أجمع متحدثون خلال ندوة حوارية حول الحرب الروسية على أوكرانيا أنها ستؤثر بالسلب على الإقليم والقضية الفلسطينية إن لم يُحسن استثمارها لتكوين تحالفات جديدة ضمن عالم متعدد الأقطاب، وإنهاء التفرد الأمريكي ودعمه للكيان الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية عقدها مجلس العلاقات الدولية – فلسطين ومركز الدراسات السياسية والتنموية بغزة أمس الأربعاء، بعنوان" انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على الإقليم والقضية الفلسطينية".
وبحث خبراء ومختصون خلال الندوة تداعيات هذه الحرب بمشاركة نخبة من المختصين في الشأن الدولي والقضية الفلسطينية، وحضرها مجموعة الكتاب والباحثين.
وقال رئيس مجلس العلاقات الدولية-فلسطين باسم نعيم، إن الحرب شرق القارة الأوروبية تؤثر بالسلب على الإقليم والقضية الفلسطينية كوننا على تماس مباشر بهذه الأزمة بوصفنا شعب يقبع تحت الاحتلال ويعاني من القتل والدمار منذ ثمانية عقود.
ووصف نعيم الحرب الروسية الأوكرانية بالحدث الأكبر عالميا منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يرفض ويتألم لرؤية الدمار وقتل المدنيين، ويقف مع الشعوب المحتلة ويتمنى السلام لكل البشرية.
إنهاء حالة التفرد الأمريكي
وأوضح أن الأزمة الروسية الأوكرانية تطرح رغبة دولية متنامية لإنهاء حالة التفرد والهيمنة الأمريكية، لافتا إلى أن هذه الرغبة والشعور المتنامي نحو عالم متعدد الأقطاب يخدم القضية الفلسطينية ويعطينا مساحة أكبر بوجود أقطاب أخرى مثل روسيا والصين والهند وإيران "بحيث لا يكون بينهم إلا تقاطع المصالح بعيدًا عن التأييد الأيدولوجي والعقائدي الديني".
وأضاف "المشترك بيننا وبين هذه الأقطاب القادمة يبشر بتحالفات بعيدة عن الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ويجب أن نحسن استثمار هذه الفرصة ".
وبين أن الموقف الغربي من الأزمة الروسية الأوكرانية والحديث عن القانون الدولي والإنساني يدفع بملف الاحتلال الإسرائيلي لفلسطيني والانتهاكات للطاولة .
وحذر نعيم من استغلال الكيان الإسرائيلي لهذه الأزمة على حساب القضية الفلسطينية نحو مزيد من التغول على الأراضي الفلسطينية بتوطين المستوطنين الأثرياء من أوكرانيا في النقب المحتل وفي الضفة الغربية، خاصة في حال قبول المنظومة الدولية لاستراتيجية القوة والعربدة.
وقال: "إن القبول بمنطق القوة سيفتح شهية الكثيرين لحسم خياراتهم بالقوة والاحتلال".
ولفت إلى أن الفترات الانتقالية نحو عالم متعدد الأقطاب ستتخلله الوحشية والفوضى، وقد يستغلها الاحتلال الإسرائيلي لفرض وقائع جديدة على القضية الفلسطينية.
وشدد على ضرورة استثمار ما بأيدينا من أوراق كفلسطينيين بتشكيل تحالفات جديدة في الإقليم، والاستفادة من الفرص المتاحة بعقد تحالفات مع هذه الأقطاب.
وفي الجانب الاقتصادي، وفي ظل حالة الغلاء وارتفاع أسعار النفط والحبوب، دعا نعيم إلى البدء لإيجاد البدائل وتوفير السلع من مصادر أخرى متعددة، والعمل على حماية أبناء شعبنا من أية ارتدادات اقتصادية نتيجة هذه الأزمة.
وختم " مطلوب من الدول العربية بالتمرد على قرارات الولايات المتحدة ومطلوب أيضا تمزيق اتفاق أوسلو"
حرب بالوكالة
وفيما يخص الموقف التركي من الحرب وتداعياتها، أوضح مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي ياسين أقطاي خلال مداخلة عبر تقنية "الفيديو كونفرنس" أن هذه الحرب تجري بالوكالة بين أمريكا من جانب وبين روسيا، ومن جانب آخر حاجة أوروبا للغاز".
وأكد أقطاي أن تركيا حاولت أن تكون وسيطا بين الطرفين وأن موقفها حساس وعلى علاقة متساوية بين الطرفين، لافتا أنها تعاني أصلا من تدفق اللاجئين القادمين من اليمن وسوريا والعراق واليمن، مما يؤثر على النسيج الاجتماعي وينعكس على الشأن السياسي التركي.
وقال:" تركيا حاولت منع حلف الناتو من خلق الذرائع لروسيا بالهجوم، ولكن تبقى هذه الذرائع –محاولة أوكرانيا الانضمام لحلف الناتو- ليست حُجة لاحتلال بلدان أخرى، وتركيا تعاني من مشاكل مع حلف الناتو لأنه لا يلتزم بواجباته نحونا".
بدوره قال الكاتب والباحث المختص بالشأن الإسرائيلي سعيد بشارات إنه "بات من المطلوب من قيادة السلطة الفلسطينية التحرك دبلوماسيا وإعلاميا لمواجهة الخطة الإسرائيلية التي تتوجه لحل مشكلة المهاجرين الأوكرانيين على حساب الأرض الفلسطينية".
وأضاف بشارات " لم نلاحظ أي جهد بهذا الاتجاه من قيادة السلطة، كيف سيٌرحّلون يهود دولة محتلة لأراضي دولة محتلة أخرى ".
ولفت إلى أن "إسرائيل" تحاول استغلال الحرب لتحسين اقتصادها من خلال جولات مكوكية لدول الخليج العربي وطرح نفسها بديلا لأوروبا عن الغاز الروسي.
وتدخل الحرب الروسية الأوكرانية يومها الـ 2219، فيما تتلاحق تطورات الحرب على المسارين العسكري والدبلوماسي.