لم يسلم مسجد الرحمن في بلدة بيت صفافا جنوب شرقي القدس المحتلة، من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، حيث طال قبته الذهبية قرارًا بهدمها فورًا، بحجة أنها تُشبه قبة الصخرة المشرفة داخل المسجد الأقصى المبارك، وهذا ما لم يرق للمستوطنين.
وعلى مساحة 300 متر مربع تقريبًا يقع مسجد الرحمن، أحد أربعة مساجد في بلدة بيت صفافا الواقعة على مسافة 6 كم جنوب شرقي القدس، تحيطها المستوطنات من كل الجهات، صادرت سلطات الاحتلال مئات الدونمات من أراضيها لصالح شق شوارع استيطانية تقطع أوصالها، وتعزلها عن محيطها.
ومؤخرًا، أخطرت بلدية الاحتلال بالقدس بهدم القبة الذهبية بالمسجد القائم في شارع التوحيد بالبلدة، بعدما جرى ترميمه.
وقالت القناة العبرية السابعة إن جمعية "إن شئت" اليمينية المتطرفة، ومعها منظمات يمينية أخرى، توجهت إلى بلدية الاحتلال في القدس، للمطالبة بـ"هدم القبة فورًا، حتى لا تصبح المنطقة حرمًا شريفًا، ولا تصبح القدس كمكة المكرمة".
وزعمت أن بناء قبة ذهبية فوق المسجد في بيت صفافا، مشابهة لقبة الصخرة المشرفة هي "محاولة من جانب الفلسطينيين لإظهار البلدة كجزء من مجمع مقدس في القدس، بحيث يحرم على الإسرائيليين أيضًا دخول البلدة".
ولفتت إلى أن الفلسطينيين يطلقون على المسجد الأقصى "الحرم الشريف"، و"كثيرون لا يفهمون ماذا يعني هذا الاسم، وما الذي يحاول العرب تحقيقه في القدس".
وادعت أن "المسلمين، ممثلين بالشيخين رائد صلاح وعكرمة صبري، يريدون جعل القدس كمكة والمدينة المنورة، من حيث القداسة، حيث لا يسمح لغير المسلمين بالدخول إليها".
أطماع الاحتلال
يقول مختار بيت صفافا محمد عليان لوكالة "صفا" إن "مستوطنين متطرفين وجهوا قبل نحو أسبوعين رسالة لبلدية الاحتلال يطالبون فيها بإزالة وهدم القبة الذهبية لمسجد الرحمن، بادعاء أنها تشبه قبة الصخرة المشرفة، وأنها تشكل خطرًا في موقعها ومكانها، وأن عملية ترميمه لم ترق لهؤلاء المستوطنين بعدما قدموا شكاوى بذلك".
ويضيف أن الأهالي والمخاتير ووجهاء البلدة توجهوا مباشرة لوسائل الإعلام ولبلدية الاحتلال وكافة المسؤولين المعنيين، ورفعنا كتب أكدنا فيها رفضنا لعملية هدم القبة، خاصة أن المسجد قائم قبل نحو 100 عام، أي قبل قيام "دولة إسرائيل".
وعلى مدار أربع سنوات ماضية، أجرت لجنة المساجد في بيت صفافا أعمال ترميم لمسجد الرحمن، وتم توسعته وبناء إضافات له، وهذا المشهد لم يرق للمستوطنين الذين يحاولون بين الفينة والأخرى هدمها.
ويتابع عليان "حاولنا استصدار تراخيص للمسجد، إلا أن بلدية الاحتلال تضع العقبات والعراقيل أمام ذلك، لذلك استمرينا على مدار سنوات وبتطوع وتبرع من أهالي بيت صفافا بإجراء عمليات ترميم للمسجد، حفاظًا على مساجد البلدة، ومدينة القدس بشكل عام".
ونظرًا لأن بيت صفافا محاصرة بالمستوطنات من جميع الجهات، وتقع في مرمى عين الاحتلال ومستوطنيه، لذلك فإن الأطماع الاستيطانية لتغيير معالم البلدة بكاملها ما تزال قائمة.
ولا يزال الاحتلال يعمل على تطويق البلدة ومحاصرتها بمستوطنات جديدة، أبرزها مخطط لإقامة مستوطنة "غفعات همتوس" في أراض معظمها صادرها من سكانها.
خط أحمر
ويوضح عليان أن ادعاءات المستوطنين كلها باطلة ولا أساس لها من الصحة، وعملنا على دحضها، لأن هدفها التشويه والتحريض فقط، مبينًا أن قبة المسجد عادية مبينة من المعدن ومطلية بلون الذهب فقط.
ويشدد على أن" مسجد الرحمن بيت من بيوت الله مفتوحًا للصلاة والعبادة، وليس له أي أهداف أخرى، ولن يكون بديلًا عن المسجد الأقصى الذي سيبقى شامخًا إلى يوم الدين في بيت المقدس".
ويؤكد قائلًا "سنحافظ على مساجدنا ومقدساتنا وسنواصل إعمارها، وسندافع عنها بكل ما نستطيع ونملك، ولن نسمح للاحتلال ولا مستوطنيه بتدنيسها أو هدم قبة مسجد الرحمن، باعتبارها أماكن مقدسة، وخط أحمر".
صمود وثبات
وحاليًا تتعرض بلدة بيت صفافا لهجمة استيطانية واسعة، إذ تخطط بلدية الاحتلال لإقامة حي استيطاني في البلدة على مساحة 38 دونمًا من أراضيها يتضمن إقامة 473 وحدة استيطانية.
ويبين عليان أن سلطات الاحتلال قسمت البلدة وعزلتها بالمستوطنات، حتى أصبحت مجرد "كنتونات صغيرة"، ولا تزال تعمل على محاصرتها عبر الإعلان عن إقامة مستوطنة جديدة على أراضيها.
ويشدد على أنه رغم التهديد بالهدم ومواصلة الاستيطان، إلا أننا سنظل صامدين في أرضنا في مواجهة عنصرية الاحتلال ومحاولاته لهدم بيوتنا ومساجدنا.