منذ مطلع العام 2022 وحكومة الاحتلال الإسرائيلي وبلديتها لا تتوقف عن إقرار مشاريع استيطانية وتهويدية في مدينة القدس المحتلة، سواء فيما يتعلق بمناقشتها أو رصد ميزانيات لتنفيذها، على حساب مصادرة عشرات آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين.
وتسعى حكومة الاحتلال إلى تعميق الوجود الاستيطاني اليهودي في المدينة المقدسة، ومحاصرتها بالكتل والتجمعات والأبراج الاستيطانية من كافة الجهات، في وقت تمنع فيه سكانها من التمدد عمرانيًا، رغم حاجتهم الشديدة إلى البناء والسكن.
ولم تكن بلدة العيسوية شمال شرق القدس بعيدة عن تلك المشاريع، إذ صادقت "اللجنة المحلية للتخطيط والبناء" في بلدية الاحتلال الأربعاء الماضي، على مخطط لمضاعفة مساحة مستشفى "هداسا- التلة الفرنسة" خمس مرات على أرض مساحتها 111 دونمًا من أراضي البلدة.
ووفق الخطة الجديدة، فإنه سيتم إقامة برج من 15 طابقًا و7 مبانٍ جديدة ومهبط طائرات هليكوبتر، وكذلك الحفاظ على المبنى التاريخي القديم الذي بُني في عهد الانتداب البريطاني عام 1930، وسيتم تحويله إلى فندق ومركز تجاري لخدمة المستشفى ومستوطنة "التلة الفرنسية".
وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن هذه الخطة تستوجب الحصول على موافقة من "اللجنة اللوائية التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية" لأجل تنفيذها.
ومستشفى "هداسا التلة الفرنسية" مقام على أراضي العيسوية ضمن مستوطنة "التلة الفرنسية"، والتي أقيمت عام 1969، باعتبارها ضاحية سكنية داخل حدود البلدية لمدينة القدس في إطار ما يسمى "القدس الكبرى".
وقالت رئيسة مجلس إدارة المستشفى "داليا إتزك": إن" المخطط يعد ثوريًا من حيث المساحة والتقنيات والمعدات التي سيتم استخدامها في المستشفى الجامعي الذي سيكون الأحدث في القدس والمنطقة بأسرها، حيث سيضم برجًا مشرفًا من 15 طابقًا مرتفعًا بإطلالة على القدس القديمة، ومحاط بسبعة مبان جديدة.
ومنذ احتلال القدس عام 1967، صادرت سلطات الاحتلال مساحات واسعة من أراضي العيسوية لصالح التوسع الاستيطاني، وبناء الشوارع الالتفافية والقواعد العسكرية، وتم عزل 70% من أراضيها عن مركزها الرئيس بواسطة جدار الفصل العنصري.
حصار وتضييق
عضو لجنة المتابعة في العيسوية محمد أبو الحمص يقول لوكالة "صفا" إن سلطات الاحتلال أعلنت خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، عن أربعة مشاريع استيطانية في البلدة، جزء منها للجامعة العبرية، وآخر لتوسيع مستشفى "هداسا"، ومنها لإقامة "حديقة وطنية"، وكل ذلك على حساب الأراضي المقدسية في البلدة.
ويوضح أن الاحتلال صادر مساحات واسعة من الأراضي في المنطقة الغربية الجنوبية للبلدة، بحجة "المصلحة العامة"، لكن تفاجئنا بالإعلان عنها لتوسيع مشفى "هداسا"، كما صادر ما يزيد عن 70 دونم في الجهة الغربية الشمالية، لذات الحجة، وتم تحويل جزء منها لموقف سيارات.
ويبتلع المخطط الجديد الذي يتضمن إقامة منطقة تجارية وبناءً استيطانيًا على طول الشارع الرئيس لمستوطنة "التلة الفرنسية"، مساحة كبيرة من أراضي العيسوية، ويزيد من محاصرة سكانها.
ويبين أبو الحمص أن الاحتلال يريد زيادة الضغط على سكان العيسوية، من خلال المصادقة على مزيد من المشاريع والتهام أراضيهم، وتحويل كل قطعة أرض بالبلدة لبناء مؤسسات إسرائيلية.
ويؤكد أن هذه المشاريع هدفها الرئيس تهويد مدينة القدس بشكل كامل، وإحكام السيطرة على العيسوية ومحاصرتها بالمستوطنات والمؤسسات الاحتلالية، بدءًا من مستشفى "هداسا" والجامعة العبرية وجبل المشارف وصولًا لحي الشيخ جراح وحتى غربي المدينة، ومشروع "E1" الاستيطاني.
وبموجب الخطة الجديدة، سيتم مضاعفة أعداد الأسرة في المستشفى من 350 سريرًا إلى 1300 سرير لتجعله أحد أكبر المستشفيات الإسرائيلية.
نقص السكن
ويُحاصر الاحتلال، العيسوية من الجهة الغربية بالجامعة العبرية، ومن الشرق والوسط بمستشفى "هداسا"، والشمال بالشارع الالتفافي (1 القدس- مستوطنة معاليه أدوميم"، ومخفر شرطة "E1"، وشرقًا ما يسمى "الحديقة الوطنية الصهيونية".
وقبل سنوات طويلة، استولت الجامعة العبرية على أراضٍ فلسطينية، 60% منها تقع في العيسوية، والباقي على أراضي جبل المشارف، تعتزم بلدية الاحتلال بناء وحدات استيطانية جديدة عليها.
وبحسب أبو الحمص، فإن العيسوية تعاني نقصًا كبيرًا في المساحات المخصصة للبناء والسكن، حيث تم تحويل الأراضي الفارغة لمناطق خضراء أو "للمصلحة العامة"، وحرمان السكان من الاستفادة منها، رُغم حاجتهم الماسة للسكن وللمرافق العامة.
ولم تقتصر ممارسات الاحتلال على الاستيطان، بل تتعرض العيسوية يوميًا إلى حملة مضايقات واسعة، وهجمة شرسة، تتمثل بالاقتحامات والاعتقالات، والمخالفات، وتجريف الأراضي وهدم المنازل، والتنكيل بسكانها، وذلك ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تفرضها على المقدسيين. كما يوضح أبو الحمص
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال منذ احتلالها القدس، أقامت ما يزيد عن 100 موقع استيطاني فيها، في المقابل لم يتم بناء أي قرية أو حي للمقدسيين.