لا تتوانى الجماعات الاستيطانية المتطرفة عن مخططاتها وأطماعها في المسجد الأقصى المبارك ومحاولاتها لتقسيمه مكانيًا، وهدمه وبناء "الهيكل" المزعوم مكانه، بل تستخدم كل وسائل التعبئة والحشد وتحريض عناصرها لأجل تنفيذ ذلك.
ولا يزال المسجد الأقصى يشكل هدفًا استراتيجيًا للجماعات اليهودية المتطرفة، والتي تتسع دائرتها من حيث العدد والنفوذ، وتتغلغل داخل الحكومة الإسرائيلية، وتُحدد السياسات العامة لها بشأن الفلسطينيين ومقدساتهم، وتحديدًا الأقصى.
وتتحضر تلك الجماعات وتحشد عناصرها للهجمة الكبرى على الأقصى في شهر رمضان المقبل، والذي يتزامن مع "نيسان العبري"، ويتخلله خمس مناسبات وأعياد يهودية.
وشهد رمضان العام الماضي، هجمة واعتداءات إسرائيلية شرسة وغير مسبوقة، ومواجهات يومية بين المقدسيين وقوات الاحتلال، بالإضافة إلى اقتحامات كبيرة للمسجد الأقصى، واعتداءات على المصلين، أسفرت عن مئات الإصابات والاعتقالات.
وبحسب منشورات "جماعات الهيكل" المزعوم، سيستغل المستوطنون الاحتفال بما يسمى "السبت العظيم"، ويوم "الهجرة العالية"، و"عيد الفصح" العبري، الذي يستمر لسبعة أيام، ويوم "صيام البكر"، ويوم "هشوا"، لتنفيذ مخططاتهم في اقتحام المسجد الأقصى.
ويعتبر ما يسمى "السبت العظيم"، الخطوة الأولى للمستوطنين تجاه الأقصى، وسيتعاملون معه على أنه اختبار ليقظة المسلمين ورد فعلهم على اقتحامه.
ووفق المخططات اليهودية، فإن" الهجمة الثانية المتوقعة على الأقصى في رمضان ستكون فيما يسمى يوم الهجرة العالية، الذي يوافق 11/4/2022، ويعد وقود هجرة اليهود إلى فلسطين، ويستغله الاحتلال لشحن المستوطنين من أجل اقتحام الأقصى وذلك لفرض واقع جديد".
ودعت "جماعات الهيكل" إلى تكثيف الاقتحامات في رمضان، وعدم الخضوع لموقف الأوقاف الإسلامية الداعي إلى وقف الاقتحامات طوال الشهر الفضيل وفق ما هو معتاد عليه، وحسب الوضع القائم منذ احتلال مدينة القدس عام 1967.
وطالب قادة المستوطنين في رسالتهم لوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، بمواصلة اقتحاماتهم وتكثيفها مع بداية رمضان.
طابع جديد
نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات يقول لوكالة "صفا":" من الواضح تمامًا أن اقتحامات المسجد الأقصى في الآونة الأخيرة بدأت تأخذ طابعًا جديدًا يتمثل بمحاولة استعانة حكومة الاحتلال بعصابات المستوطنين لدفعها أمامها لتنفيذ مخطط كبير جدًا بحق الأقصى".
ويضيف "ما شاهدنا في حي الشيخ جراح من دفع حكومة الاحتلال هؤلاء المستوطنين للحي، في محاولة لإنشاء خط دفاع أمامها لتحقيق ما تريد، رغم أنها هي من تحرض وتخطط وتريد أن تجعل لها ذراعًا جديدًا من المستوطنين والاستيطان في مدينة القدس".
ويوضح أن حكومة الاحتلال هي من تحمي هذا الذراع وتُقويه وتدفعه للتأثير والاستقواء على القدس وأهلها في كل مناحي الحياة، وتحاول أن تجعله سيفًا مسلطًا على المسجد الأقصى ومحيطه.
ويشير إلى أن عصابات المستوطنين تتركز في اقتحاماتها على الشيخ جراح وسلوان والبلدة القديمة وباب العامود، تلك المناطق المحيطة بالأقصى، بهدف تحقيق مخططها بالسيطرة الكاملة عليه.
وبحسب بكيرات، فإن "شرطة الاحتلال تريد أن تظهر رسالة أمام الإعلام المحلي والعالمي والرأي العام بأنها محايدة لا تسعى للاشتباك، لكنها في الحقيقة هي من تقوم بالاعتقالات والانتهاكات في القدس والأقصى".
مخاطر الاقتحامات
ويحذر من خطورة ما تقوم به الجماعات الاستيطانية بشأن المسجد الأقصى، قائلًا:" إنها تسعى لزيادة نشاطها واقتحاماتها للأقصى نوعًا وعددًا، مما يشكل خطورة على الوجود العربي والمقدسي في المسجد، ويؤدي لزيادة الحضور اليهودي".
وستشكل هذه الاقتحامات-وفقًا لبكيرات- استفزازًا لمشاعر المسلمين عامةً، والمقدسيين خاصةً، رُغم أن كل الانتهاكات والاقتحامات والاعتقالات لم تستطيع ترويض المقدسيين على قبول تلك الاقتحامات وسياسات الاحتلال الممنهجة.
ويبين أن هذه الاقتحامات أيضًا قد تؤدي إلى تنفيذ مزيد من الاعتقالات بحق المقدسيين، وقد تؤجج الوضع، وتخلق نوعًا من النزاع الكبير الذي يمكن أن يتطور إلى حدث ليس على مستوى فلسطين والقدس، وإنما إلى حدث عالمي، كونها تنتهك حرمة الشهر الفضيل.
ويشير إلى أن الأمة الإسلامية تُدرك معنى حرمة رمضان، ما يُنذر بحرب دينية في المنطقة بدايتها قد تكون معلومة، لكن نهايتها لا.
ولا تتوقف الجماعات الاستيطانية عن مساعيها الرامية لتقسيم المسجد الأقصى، بل وهدمه وطرد المسلمين والمقدسيين منه، ومن مدينة القدس بأكملها، وتعمل خطوة خطوة لأجل تكريس سيطرتها عليه وتحقيق أطماعها داخله.
آليات المواجهة
وحول آليات مواجهة تلك الاقتحامات، يقول بكيرات إننا نعول كثيرًا على رباط المقدسيين في الأقصى، ومحيطه، وفي البلدة القديمة والشيخ جراح وسلوان، كوننا نعيش حالة مهمة تستوجب منها جميعًا استنفار كل الطاقات وأن نبقى موحدين في داخل المسجد المبارك.
ويضيف "نحن بحاجة ماسة إلى حاضنة يقظة فاعلة فلسطينية عربية إسلامية للتأثير فعليًا وبكل قوة في القرار المحلي والعالمي، وليس حاضنة تعيش على العواطف وردات الفعل، بل تكون قادرة على التأثير في صناعة القرار وتغيير الواقع الذي تعيشه الأمة.
ويتابع "آن الأوان لتشكيل خطاب عالمي مؤثر يتحدث بلغات العالم بهدف تسليط الضوء على كل جرائم الاحتلال وممارساته وبيان انتهاكاته بحق الفلسطينيين ومقدساتهم، وأننا أصحاب الحق ونسعى للحرية، وأن على العالم أن يُغير سياساته تجاه القضية الفلسطينية، وأن يعمل على نصرتها".