"وحدة الوعي".. وحدة إسرائيلية خاصة شكلتها شرطة الاحتلال في مدينة القدس المحتلة، للعمل بصمت، بغية مراقبة ما يكتبه المقدسيون وينشرونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي إطار ما أسمته تحديد مكان "المحرضين على العنف" في وقت مبكر.
وعلى خلفية أنشطتهم ومنشورات، أو نشر صور وتعليقات على منصات التواصل، اعتقلت شرطة الاحتلال عشرات المقدسيين، وحولتهم إلى التحقيق في معتقل "المسكوبية" غربي القدس، ووجهت لهم تهمة "التحريض والنشر على مواقع التواصل"
ومنذ بداية شهر رمضان، صعدت قوات الاحتلال من حملة اعتقالاتها واستهدافها للشبان والناشطين المقدسيين، وتحديدًا من منطقة باب العامود وشوارع المدينة، حيث طالت ما يزيد عن 40 مقدسيًا، بعضهم ما زال رهن الاعتقال، والبعض الآخر أفرج عنه بشرط الإبعاد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة.
وقال قادة الوحدة الإسرائيلية: "لقد أدت موجة الإرهاب التي بدأت الشهر الماضي بالتوازي مع بداية شهر رمضان، إلى ارتفاع حاد في التحريض على العنف ودعم ما وصفه بالإرهاب والإرهابيين على وسائل التواصل، لذا قررت شرطة القدس إقامة دائرة جديدة لتحديد واكتشاف المحرضين، وكجزء من الاستعدادات المكثفة لرمضان”. حسب قوله
وادعت شرطة الاحتلال أن "الاحتقان والعنف في القدس سببه التحريض والتشجيع عليه في شبكات التواصل والمنصات ومجموعات الواتس آب، حيث يتم التعامل معه في وحدة الوعي من القوات المشتركة للشرطة والاستخبارات وحتى وزارة الخارجية".
بدورها، قالت رئيسة أركان الوحدة العريف ليفنات سترومزا: "نحن نراقب الشبكات ونفحص أي حدث أو منشور غير عادي، قد يكون منشورًا أو فيديو أو حتى أغنية.. في كل مرة نحدد فيها مثل هذا المحتوى نترجمه على الفروق الدقيقة التي تظهر منه، وننقل المعلومات على الفور إلى ذراع التحقيق".
مراقبة ومنع
رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب واحدًا من الناشطين الذين تم اعتقالهم مؤخرًا على خلفية النشر عبر حسابه على "الفيس بوك".
يقول أبو عصب لوكالة "صفا" إن شرطة الاحتلال تعمدت تشكيل وحدة خاصة للتعامل مع المقدسيين خلال الشهر الفضيل، وجلبت مجموعة كبيرة من المحققين الإسرائيليين إلى معتقل "المسكوبية" للتحقيق مع كل المعتقلين المقدسيين فيما يخص باب العامود والمسجد الأقصى.
ويوضح أن شرطة الاحتلال عملت أيضًا، على تفعيل وحدة إلكترونية خاصة بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، بحجة أنها تشكل "خطرًا كبيرًا على الاحتلال".
ويضيف "لقد أصبحت صورة أي شاب داخل الأقصى، أو باب العامود أو شارع صلاح الدين تُؤرق الاحتلال، مما يُظهر مدى عنصريته وتوتره تجاه المقدسيين".
وقبل أيام، حولت سلطات الاحتلال مجموعة من المقدسيين للاعتقال الإداري، بحجة نشر منشورات وصور على مواقع التواصل.
وبهذا الصدد، يشير أبو عصب إلى أن سلطات الاحتلال قامت بخلق تقارير سرية وهمية وقدمتها للقضاء، بحجة أن "هذه المجموعة تشكل خطرًا أمنيًا على استقرار أمن الكيان"، وبالتالي تم تحويلهم للاعتقال الإداري، بما فيهم شبان من الداخل المحتل، أحدهم نشر تسجيلًا عبر صفحته وهو ينشد في ساحة باب العامود.
ولا تزال سلطات الاحتلال تعتقل مجموعة من الأطفال المقدسيين في سجونها، على خلفية منشورات لهم على "الفيسبوك"، تتعلق إما بصورة شهيد أو دعوة للرباط في المسجد الأقصى، أو أي خبر يتم نشره يتم التعامل معه وكأنه "خطر يُداهم الاحتلال".
ويرى أن الاحتلال يمارس هذه الإجراءات بكل عنجهية تجاه الشعب الفلسطيني، فهو لا يريد أن يكون هناك أي مساحة لهم للانتقاد أو للحرية الفكرية، أو حتى للتعبير عن الرأي، وهذا ما يتناقض مع القانون الدولي.
حرب شاملة
وعن تفاصيل التحقيق معه خلال اعتقاله، يقول أبو عصب: "قبل عدة أيام، شاهدت الاعتقالات العنيفة في باب العامود، وهجوم القوات الخاصة ووحدات المستعربين على المواطنين، واعتقال الشاب حسين مجدي وضربه بشكل عنيف والاعتداء على والده".
فنشرت على صفحتي بـ"الفيسبوك" صورة لمسن فلسطيني وهو مصاب، وكتبت "الاعتقالات في باب العامود...مغموسة بالدم، حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم احفظ شعبنا وقدسنا"، فاعتبر الاحتلال أن "هذا المنشور يشكل تهديدًا لأمنه ويعرض أمن جنوده للخطر".
ويضيف "رفضت كل التهم الموجهة ضدي، وأكدت أنها تأتي ضمن الأخبار التي أنشرها باستمرار عن وضع الأسرى والاعتقالات في القدس، لكن تم تمديد اعتقالي 24 ساعة، وعرضي على محكمة الصلح في اليوم التالي، وأفرج عني بشرط الإبعاد عن البلدة القديمة والأقصى وباب العامود لمدة شهر".
ويؤكد أن الاحتلال يشن حرب شاملة على القدس وسكانها، لا يريد أن يكون لأي فلسطيني أي كيان معنوي بالمدينة، كونه "يتعامل معها على أنها العاصمة الموحدة لدولته، ويعتبر أي مساس بسيادته خط أحمر".
ومن خلال تشكيل الوحدة الخاصة، يريد الاحتلال أن يثير الخوف في قلوب المقدسيين، وأن يستخدم مزيدًا من القوة والأساليب الخبيثة كي يعيد فرض سيطرته على أبناء شعبنا ومفاصل الحياة في القدس. وفق أبو عصب
لكن هذه السياسة، يؤكد الناشط المقدسي، ستفشل أمام إرادة شعبنا وصموده، وحريته في التعبير عن نفسه وحقه، وفق ما أقرته كل القوانين الدولية والسماوية.
ويشدد على أن ما يحصل في القدس اليوم، يؤكد أن سلطات الاحتلال لديها مخطط لعمل شيء ما في المدينة، لكن شعبنا يقف حاجزًا أمام إجراءاتها الظالمة.