يشكل تصاعد رقعة الحراك الشعبي المستمر في بلدة جبل المكبر جنوب شرقي القدس المحتلة، واتساعه ليشمل باقي الأحياء والقرى المقدسية عاملًا ضاغطًا على بلدية الاحتلال الإسرائيلي لإجبارها على التراجع عن مخططاتها وقراراتها الرامية لهدم عشرات المنازل، وإفشال سياسة التطهير العرقي.
ومنذ شباط/ فبراير الماضي، ينفذ أهالي جبل المكبر وقفات احتجاجية أمام مبنى بلدية الاحتلال بالقدس، احتجاجًا على سياسة هدم المنازل، وللمطالبة بوقف تهجيرهم.
ويتهدد خطر الهدم والتهجير ما يزيد عن 130 منزلًا ومنشأة في البلدة، وفقًا لقانون "كمينتس" الإسرائيلي، ولصالح توسعة "الشارع الأمريكي" الاستيطاني الذي التهم مئات الدونمات من أراضي البلدة.
وفي الآونة الأخيرة، تلقى سكّانها أكثر من 70 إخطارًا لهدم منازلهم، وهناك عائلات أجبرت على هدمها ذاتيًا، خشية من فرض غرامات مالية باهظة حال هدمتها جرافات البلدية.
عامل ضاغط
عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس راسم عبيدات يقول لوكالة "صفا" إن تصاعد الحراك الشعبي في جبل المكبر يشكل عاملًا ضاغطًا على بلدية الاحتلال يجبرها على التراجع عن قراراتها بهدم منازل المقدسيين.
ويشير إلى أن الفعاليات الاحتجاجية تأتي ردًا على تصاعد عمليات الهدم في إطار "مجازر الحجر" التي ترتكبها بلدية الاحتلال بحق البلدة وسكانها.
وبحسبه، هناك ما يزيد عن 130 منزلًا مهددًا بالهدم في جبل المكبر، إما تحت ذريعة البناء غير المرخص أو أن جزء منها يقع في مرمى ما يسمى "الشارع الأمريكي" التهويدي.
وفي إطار أن بلدية الاحتلال لا تمنح رخص بناء للمقدسيين، وارتفاع تكاليف الحصول عليها، وعدم وجود مخطط هيكلي للبلدة، يؤكد عبيدات، تصاعد الفعاليات الاحتجاجية أمام مقر البلدية، رفضًا لسياسة الهدم.
ويضيف "نحن نعتقد أن الشعار الذي رفعه أهالي جبل المكبر لن نهدم بيوتنا بأيدينا، ولا للهدم الذاتي، يحتاج من القوى السياسية والمرجعيات المقدسية والسلطة الفلسطينية إلى تبني هذا الشعار وعدم ترك الأهالي لوحدهم في مواجهة سياسة الهدم الإسرائيلية".
ومؤخرًا، أطلقت عشائر ومؤسسات بلدتي السواحرة وجبل المكبر ميثاقًا ملزمًا وعهدًا قاطعًا لا رجعة عنه برفض هدم منازلهم بأيديهم، تحت عنوان "لن نهدم بيوتنا بأيدينا"، مؤدين استمرار الحراك ضد هدم المنازل في القدس، وضرورة اصطفاف كل المقدسيين على هذا النهج.
رأس حربة
ويلفت إلى أن سلطات الاحتلال هدمت 55 منزلًا في البلدة منذ العام الماضي، لذلك لابد من دعم الوقفات الاحتجاجية بشكل جماعي حتى تجبر البلدية للتراجع عن قراراتها وممارساتها ضد المقدسيين وهدم منازلهم، وإفشال سياسة التطهير العرقي.
ويؤكد أن هذه الوقفات في حال استمرت وتصاعدت، فإنها ستثمر وستفشل قرارات بلدية الاحتلال وتُجبرها على التراجع عن مخططاتها ومشاريعها الاقتلاعية والتهجيرية ليس فقط في جبل المكبر، بل بمدينة القدس عامةً.
وبنظر عبيدات، فإن جبل المكبر تشكل رأس حربة في النضال السلمي والحراك الشعبي المتواصل، رفضًا لعمليات الهدم، ولقد آن الأوان لكي تنضم بقية القرى والبلدات المقدسية لهذا الحراك حتى تصبح قوة كبيرة قادرة على لجم بلدية الاحتلال وتراجعها عن قراراتها المتعلقة بالهدم.
ويشير إلى أن جبل المكبر تعد أكبر البلدات المقدسية، يقطنها حوالي 35 ألف نسمة، ونسبة البناء فيها عالية، لذلك يستهدفها الاحتلال باستمرار، وبهدف الانتقام من سكانها، كونها دائمًا ما تشهد هبات شعبية، ولما شهدته من عمليات فدائية خلال سنوات سابقة، أدت لمقتل إسرائيليين.
ويتصاعد الاستيطان في البلدة وصور باهر جنوبًا وحي الشيخ جراح شمالًا، لمحاصرة المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة ضمن المشاريع والمخططات الاستيطانية.
آليات دعمها
وحول عدم تعميم الحراك الشعبي بجبل المكبر على باقي أحياء القدس المهددة بالهدم، يرجع الكاتب المقدسي ذلك إلى وجود قصور كبير بين أوساط القوى والمرجعيات المقدسية ومؤسساتها، بما فيها محافظة القدس والمؤتمر الوطني الشعبي المقدسي في متابعة تلك القضية وتبينها.
ويضيف "شهدنا بعض المشاركات في الوقفات الاحتجاجية من سلوان وبعض القرى المجاورة، لكنها ليست كافية، بل تحتاج إلى جرأة وقرار جدي حتى تعمم هذه الفكرة وتصبح سياسة عامة لأهالي القدس عامةً.
وعن الآليات اللازمة لتحقيق أهداف الحراك الشعبي، يؤكد عبيدات في حديثه لوكالة "صفا" أننا بحاجة لتشكيل لجان هندسية وقانونية لمتابعة كل القضايا المتعلقة بالبناء والترخيص والمخططات الهيكلية في المدينة المحتلة، وأن تتواصل الفعاليات الاحتجاجية وتتصاعد.
وأيضًا، يجب مخاطبة كل المؤسسات الدولية، وخاصة الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية الذين يتشبثون بحقوق الإنسان والدمقراطية وحق السكن المكفول للسكان، للضغط على سلطات الاحتلال للتراجع قراراتها ومخططاتها بحق المقدسيين.
ويشدد على ضرورة ألا تقتصر الفعاليات على بلدة جبل المكبر، بل يجب أن تتسع وتشمل كل القرى والأحياء المقدسية، حتى تشكل عامل ضغط على صناع القرار الإسرائيليين لوقف عمليات هدم المنازل.