من الاستدعاء إلى الاعتقال والتحقيق والمنع من السفر، وصولًا إلى تقييد حركته ومنعه من التواجد في أحياء مدينة القدس المحتلة، كلها إجراءات وممارسات إسرائيلية تلاحق رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي بشكل مستمر، بحجة نشاطه في المدينة "وتشكيله خطرًا على أمن الاحتلال".
وعلى مدار سنوات، يتعرض الناشط الهدمي لاستهداف إسرائيلي ممنهج، ولحملة استدعاءات وتحقيق حول نشاطه في المدينة المقدسة، كان آخرها أمس الأربعاء، عندما استدعته مخابرات الاحتلال للتحقيق في غرفة "4" بمعتقل "المسكوبية" غربي المدينة.
ترهيب وتنكيل
ويقول الهدمي لوكالة "صفا": إن "مخابرات الاحتلال استدعته أمس، للتحقيق في معتقل المسكوبية، حول نشاطه في القدس، ووجهت له تهمة الانتماء لحركة حماس، وأنه عضو نشيط فيها ويشارك في فعالياتها، لكنه أنكر هذه التهم، وأنه ليس لي علاقة بأي تنظيم في المدينة أو غيرها".
ويوضح أن التحقيق معه استمر لمدة ثلاث ساعات، وذلك في إطار الترهيب والتنكيل والتضييق عليه، وأيضًا ضمن سياسة الاحتلال في استهداف الشخصيات المقدسية وكل صوت حر يدافع عن القدس والمقدسات، ويعبر عن رأيه.
وتمنع سلطات الاحتلال الهدمي من السفر منذ ثلاث سنوات، والعام الماضي جددت له القرار مرتين، ناهيك عن اعتقاله مرتين وتحويله للحبس المنزلي، واستدعاءه مرات عدة للتحقيق، وفرض قيود على تحركاته واتصالاته في القدس، ومنعه من دخول المسجد الأقصى المبارك لمدة 6 أشهر.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل جرى محاربته ماليًا، من خلال حرمانه من ممارسة التجارة، بعد إغلاق محله التجاري الذي كان يملكه بالمدينة، بغية التضييق عليه اقتصاديًا، وتنغيص حياته وعائلته.
وللمرة الثانية على التوالي خلال العام 2022، منعت سلطات الاحتلال الهدمي من دخول شرقي القدس، وحددت حركته فقط بمكان سكنه بحي الصوانة في بلدة الطور.
ولا يبعد منزل الهدمي سوى خمس دقائق عن المسجد الأقصى، لكنه يضطر إلى سلوك طرق بعيدة كي لا يدخل المناطق المحظورة عليه من الاحتلال.
وسبق وأن منعت سلطات الاحتلال الهدمي من الاتصال مع عدة شخصيات بالمدينة، في تعدي صارخ على كافة حقوقه المشروعة، واستمرارًا لمسلسل الملاحقة والتضييق.
فضح الاحتلال
ويوضح الهدمي أن قيامه بدوره في فضح الممارسات والإجراءات الإسرائيلية بحق المقدسيين والمسجد الأقصى أزعج الاحتلال، وجعله في دائرة الاستهداف المتواصل.
ويضيف "في إحدى حلقات التحقيق معي تم تهديدي بالاعتقال، لأنني تحدثت عبر وسائل اعلام عن المراكز الجماهيرية التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، وفضحت سياستها بهذا الشأن، وكيف أنها تُستخدم كأداة للتهويد وللسيطرة على المدينة".
ويؤكد أن الاحتلال يسعى لتمرير مشاريعه التهويدية بدون انتباه المجتمع المقدسي، لذلك يحارب بشتى الوسائل كل الأصوات الحرة والشخصيات المؤثرة والمدافعة عن القدس ومقدساتها.
ولا تريد سلطات الاحتلال نقل صورة ما يجري في المدينة من انتهاكات واعتداءات للعالم، وفضح مخططاتها التهويدية والاستيطانية، كونها تخشي ردة الفعل. كما يؤكد الناشط المقدسي
ضريبة الدفاع
وتلاحق سلطات الاحتلال النشطاء المقدسيين والشخصيات المؤثرة مجتمعيًا، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، كونها تعتبرها نوعًا من أنواع المقاومة لهذا المحتل، وفي مسعيٍ خطير لضرب وإضعاف النسيج المجتمعي، وكسر الروح المعنوية لديهم في مواجهة سياساتها.
ويقول في حديثه لوكالة "صفا": "ما ندفعه من ضريبة الدفاع عن القدس والأقصى أقل القليل، فهناك من قدم نفسه، وأبناءه شهداء، وأيضًا بيته فداءً للقدس وفلسطين، والتي تحتاج منها كل الثبات والصمود والتضحية، ونسأل الله عز وجل القبول والإخلاص في العمل".
ويتابع "رغم الملاحقة والتنكيل، إلا أننا سنواصل مسيرتنا وثباتنا، وتوصيل رسالتنا للعالم، ورفضنا للاحتلال ولإجراءاته العنصرية، والوقوف في مواجهته دفاعًا عن القدس ومقدساتنا".
وفي رسالة وجهها لسلطات الاحتلال، يقول الهدمي:" عليكم أن ترحلوا عن بلادنا وديارنا، لأنه ليس لكم مكانًا ولا حق في أي ذرة تراب من أرض فلسطين، ومهما تصاعدت ممارساتكم وغطرستكم بحق المقدسيين وأبناء الشعب الفلسطيني، فإننا سنبقى صامدين في بلادنا لن نرحل عنها".