رام الله - خـاص صفا
يعتبر العام 2021، الأسوأ والأصعب على الفلسطينيين في ظل ما شهده من تصاعد غير مسبوق في وتيرة الاستيطان وتوسيع المستوطنات، وزيادة عنف المستوطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ليصل إلى مستويات قياسية مقارنةً بالأعوام الـ20 الأخيرة.
واستغلت "إسرائيل" الصمت الدولي وتهافت بعض الدول العربية نحو التطبيع معها، لأجل إقرار كبرى المشاريع الاستيطانية، خاصة في مدينة القدس المحتلة؛ تمهيدًا لفصلها عن محيطها الفلسطيني وتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديمغرافي، وأيضًا تحويل المدن الفلسطينية إلى كيانات منفصلة.
وتشير بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية، إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة والقدس.
تصاعد كبير
الخبير في شؤون الاستيطان، مدير مركز أبحاث الأراضي جمال العملة يقول إنّ العام 2021 شهد تصاعدًا كبيرًا وغير مسبوق في وتيرة الاستيطان وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية.
ويوضح العملة، في حديثه لوكالة "صفا"، أنّ الاحتلال أقدم على توسيع 50 مستوطنة، وإضافة 15 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة، مبينًا أن أكثر المحافظات التي شهدت تكثيفًا للاستيطان خلال هذا العام هي سلفيت ونابلس ورام الله.
ويضيف بأنّ "إسرائيل" صادقت على مخططات استيطانية جديدة خلال 2021، كان أبرزها في مدينة القدس، ثم رام الله ونابلس وسلفيت، وتم إنشاء 19 طريقًا استيطانيًا جديدًا بطول حوالي 11 كيلو متر.
وخلال العام 2021، أعلنت حكومة الاحتلال عن 100 مخطط استيطاني لخدمة حوالي 53 مستوطنة في مناطق الضفة، كما جرى مصادرة حوالي 10 آلاف دونم لصالح الاستيطان.
ويعود ارتفاع الاستيطان هذا العام-وفقًا للعملة- لتحقيق أهداف المشروع الصهيوني الاستيطاني بالاستيلاء على الأرض الفلسطينية وطرد الفلسطينيين وحصرهم في "غيتوهات مغلقة"، لجلب المستوطنين إلى الأراضي الفلسطينية ضمن مشروع استعماري إحلالي.
ويبيّن أنّ "إسرائيل" تستغل كل الظروف المتاحة لأجل توسيع استيطانها وتنفيذ مخططاتها، في ظل عدم وجود أي ضغط حقيقي لا من الإدارة الأمريكية ولا دول العالم لأجل وقفه، كما أنها تُنافس الفلسطينيين على المنطقة (ج) لفرض أمر واقع على الأرض.
وما ساعد أيضًا على تكثيف الاستيطان عدم ترجمة كل القرارات الدولية والأممية المطالبة بوقفه إلى خطوات عملية على أرض الواقع، وعدم فرض عقوبات على الاحتلال ولا حتى مقاطعته. كما يوضح العملة
ومن أخطر المشاريع التي تم إقرارها خلال عام 2021، مشروع "مطار قلنديا-عطروت"، لإقامة 9000 وحدة استيطانية، لكن في حال تحويله إلى مستوطنة، فإن ذلك سيكون كارثة على الفلسطينيين.
ويتابع الخبير في شؤون الاستيطان أنّ "الأخطر كذلك الطرق الالتفافية المنتشرة في الضفة، والتي تُثبت أن الاستيطان أصبح دولة، فهناك طرق استراتيجية ضخمة تربط ما بين المستوطنات والتكتلات الاستيطانية الضخمة وتربطها بالداخل الفلسطيني المحتل".
وعن توقعاته للعام 2022، يقول العملة إنّه سيشهد مزيدًا من الاستيطان وربط المستوطنات، والتحضير لمخططات لإقامة سكك حديدية وقطارات لخدمة المستوطنين وفصلهم عن الفلسطينيين.
وأخطر أنواع الاستيطان في الضفة هو الاستيطان الديني الذي تعمل حكومة بينيت المتطرفة على تكثيفه، من خلال بناء المقابر والكنس والمعابد اليهودية في أكثر من 30 مستوطنة وبؤرة استيطانية، خصص لها 6 مليون و250 ألف شيكل بشكل أولي.
الاستيطان في القدس
وبالنسبة للاستيطان في مدينة القدس، يوضح الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب أن "إسرائيل" صرفت 3.5 مليار دولار على الاستيطان والتهويد في المدينة المحتلّة خلال العام 2021.
ويضيف أبو دياب، في حديثه لوكالة "صفا"، بأن حكومة الاحتلال صادرت خلال هذا العام 14 ألف و800 دونم من أراضي المدينة لصالح مشاريعها الاستيطانية والتهويدية.
وصادقت بلدية الاحتلال و"اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم" على 18 ألف و240 وحدة استيطانية في المدينة، شملت "مطار قلنديا، جفعات همتوس، بيت صفافا، التلة الفرنسية، العيسوية، صور باهر، إم طوبا، جبل المكبر، الولجة، شعفاط، بيت حنينا، جبل المشارف وكرم المفتي".
ويشير إلى أنّ الاحتلال أقر خلال العام 2021، 9 مشاريع تهويدية في محيط المسجد الأقصى، بالإضافة إلى حفرية نفقين، أحدهما يبدأ من عين سلوان باتجاه باب المغاربة وحائط البراق بالأقصى، وآخر من منطقة القصور الأموية.
ويصف أبو دياب هذا العام بالكارثي والأصعب على مدينة القدس منذ عام 1967، من ناحية تضاعف وتيرة الاستيطان والهدم والسيطرة على الأراضي، وتصفية الوجود الفلسطيني.
هجوم منظم
ويعتبر العام 2021 من أسوأ وأشد الأعوام شراسة وعنفًا في زيادة اعتداءات المستوطنين والمشاريع الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، كما يقول مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس لوكالة "صفا".
ويوضح أن وتيرة الاستيطان واعتداءات المستوطنين زادت حدتها بشكل كبير عن الأعوام السابقة، إذ بلغت حوالي 160%، بالإضافة إلى ارتفاع الاعتداءات الجسدية بحجة القتل، والتي أدت لاستشهاد ثلاثة فلسطينيين في الضفة الغربية.
ويشير إلى أنّ هذه الاعتداءات تمت بحماية من جيش الاحتلال، ناهيك عن ارتفاع اعتداءات المستوطنين خلال موسم الزيتون، عدا عن المشاريع الاستيطانية والطرق الالتفافية، والتي زادت بشكل غير مسبوق، وربط المستوطنات بعضها ببعض.
وبحسب دغلس، فإن كل المشاريع الاستيطانية التي كانت حبيسة الأدراج منذ العام 2012، ولغاية 2021، تم المصادقة عليها والبدء بتنفيذها، ما يدلل على أن "إسرائيل غير معنية بالسلام".
وشهد العام 2021، عمليات هجوم منظمة من قبل مئات المستوطنين، ما يشكل خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين، وقد يمهد لارتكاب مجازر بحقهم في الضفة، بالإضافة إلى تشكيل قوة يهودية تضم 20 ألف مستوطن.
ويبيّن دغلس أنّ هذا العام كشف ضعف العالم والمنظومة العالمية بحماية الشعب الفلسطيني، وكل المؤسسات الدولية، بما فيها مجلس حقوق الإنسان، ومجلس الامن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ما زاد من طغيان "إسرائيل" وغطرستها الاستيطانية.
ع و/ر ش