القدس المحتلة - خاص صفا
رغم صُدور الأمم المتحدة بأجهزتها المختلفة عشرات القرارات بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة وإجراءاتها الرامية إلى تهويديها وتغيير طابعها، إلا أن هذه القرارات بقيت حبرًا على ورق، بسبب عدم انصياع "إسرائيل" لها، والالتزام بتنفيذها على أرض الواقع.
وكان آخر هذه القرارات، تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس، على قرارين متعلقين بالقضية الفلسطينية، أحدها يتعلق بمدينة القدس.
ويؤكد القرار الذي صوت لصالحه 129 عضوًا، وعارضه 11، وامتنع عن التصويت 31 عضوًا، أن أي إجراءات تُتخذ لتغيير طابع المدينة "لاغية وباطلة ويجب وقفها"، وأن أي حل دائم للمدينة المقدسة يجب أن يراعي "حقوق الطرفين" وحرية العبادة للأديان السماوية الثلاثة.
ويحث هذا القرار الذي قدمت مشروعه مصر أيضًا، على وقف التحريض خاصة في المواقع ذات الحساسية الدينية مع ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس.
قرارات غير ملزمة
الباحث والمختص في شؤون القدس محمد هلسة يرى أن "إسرائيل" لا تقيم وزنًا لأي قرارات دولية سواء كانت صادرة عن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي، وغيرها من الهيئات الدولية، كونها تتعامل على أنها فوق القانون.
ويوضح هلسة في حديثه لوكالة "صفا"، أن ما يشجع "إسرائيل" على ذلك، الغطاء الذي تُوفره لها الدول الاستعمارية الكبرى المتحالفة معها، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعهدت باستمرار رعايتها ودعمها للغطرسة والممارسات الاحتلالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس.
ويعتبر أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار بشأن القدس يبقى مجرد حبر على ورق، طالما أن هذه القرارات لم تُنفذ على أرض الواقع، ولم تلتزم بها سلطات الاحتلال.
ويضيف أن "إسرائيل تستمر في إدارة الظهر لكافة القرارات الدولية، لأن لا أحد يُحاسبها على جرائمها وممارساتها بحق الشعب الفلسطيني، كما يحدث في دول العالم".
وبحسبه، فإن بعض القرارات الأممية والدولية تأتي خجولة ولا تحمل صفة الإلزام، كما أنها تحظى برعاية دول كبرى تملك حق النقض "الفيتو"، وتُوفر الحماية للاحتلال من صدور أي قرار يدينها أو ينتقد إجراءاتها.
وتطبيق القرارات الأممية والدولية على الأرض –وفقًا للباحث هلسة- يحتاج إلى إرادة حقيقية من المجتمع الدولي، وقوة نافذة تكون ملزمة للاحتلال، وتفرض مصالحها، وتحديدًا العرب، وتُغير مواقفها اتجاه "إسرائيل".
ويشدد هلسة على ضرورة أن تكون مصالح الفلسطينيين والعرب معًا حاضرة في الهيئات الدولية، بما يحقق تغييرًا جوهريًا في التعاطي مع "إسرائيل".
آليات حقيقية
وفي حديثه لوكالة "صفا"، يقول المختص في شؤون القدس خالد زبارقة إن قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية أصبحت لا تُساوي الحبر الذي كُتبت به، ومنذ صدورها في العام 1947، وحتى يومنا هذا، لم يتغير أي شيء على أرض الواقع لصالح الفلسطينيين.
ويضيف أن "إسرائيل" استغلت الصمت الدولي وعدم اتخاذ إجراءات فعلية لإجبارها على تنفيذ القرارات الدولية والإذعان إليها، كغطاء لممارسة مزيد من الاستيطان والتهويد والسيطرة وفرض وقائع جديدة على الأرض في مدينة القدس.
ويشير إلى أنه بدون تفعيل البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يقضي باستعمال القوة لتنفيذ هذه القرارات، وبدون وجود آلية مجدية وملزمة، فإن هذه القرارات لا قيمة لها سوى على المستوى الدولي العام، لكن على أرض الواقع فهي غير مجدية.
وينص الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على ممارسة الضغوط على بلد لإجباره على الالتزام بالأهداف التي حددها مجلس الأمن، قبل أن يتم تطبيق إجراءات قسرية، وعلى اتخاذ "إجراءات قسرية" في حال كان السلام مهددًا، تتراوح بين العقوبات الاقتصادية واللجوء إلى القوة.
ويطالب زبارقة الأسرة الدولية باتخاذ إجراءات صارمة لإجبار "إسرائيل" على الالتزام بما صُدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن من قرارات بشأن القدس.
ويؤكد أن هناك الكثير من الأدوات التي تستطيع الأسرة الدولية القيام بها لإجبار الاحتلال على تنفيذ قراراتها، لكن هناك غياب لأي إرادة حقيقية لوضع هذه القرارات قيد التنفيذ.
ولذلك أصبح التعويل في الحفاظ على مدينة القدس وحمايتها من الإجراءات الاحتلالية يرتكز على المقدسيين والفلسطينيين الذين يُؤدون واجبهم الكامل في الدفاع عن المدينة ومقدساتها. وفق زبارقة
ويعتبر أن عدم تنفيذ القرارات تشكل "نقطة سوداء في جبين الأسرة الدولية، وتشجيعًا على الفوضى وعدم الالتزام بالشرعية الدولية".
ويقول المختص في شؤون القدس: إن "أقل القليل الذي يمكن أن تفعله الأمم المتحدة هو إعلان مقاطعتها لإسرائيل حتى تجبرها على تنفيذ قراراتها".
ويضيف "لكن واضح أن المسألة تتعلق بكثير من الاعتبارات منها المصالح التي تحكم الدول والأنظمة، والنفوذ السياسي للمشروع الصهيوني العالمي والأمريكي في المجتمع الدولي، والذي يلقي بظلاله على أي قرار يتعلق بإسرائيل".
وكان وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، أكد أهمية تصويت الدول على قرار القدس في هذا الوقت بالذات الذي تتعرض فيه المدينة الى محاولات التهويد، وسرقة الأرض، ومحاولات الترحيل القسري لأبناء شعبنا هناك لتزوير التراث والتاريخ.
وأضاف ان مدينة القدس كانت وستبقى جزءًا أساسًا من أرض دولة فلسطين وعاصمتها الأبدية، وأن القيادة الفلسطينية غير خاضعة للابتزاز، وستعمل كل ما لديها من امكانيات وبالدبلوماسية الفلسطينية للحفاظ على القدس بمقدساتها ومكانتها.
ط ع/ر ش