يسعى قادة المستوطنات فيما يسمى "غلاف القدس" إلى التحريض والتأثير على رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، للضغط عليه من أجل دعم خطة إخلاء قرية الخان الأحمر البدوية شرقي القدس المحتلة، وتهجير سكانها، باعتبار أنها تُشكل محورًا استراتيجيًا، وشوكة في حلق التوسع الاستيطاني.
ورُغم تأجيل تنفيذ القرار عدة مرات، إلا أن حكومة الاحتلال لم تُوقف مخططها الكبير لهدم القرية بأكملها، بل وضعت مؤخرًا، مخططًا جديدًا لإخلائها، وتهجير سكانها، وإعادة بناءها لاحقًا في مكان مجاور يبعد نحو 300 متر عن الموقع الأصلي للقرية، ونقل سكانها إليه.
وبعث قادة مستوطنات "غلاف القدس" قرب القرية البدوية، برسالة إلى بينيت طالبوه بتنفيذ القانون بإخلاء القرية التي اعتبروها أنها تأتي في "محور مركزي واستراتيجي يؤدي إلى القدس عاصمة إسرائيل".
وبحسب موقع "واي نت" العبري، فإن المحكمة العليا الإسرائيلية ستستمع بحلول السادس من آذار/ مارس المقبل في جلسة أخيرة، لرد "ممثل الدولة/ الحكومة" الإسرائيلية، بشأن إخلاء القرية، وذلك بعدما رفضت سابقًا طلب الحكومة بتأجيل الرد لوقت آخر.
وذكر أن المستوى السياسي في "إسرائيل" قلق من مسألة إخلاء الخان الأحمر، في ظل أن الأنظار تتجه حاليًا نحو الأحداث التي يشهدها حي الشيخ جراح وسط القدس.
ضغوطات كبيرة
أمين سر حركة فتح في منطقة عرب الجهالين وبادية القدس داوود الجهالين يقول لوكالة "صفا" إن سكان الخان الأحمر والتجمعات البدوية شرقي القدس يتعرضون لضغوطات كبيرة من اليمين الإسرائيلي المتطرف، والمستوطنين، والتحريض على هدم القرية وإخلائها لأجل تنفيذ مخططهم الاستيطاني فيها.
ويوضح أن حكومة الاحتلال تسعى من خلال إخلاء الخان الأحمر، إلى ربط المستوطنات شرقي القدس ببعضها البعض، واستكمال مخطط "الطوق الشرقي" وفصل شمال الضفة الغربية المحتلة عن جنوبها.
ويضيف أن الخان الأحمر يشكل ركيزة أساسية وذات أولوية في هذه المعادلة الإسرائيلية، وشوكة في حلق الامتداد الاستيطاني، ومقدمة لاستكمال إخلاء وتهجير باقي التجمعات البدوية، وصولًا لإغلاق مدينة القدس وفصلها عن الضفة.
وتعتبر سلطات الاحتلال الأراضي المقام عليها في الخان الأحمر "أراضي دولة"، وتدعي أنه "بني دون ترخيص".
ويؤكد أن قرية الخان الأحمر عصية على الإخلاء، وستبقى صامدة في وجه أي مؤامرات احتلالية قادمة، وإن عمل الاحتلال على تنفيذ تهديداته وجرى هدمها فعليًا، فإننا سنعمل على بناءها من جديد، ولن ينجح المحتل في تهجير سكانها.
ولا يقتصر استهداف الاحتلال على الخان الأحمر فقط، بل أصدر قبل أيام، قرارًا بمصادرة 1000 دونم من أراضي بلدة أبو ديس والسواحرة الشرقية الواقعة في محيط مستوطنة "كيدار"، بهدف تجسيد سياسة الفصل العنصري، والربط الفعلي للمستوطنات.
ويتابع الجهالين "نقول للاحتلال، إن الخان الأحمر ستبقى الصخرة التي ستتحطم عليها كل أحلامه ومخططاته، وسنكون له بالمرصاد، وسنواجه بكل صمود وصلابة أي عملية تهجير للتجمعات البدوية، ومهما كان الثمن".
ويؤكد أن هناك تواصل واتصالات مستمرة مع السفراء والقناصل الأوروبيين، والهيئات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، لاطلاعهم على ما يجري في الخان الأحمر، ومخاطر الاحتلال لتهجير السكان، والمطالبة بالضغط لأجل وقف المخطط الإسرائيلي.
وتقع القرية قرب مستوطنتي "معاليه أدوميم" و"كفار أدوميم"، ويشكّل موقعها الحالي وصلًا في الأراضي بين القدس وأريحا، وتبلغ مساحتها 40 دونمًا، تضم أكثر من 40 عائلة يعيشون في خيام وبيوت من الصفيح، وأخرى في "كرفانات" متنقلة، تفتقر لأدنى مقومات البنية التحتية والخدمات الأساسية.
وترفض سلطات الاحتلال الاعتراف بوجودهم في هذه المنطقة، وتسعى لطردهم وتهجيرهم مجددًا، ولا تألو جهدًا في التضييق عليهم، وتقييد تحركاتهم.
توسع استيطاني
وأما المختص في شؤون الاستيطان بسام بحر فيؤكد لوكالة "صفا" أن الاحتلال يريد إخلاء الخان الأحمر والتجمعات البدوية للسيطرة على آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وللتوسع الاستيطاني.
ويوضح أن الاحتلال يعمل على توسيع مستوطنات "معاليه أدوميم"، و"ميشور أدوميم"، يوميًا، وبشكل كبير، وترحيل السكان الفلسطينيين البدو من هذه المنطقة، لأجل تنفيذ مخططاته الاستيطانية، كون وجود تلك التجمعات يُعيق تنفيذها.
ويشير إلى أن هناك قرارات إسرائيلية لمصادرة نحو 67 ألف دونم تبدأ من مستوطنة "كيدار" شرق السواحرة حتى قرية مخماس شمال شرقي القدس، والاستيلاء على هذه المناطق بشكل كامل ، وبناء جدار عازل، وضمها مع مدينة القدس، تمهيدًا لتنفيذ مشروع "القدس الكبرى"، وغيرها من المشاريع.
ويحذر بحر من خطورة المشروع الاستيطاني في "معاليه أدوميم"، والذي سينهى على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
وتتباين آراء وزراء حكومة الاحتلال بشأن إخلاء الخان الأحمر، إذ يدعم كل من وزير الجيش بيني غانتس، ووزير الخارجية يائير لبيد، تأجيل الإخلاء، في ظل الضغوطات والمعارضة الدولية الواسعة.
في حين، تدفع أحزاب اليمين في الحكومة، من ضمنهم حزب "يمينا" برئاسة رئيس الوزراء نفتالي بينيت، والوزراء أييليت شاكيد، وأفيغدور ليبرمان، وغدعون ساعر وزئيف إلكين، باتجاه تنفيذ الإخلاء.