على امتداد الطريق الذي يعبر أراضي قرية أرطاس، تحتضنك آلاف الدونمات برداءٍ أخصر ناصع، وتستقبلك حقول "الخس الأرطاسي" الشهير.
ويقام في قرية أرطاس قضاء بيت لحم، مهرجان الخس في شهر مارس من كل عام، منذ سنة 1994.
وبدأت فعاليات المهرجان المتحرك بمسار في طبيعة القرية الأخاذة، مروراً بمناطق أثرية وتاريخة بدلاً من الخطابات والكلمات الافتتاحية المعهودة.
المواطنة سمر شاهين، تشارك لأول مرة في مهرجان متحرك، وترى أن المشي في الطبيعة والمرور على أماكان أثرية لا يمكن مقارنته بالجلوس للاستماع إلى الخطابات الرسمية.
وأضافت في حديثها لوكالة "صفا"، "في نقطة ما، خلال المسار الذي يبلغ 3 كيلو متر، يأسرك نسيمٌ قروي، وصوت آلة "شبابة" حزين، ورائحة خبز وحطب على بعد 200 متر فقط من إحدى البؤر الاستيطانية المقامة على أراضي المواطنين في بيت لحم".
ووصفت شاهين مشاركتها بالتجربة الفريدة، إذ تمكنت من زيارة أماكن أثرية لأول مرة، والتعرف على موروث ثقافي وتاريخي فلسطيني عن قرب.
وقال منسق المهرجان من مركز أرطاس للتراث الشعبي فادي سند، إن المركز نظم مهرجاناً متحركاً بأقل التكاليف نظراً لضعف التمويل، بعد انقطاع عامين بفعل جائحة كورونا.
وحول برنامج المهرجان، أفاد سند لوكالة "صفا" بأن الفعالية تضمنت مساراً بطول 3 كيلو متر، مروراً بقلعة مراد وبرك سليمان وبصحبة دليل سياحي يحكي عن تاريخ هذه المناطق وعن طبيعتها الخلابة.
وأضاف أن المسار يمر بعدها بوصلة لعزف الشابابة وسط طبيعة، ثم ينتقل المشاركين إلى فعالية الخبز على الحطب على طريقة الأجداد.
"وينتهي المسار بافتتاح السوق الشعبي في عرس فلسطيني تمثيلي، ترتدي فيه النساء الثوب الفلسطيني وتغني أهازيج وأغاني التراث، ويرتدي الرجال القمباز ويرقصون الدبكة"، مضيفاً إن السوق الشعبي شمل على زوايا لبيع وتوزيع الخس وأخرى لمنتوجات التراث الفلسطيني.
ويعتقد سند أن نبتة الخس تشبه الفلاح الفلسطيني، موضحاً أن محصول العام كان وفيراً بالرغم من موجات البرد والسقيع التي مر بها، وكذلك الفلاح الفلسطيني في عطائه وصموده رغم تضييقات الاحتلال وانتهاكاته.
وأفاد رئيس مجلس قروي قرية أرطاس لطفي أسعد لوكالة "صفا"، إن المهرجان يهدف إلى دعم المزارع الفلسطيني وتشجيع المنتوج الوطني في القرية، والذي يعكس ارتباط الفلاح الفلسطيني في جذور أرضه، بالإضافة إلى إحياء التراث الفلسطيني من خلال ممارسة عادات القديمة للمواطنين.
وأشار إلى أن القرية تواجه هجمة استيطانية وتهديداً بالتمدد الاستيطاني على حساب أراضيها، موضضحاً أن قرية أرطاس تحاذي مستوطنة "أفرات"، وتتعرض لاقتحامات المستوطنين بشكل متكرر ومحاولات للتضييق على المزارعين.
وحول سبب اختيار نبتة الخس على وجه التحديد لتكون الشخصية الرئيسية لهذا المهرجان، أوضح أسعد "أن قرية أرطاس تشتهر بزراعة الخس كما تشتهر قرية بتير بزراعة الباذنجان وبلدة حلحول بزراعة العنب مثلاً، والخس الأرطاسي متميز وله شهرة خاصة".
وأضاف إن القرية تعتبر السلة الغذائية لمدينة بيت لحم، نظراً لخصوبة أراضيها، وتربتها الغنية ووفرة مصادر المياه فيها.