دائمًا ما يُغلف الاحتلال الإسرائيلي مشاريعه التهويدية والاستيطانية في مدينة القدس المحتلة بغلاف تطويري وتشغيلي، ويتخذّها ذريعة للاستيلاء على مزيد من أراضي الفلسطينيين، بغية تحقيق أهدافه وأطماعه في المدينة.
وخلال الأشهر الماضية، وافقت بلدية الاحتلال في القدس على عشرات المشاريع في أحياء وبلدات الطور، صور باهر، وادي الجوز وأم طوبا، تحت حجة "التطوير والعمل".
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل طالت تلك المشاريع بلدة العيسوية شمال شرقي القدس، إذ وافقت "لجنة التخطيط والبناء المحلية" التابعة لبلدية الاحتلال على خطة لإنشاء ما سمته "مجمع عمل" جديد على أراضي البلدة.
وبحسب الخطة الإسرائيلية "سيتم إنشاء منطقة عمل جديدة في بلدة العيسوية، تضم حوالى 90 ألف متر مربع للاستخدامات في التجارة والتوظيف والصناعات الخفيفة والحرف اليدوية".
وكان رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه لييؤن تعهّد في وقت سابق بالاستمرار في المشاريع الاستيطانية التشغيلية لخلق فرص عمل للمستوطنين.
البوابة الشرقية
وتشكل العيسوية البوابة الشرقية لمدينة القدس؛ لذلك يسعى الاحتلال لبسط سيطرته عليها، والتهام ما تبقّى من أراضيها لتبقى مفتوحة أمام المشاريع الاستيطانية، وضم المستوطنات في غور الأردن إلى شرقي المدينة، كما يقول المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ويوضح أبو دياب، في حديثه لوكالة "صفا"، أنّ آلية السيطرة على الأراضي أصبحت جزءًا من ادّعاءات الاحتلال لإقامة مراكز ومجمعات تجارية وترفيهية وأعمال حرفية وتنموية، كما هو الحال في كثير من الأحياء المقدسية.
ويضيف أنّ "مجمعات العمل" التي تُعلن عنها "لجنة التخطيط والبناء المحلية" -الذراع التهويدي لبلدية الاحتلال- باتت تتخذها حجة للاستثمار في أحياء القدس، لكنّها في الحقيقة تُعد وسيلة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية لصالح استخدامات استيطانية.
ووفق أبو دياب فإنّ بلدية الاحتلال تسعى لإقامة "مجمع عمل" على مساحة بناء 90 ألف متر مربع من أراضي العيسوية لخدمة المستوطنين وليس التجمعات المقدسية.
وبحسب الخطة الإسرائيلية فإنّه" سيتم بناء مراكز للاستخدامات الترفيهية والترويحية، من مقاهي ومطاعم ومتاجر وصالات رياضية وقاعات حفلات، بالتوازي مع إنشاء كليات التدريب المهني ومكاتب للشركات الكبيرة والصغيرة".
وقالت بلدية الاحتلال: "كجزء من التخطيط، يتمّ تنظيم وصول جديد للحي من خلال الطريق رقم (1)، والذي سيشكل بوابة دخول مهمة للحي".
وتحرم سلطات الاحتلال أهالي العيسوية من أراضيهم، حيث صادرت مساحات واسعة منها لصالح المستوطنات وجدار الفصل العنصري وما يسمى "الحديقة القومية"، وتمّ عزل 70% من أراضيها عن مركزها الرئيس بواسطة الجدار العنصري.
استهداف واضح
ومن خلال هذه الخطة، يوضح أبو دياب، أنّ الاحتلال سيستولي على الجزء الشرقي من العيسوية المدخل إلى منطقة (E1)، وبالتالي حرمان المقدسيين في البلدة من استغلال أراضيهم والانتفاع منها.
ويؤكّد أنّ الاحتلال يُغلف مشاريعه التهويدية بذريعة "التطوير والتشغيل من أجل تخفيف الضغط الدولي عليه، وحتى لا يكون هناك موانع قانونية تقف أمام تنفيذ مخططاته الاستيطانية في القدس".
ويشير إلى أنّ العيسوية كما باقي الأحياء والبلدات المقدسية، بحاجة إلى مخططات هيكلية لتنظيم البناء، في وقت لا تسمح بلدية الاحتلال للمقدسيين بإصدار تراخيص البناء ولا بالتوسع العمراني، في المقابل تقوم بعمليات هدم لمنازلهم.
وبهذا المخطط الإسرائيلي، فإن ّبلدة العيسوية ستفقد ما تبقى من أراضيها، بهدف ضم المستوطنات والأراضي الفلسطينية في منطقة (C) إلى مدينة القدس، وسيتم ربط المنطقة المستهدفة بشارع رقم (1) الموصل ما بين القدس وأريحا والأغوار، ووصله بالمستوطنات شرقي المدينة.
ويبيّن المختص في شؤون القدس أنّ الهدف الإسرائيلي من وراء ذلك واضح وهو "تسهيل وصول المستوطنين إلى المدينة المقدسة، وإيجاد بنية تحتية للمشاريع التهويدية والاستيطانية، ولمحاصرة التجمعات الفلسطينية، وفرض واقع على المدينة، وخاصة في الأحياء العربية".