تُنذر استعدادات المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى خلال شهر رمضان بإمكانية تدهور الأوضاع الأمنية، في ظل تحذيرات المقاومة من مغبة المساس بالمقدسات.
ويتوافق شهر رمضان هذا العام مع الأعياد اليهودية، في وقت يعتزم فيه عشرات آلاف المستوطنين اقتحام المقدسات بمناسبة "عيد الفصح"، وهو ما يرفع احتمالات حدوث تصعيد مماثل لما جرى في رمضان الماضي، ثمّ امتد إلى حربٍ في قطاع غزة استمرت 11 يوماً.
وتأتي هذه المخاوف، في ظل معطيات جديدة يشهدها العالم تتمثل في الحرب المندلعة بين روسيا وأوكرانيا، الأمر الذي يدفع "إسرائيل" لمراجعة حساباتها قبل الإقدام على أي خطوة في الساحة الفلسطينية.
خطورة هذه الأوضاع دفعت رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار إلى إجراء زيارة استثنائية للولايات المتحدة، ناقش خلالها مع مسؤولين أمريكيين احتمالية حدوث تصعيد.
ويرى محللون في أحاديث مع وكالة "صفا" أن الاحتلال يخشى من اندلاع مواجهة عسكرية قد تشترك فيها أطراف أخرى بالمنطقة، وتكون شرارتها مدينة القدس، لافتين إلى أن هذه الخشية ترتفع في ظل غزو أوكرانيا.
توجيهات أمريكية بخفض التصعيد
بهذا الصدد، يقول المختص بالشأن السياسي ذو الفقار سويرجو: إن "هناك توجيهات أمريكية للاحتلال بخفض التصعيد وعدم الدخول في أي صدامات مع الشعب الفلسطيني وذلك في إطار اللعبة الأمريكية التي تلعبها على الصعيد الدولي سواء فيما يتعلق بالملف الصيني أو الروسي".
ويرى سويرجو، في حديث مع "صفا"، أن "هذه التوجيهات شكلت نوعاً من القيود على دولة الاحتلال في محاولة تنفيذ مخططاتها بمدينة القدس، التي تتطلب ضوءاً أخضر أمريكياً".
ويضيف "لهذا السبب ذهب رئيس الشاباك للولايات المتحدة لأخذ هذا الضوء من أجل إطلاق يد إسرائيل في الاستمرار بنهجها واستغلال حالة الانشغال بالحرب الأوكرانية من أجل خلق وقائع جديدة على الفلسطينيين".
لكن هذا المخطط، وفق سويرجو، فوجئ منذ أشهر بتصاعد حالة الرفض الفلسطيني على جميع الأصعدة سواء على المستوى الشعبي أو على الصعيد العسكري واستمرار تهديدات المقاومة في غزة أن الأمور لن تستمر على هذه الشاكلة وأننا أمام مرحلة قد تنفجر فيها الأوضاع دون أي حسابات.
ويشير المحلل السياسي إلى أن "إسرائيل تعي هذا التطور في الموقف الفلسطيني الذي بدأ بتصاعد الأوضاع نوعاً ما في الضفة الغربية".
وينوه سويرجو إلى أن "الاحتلال يبحث من جهة عن حلول لاحتواء الغضب الفلسطيني، ومن جهة أخرى يريد مواجهة مخططات المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية والقدس الذين يمتلكون أجندة ستعمل على التصعيد".
الأمور ذاهبة للتصعيد
ويعتقد أن "كل المؤشرات تشير إلى ذهاب الأوضاع نحو الانفجار والتصادم خصوصاً في ظل توافق الأعياد اليهودية مع المناسبات الإسلامية واحتفالات الفلسطينيين بشهر رمضان".
ويتوقع سويرجو أن "هذا التصادم سيكون جزءاً من شكل العالم الجديد الذي بدأ يتشكل باتجاه ظهور معسكرين الأول تقوده الولايات المتحدة وحلفائها المعادين لحرية الشعوب، والمعسكر الآخر هو الذي بدأ بقيادة روسيا، والأخير ربما تتقاطع مصالحه مع مصالح الفلسطينيين".
وحول زيارة رئيس الشاباك، يرى المحلل السياسي أنها جاءت لأن "إسرائيل ترى نفسها في ورطة، وبدأت تعي تماماً بأن المعركة القادمة هي معركة متعددة الجبهات ولن تقتصر على الفلسطينيين".
ويؤكد سويرجو أن "الاحتلال لن يستطيع الصمود أمام عامل الوقت؛ بمعنى صموده لفترة زمنية طويلة إلى جانب عامل الخسائر البشرية الذي تتفاداه إسرائيل بشكل مستمر".
تصعيد ممتد
من جانبه، يرى المراقب للشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، أن "احتمال التصعيد في رمضان هو أمر مخيف لدى دولة الاحتلال التي تدرك جيداً أن الأمر لن يتوقف على الضفة الغربية".
ويقول الرفاتي، في حديثه لوكالة "صفا": إن "المستوى الأمني الإسرائيلي يخشى من امتداد التصعيد إلى قطاعات أخرى وربما ساحات أخرى خارج فلسطين مثل لبنان".
ويوضح الرفاتي أن "التهويل الذي نراه على وسائل الإعلام العبرية ربما يكون منطقيًا في ظل التحركات الأمنية والسياسية من الاحتلال".
ويشير إلى خشية إسرائيلية حقيقية من "اندلاع مواجهة عسكرية كبيرة في المنطقة في ظل انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية ما يعني أن دولة الاحتلال قد يكون موقفها ضعيفاً هذه المرة خاصة أن الإدارة الأمريكية لن تكون راغبة في مثل هذه المواجهة".
وبحسب الرفاتي؛ تريد الإدارة الأمريكية أن يستمر التركيز على مواجهة روسيا والعقوبات المفروضة عليها، ولا تريد أي أحداث أخرى.
وتعليقاً على زيارة رئيس الشاباك لواشنطن، يقول الرفاتي إنها "تأتي لوضع الإدارة الأمريكية في صورة الأوضاع والتطورات والفرص الكبيرة لاشتعال الضفة والقدس خلال الفترة المقبلة بما قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية شاملة".
وأضاف أن "الشاباك يريد أن يعطي جميع المعطيات المتوفرة لديه للإدارة الأمريكية بما في ذلك المعلومات عن احتمال حدوث تصعيد".
وينهي المختص بالشأن الإسرائيلي حديثه بالقول: إن "اندلاع أي تصعيد خلال الفترة القليلة المقبلة يتوقف على سلوك الاحتلال تجاه الفلسطينيين والمقدسات إضافة لقضية حي الشيخ جراح"، منوهاً إلى أن "الاحتلال يخشى كثيراً هذه المواجهة".