لكن الرباط الشعبي تمكن من استعادتها، وأن الاعتكاف كان وسيلة أساسية في منع تفريغ المسجد من المصلين.
ويوضح أن الاعتكاف في الأقصى إحياءٌ لسنة عظيمة وحماية للمسجد، وهو اجر ورباط، والطريق الوحيد لإفشال اقتحامات المتطرفين الصباحية.
ويشير إلى أنه لأول مرة منذ احتلال الأقصى يفتح فيه باب الاعتكاف مبكرًا في العشر الثانية من شهر رمضان بعزم المعتكفين، داعيًا لعدم تفويت فرصة الاعتكاف في المسجد.
إفشال مخططات
بدورها، تؤكد المرابطة المقدسية خديجة خويص أن الرباط والاعتكاف في الأقصى، جدوى مستمرة، وهما السبيل الأمثل لحماية الأقصى من أي تدنيس وانتهاك، وذلك قبل أيام من اعتزام المستوطنين إدخال "قربان الفصح".
وتضيف "لن ننعم بأقصى بركات الأقصى حتى نهبه أقصى طاقاتنا وجهدنا وجهادنا ورباطنا، وأفضل أوقاتنا وأزكى أموالنا وأطهر قلوبنا"، داعية إلى الحشد من أجل الرباط والاعتكاف بالمسجد، لإفشال المخططات الاستيطانية.
وتتابع "الأقصى قضية عالية وغالية ومقدسة، ولا يليق بها إلا الأثمان المخلصة الغالية، من النفس والمال والوقت والجهد والعمل والتضحيات".
وكانت المرابطة المقدسية هنادي الحلواني دعت المصلين الفلسطينيين إلى الإقبال الواسع على الاعتكاف في المسجد الأقصى في ليالي العشر الثانية من شهر رمضان، مشيرة إلى أن الاعتكاف شعيرة إسلامية لا تخضع لحكم المحتل وأوامره.
وقالت: إن "الاعتكاف رباط، وفي فترة أعياد المحتل واجبٌ، ولا عذر لمن ترك الأقصى بلا رباط، فاعمروه وأحسنوا الرباط فيه واحموه من مخططات المستوطنين".