تُسابق حكومة الاحتلال الإسرائيلي وبلديتها، الزمن، وتُسارِع الخطى لأجل المصادقة على مخططاتها الاستيطانية والتهويدية في مدينة القدس المحتلة، مستغلة الصمت العربي والدولي إزاء ما يجري من عمليات تغول مبرمجة وغير مسبوقة فيها.
وآخر هذه المخططات حينما صادقت ما تسمى "اللجنة المحلية للتخطيط والبناء" التابعة لبلدية الاحتلال على مخطط لإقامة حي استيطاني جديد ضخم غرب بلدة صور باهر جنوب شرقي القدس.
وقالت بلدية الاحتلال في بيان: إنها "قررت من خلال اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في القدس، التوصية للجنة اللوائية للبناء بتقديم خطة جديدة لبناء حي سكني جديد في مجمع القناة الجنوبي".
وتقترح الخطة إنشاء حي جديد يضم 1215 وحدة استيطانية سكنية، وبرجًا مكونًا من 28 طابقًا، و11 مجمعًا سكنيًا بين 7 و11 طابقًا، بالإضافة إلى ذلك، يتم تقديم واجهة تجارية باتجاه الطريق الرئيس بالحي في 6 قطع سكنية، وقسم واحد للأماكن العامة المفتوحة المجاورة للمباني.
وبحسب بلدية الاحتلال، فإن المخطط يُوفر مساحة عامة مفتوحة، و9 قطع للمباني والمؤسسات العامة، والتي تشمل مدرسة ما بعد الابتدائية، ومدرسة ابتدائية، ورياض أطفال وقاعة رياضية.
وقال رئيس البلدية موشيه ليون: "نستمر في بناء القدس.. وبناء المجمع السكني جنوب (رمات راحيل) جزء من سياسة البلدية لزيادة المعروض من المساكن بالمدينة، من خلال البناء في مناطق خالية وتعزيز التجديد الحضري".
تسارع خطير
الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول لوكالة "صفا": "من الواضح أن هناك تسارع كبير في عمليات الاستيطان بالقدس، للاستيلاء على أراضيها وإتمام تنفيذ المخططات الإسرائيلية، تمهيدًا لعزل المدينة بشكل كامل عن محيطها".
ويصف أبو دياب المخطط الاستيطاني الجديد بالخطير جدًا، وأنه يحمل أهدافًا أمنية استيطانية استراتيجية تُهدد الوجود العربي بالمدينة، وتحديدًا في المنطقة الجنوبية.
ويلفت إلى أن هناك استهداف متواصل للمنطقة الجنوبية بالقدس عبر تكثيف الاستيطان والتهويد، ومحاصرة التجمعات العربية بكتل استيطانية، وفصلها عن بعضها.
ويأتي هذا المخطط ضمن مشروع استكمال عزل القدس عن محيطها، وتحديدًا عن المنطقة الجنوبية ضمن خطوة أولى لإحكام سيطرتها وإغلاقها ومحاصرتها نهائيًا.
وبحسبه، فإن المخطط سيضم مئات الوحدات الاستيطانية والأبراج العالية، والمراكز التجارية والترفيهية، والفلل، والمدارس، وكافة المقومات الحياتية لصالح المستوطنين، بالإضافة لإقامة مباني محصنة لاستعمالها لأمور عسكرية بحتة.
ويؤكد أن بلدية الاحتلال تريد توسعة مستوطنة "رمات راحيل" غربي صور باهر، على حساب هدم الأحياء والأراضي المقدسية، لكي تصبح حي ضخم يخدم المستوطنين.
ومنذ بداية العام الجاري، تتعرض المدينة المقدسة لتصاعد كبير وخطير في الأنشطة الاستيطانية وعمليات التوسع، وزيادة هدم المنازل العربية، فكل يوم تشهد عملية هدم لمنشأة أو منزل، وتشريد للسكان.
ويوضح أنه منذ احتلال القدس عام 1967، لم نشهد تسارعًا في عمليات الاستيطان مثلما يحدث اليوم، فهناك سباق إسرائيلي محموم لحسم موضوع القدس.
خطوات حاسمة
وما يُشجع الاحتلال على هذه الإجراءات، وفق ما يؤكد أبو دياب، الصمت العربي والدولي غير المبرر تجاه ما يحدث، مما جعل هوية القدس وعروبتها في خطر شديد، وحتى وجود المقدسيين فيها.
ويبين أن سلطات الاحتلال عازمة هذا العام على تغيير خريطة القدس ووجها الحضاري، وتركيبتها السكانية والجغرافية، في ظل تنكرها لكل القرارات والقوانين الدولية والأممية.
ويقول الناشط المقدسي: إن" القدس باتت في العد التنازلي، وفي خطر شديد، لقد آن الأوان لاتخاذ خطوات حاسمة، ووقفة جادة من العالم أجمع وهيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإنقاذها قبل فوات الأوان، ووقف اعتداءات الاحتلال وممارساتها بحقها".
وخلال السنوات الماضية، اقتطع الاحتلال نصف مساحة أراضي صور باهر البالغة 9471 دونمًا، لصالح إقامة المستوطنات وبناء الشوارع الالتفافية.
تهويد القدس
وأما مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، فيوضح لوكالة "صفا" أن مصادقة الاحتلال على مخططات استيطانية جديدة يأتي استمرار لسياسة الاستيطان التي بدأت مباشرة بعد احتلال القدس عام 1967.
ويشير إلى أن القدس تشهد توسعًا للمستوطنات، وإقامة مستوطنات وأحياء جديدة، مثل المخطط الاستيطاني في منطقة مطار قلنديا، حيث يسعى الاحتلال لبناء نحو 20 ألف وحدة.
ويؤكد الحموري أن سلطات الاحتلال تسعى لربط المستوطنات ببعضها البعض، واستكمال الطوق حول القدس، وقطع التواصل ما بين الأحياء العربية المقدسية.
وبحسبه، فإن هناك صعوبة في التواصل بين بعض الأحياء داخل المدينة نتيجة وجود الحواجز الاستيطانية والمؤسسات الحكومية الإسرائيلية.
ويحذر الحموري من مخاطر الاستيطان على المدينة، ومن تهويدها وتفريغها من سكانها لكي تكون "عاصمة إسرائيل" دون وجود لأي عربي فيها.