يشكل المستوطنون المتطرفون ذراعًا أساسيًا للاحتلال الإسرائيلي بهدف ترويع الفلسطينيين وإرهابهم، وسلب ممتلكاتهم، وصولًا لتنفيذ مشاريعه الاستيطانية ولاسيما في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين.
وعلى مدار سنوات طويلة، وفرت حكومات الاحتلال المتعاقبة لهؤلاء المستوطنين الغطاء القانوني والدعم السياسي والمالي لارتكاب جرائمهم بحق الفلسطينيين دون أي محاسبة، بل يتم تبرئتهم وإغلاق ملفات التحقيق ضدهم، وفي المقابل تعتقل الفلسطينيين وتصدر بحقهم أحكامًا عالية.
وتُصعد عصابات المستوطنين من هجماتها واعتداءاتها في مدينة القدس المحتلة، وتعتدي على ممتلكات ومنازل المقدسيين، وتحديدًا في حي الشيخ جراح المهددة منازله بالإخلاء، وذلك بهدف زيادة الضغط على سكانه، وكوسيلة للانتقام منهم.
ويستعد مستوطنون مسلحون من ضمنهم "شبيبة التلال" المتطرفة لاقتحام الشيخ جراح خلال شهر رمضان المبارك، بحجة أنهم "سيدافعون عن اليهود الذين يسكنون في الحيّ".
وبحسب قناة "كان 11" الإسرائيلية، فإن "مجموعات من المستوطنين بدأت تستعد في الأيام الأخيرة، للبدء بنشاطها، وأنها تنوي ممارسة نفس العمليات الترهيبية التي نفذها المستوطنون في مدينة اللد بالداخل المحتل خلال فترة العدوان على غزة في أيار/ مايو 2021.
وخلال مايو الماضي، اقتحم مئات المستوطنين مدينة اللد، واعتدوا على منازل المواطنين وعلى مسجد، وهم يطلقون الرصاص ويحطمون الممتلكات، وسط توفير شرطة الاحتلال الحماية لهم.
إرهاب المقدسيين
المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي يقول لوكالة "صفا" إن حكومة الاحتلال تستخدم المستوطنين كذراع لها من أجل إرهاب المقدسيين وارتكاب جرائم بحقهم، ولتنفيذ مشاريعها الاستيطانية.
ويوضح أن سلطات الاحتلال تتغاضى عن دعوات هؤلاء المستوطنين بألا يخرجوا من منازلهم إلا وهم حاملي السلاح وتنفيذ القانون بأيديهم، دون أن تنظر إلى الأثر الاستراتيجي لهذا العمل الخطير بحق السكان وترهيبهم.
وتعيش مدينة القدس- وفقًا للهدمي- حالة من التوتر والترقب الشديدين بسبب الدعوات المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان، وتوعد المقدسيين بأنهم لن يتركوا مسجدهم ولا مدينتهم وحيدة في مواجهة عنف الاحتلال ومستوطنيه، بدون الدفاع عنها.
ويضيف أن الاحتلال يستبق الأحداث ويحاول إرهاب المقدسيين عبر التهديد باقتحام المستوطنين المسلحين حي الشيخ جراح واستفزاز سكانه، وتنفيذ أعمال ترهيب بحقهم.
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تعي تمامًا أن" انفجار الأوضاع في القدس قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة عسكرية كما حدث في رمضان العام الماضي، لذلك تحاول التخفيف من حدة التوتر في المدينة".
وباعتقاد الهدمي، فإن "العام الحالي يشهد غليانًا أكثر عن العام الماضي، وآثار المواجهة قد تكون أكبر، بفعل إجراءات الاحتلال واعتداءات مستوطنيه، والدعوات لاقتحام المسجد الأقصى برمضان".
ومؤخرًا، قرر جيش الاحتلال وشرطته رفع حالة التأهب في الضفة الغربية والقدس، خشية تدهور إضافي للأوضاع الأمنية خاصة مع قرب حلول رمضان، بسبب تصاعد الاعتداءات على المواطنين والمقدسات.
تداعيات خطيرة
ويحذر الناشط المقدسي من خطورة وتداعيات اقتحام المستوطنين حي الشيخ جراح برمضان وهم يحملون السلاح، ما ينذر بارتكاب جرائم بحق المقدسيين، لأن هؤلاء المستوطنين لا يحملون إلا الحقد والعنف ضد الفلسطينيين، ولن يكون هناك من يردعهم.
ويؤكد أن حكومة الاحتلال اليمينية تعمل على استرضاء المستوطنين، لأجل استمرار بقائها في الحكم قدر المستطاع؛ "لذلك فهي معنية بتكثيف الاستيطان، واقتحام الأقصى وفرض واقع جديد فيه"
لكن الهدمي، يرى أن" الاحتلال بدأ يفقد الأسس والعناصر المهمة والأساسية لوجوده، وأن هناك مؤشرات كبيرة تدلل على أن هذا الكيان العنصري في طريقه إلى الزوال".
وفي مايو 2021، اندلعت هبة شعبية إثر تهديد منازل الشيخ جرّاح بالإخلاء وتهجير عشرات العائلات منها، واستفزاز المستوطنين لأهالي الحيّ والمتضامنين معهم.
وتسببت استفزازات المستوطنين بالقدس والمسجد الأقصى في اندلاع مواجهة عسكرية مع المقاومة في غزة استمرت 11 يومًا، وهبّة واسعة في الداخل المحتل، ومواجهات عنيفة بالضفة الغربية.
وأفادت الإذاعة العبرية العامة بأن عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف "إيتمار بن غفير" ينوي مواصلة تواجده في الشيخ جراح برمضان، داخل الخيمة التي نصبها في أرض عائلة سالم، ووضع مكتبه بداخلها خلال المواجهات الأخيرة التي شهدها الحي الشهر الماضي.
وأوضحت أن بلدية الاحتلال والشرطة نصبتا شبكة تكنولوجية في الحي، تضم كاميرات مراقبة ووسائل متطورة لرصد ما يحدث فيه.
وتوقعت أن تشهد الأيام المقبلة تعزيز تواجد قوات شرطة الاحتلال و"حرس الحدود" في الشيخ جراح خاصةً، والبلدة القديمة وحتى بلدات وأحياء شرقي القدس عامةً.